من أهل الدار
تاريخ التسجيل: October-2013
الجنس: ذكر
المشاركات: 82,149 المواضيع: 78,848
مزاجي: الحمد لله
موبايلي: samsung j 7
آخر نشاط: منذ 3 ساعات
أداء متألق لقطاع السيارات الكهربائية الصيني لكنه لا يعوض أزمة العقارات
أداء متألق لقطاع السيارات الكهربائية الصيني لكنه لا يعوض أزمة العقارات
المصدر: جوي ليهي
احتفت الصين، الأسبوع الماضي، ببرنامجها الهائل للبنية التحتية، بقيمته التي تقدر بتريليون دولار، خلال منتدى الحزام والطريق، الذي وجهت بشأنه دعوات لقادة ومسؤولين تنفيذيين أجانب، للمشاركة في «التنمية عالية الجودة» في الصين.
ويُعد هذا واحداً من بين الشعارات المفضلة للرئيس شي جين بينغ، لكن تعريف المصطلح يشوبه الغموض، لكن ربما تكون قطاعات ضئيلة هي التي تلخص طموحها الأساسي على نحو أفضل من صناعات التكنولوجيا الخضراء، خاصة شركات تصنيع السيارات الكهربائية، حيث لم تصبح الصين رائدة في مجال السيارات الكهربائية بعلاماتها التجارية والتكنولوجيا المتقدمة فحسب، بل هي أيضاً تزيد من صادراتها على نحو سريع.
وفي حين أن قليلين قد يجادلون بشأن السعي وراء الصناعات عالية الجودة في الصين، يظل السؤال الأوسع، الذي يواجه بكين عما إذا كان إيلاء الأولوية لهذه القطاعات في الوقت الراهن هو الحل الأفضل للأزمة الأكثر إلحاحاً في البلاد، المتمثلة في النمو الاقتصادي المتباطئ المدفوع بركود عقاري عميق ومستدام.
والأمر المحوري هنا هو ما إذا كانت القطاعات الجديدة، مثل السيارات الكهربائية، بإمكانها توليد القدر ذاته من فرص العمل والنمو الاقتصادي، مثل قطاع العقارات، الذي كان عملاقاً في مرحلة ما سابقة.
وفي أوج قوته منذ ثلاثة أعوام، قبل الحملة الحكومية على الديون، والتي أدت إلى تخلف مطورين عقاريين عن سداد التزاماتهم، شكل قطاع العقارات قرابة 30 % من الاقتصاد الصيني، ما تبدو أمامه حصة إنتاج السيارات الكهربائية في الاقتصاد أصغر كثيراً، حيث إنها دون الـ 10 %، لكن ترى ماغي وي، وزينكوان شين، المحللان لدى «غولدمان ساكس»، في تقرير جديد، أن كل يوان من «الطلب النهائي» في إنتاج «مركبات الطاقة الجديدة» لم ينتج سوى قيمة مضافة محلية هامشية للاقتصاد مقارنة بقطاع تشييد العقارات السكنية.
وبدمج إنتاج السيارات الكهربائية مع البطاريات لاستخدامات أخرى، وكذلك الاستثمار في توليد الطاقة من الرياح والشمس، يمكن لهذه «الصناعات الثلاث» بمرور الوقت أن تعوّض جزئياً الضعف طويل الأجل، الذي يعتري قطاع العقارات، ولكن حتى مع نموها على نحو أكبر ذكر التقرير أنه سيظل هناك صافي تأثير سلبي يبلغ متوسطه 0.5 نقطة مئوية على نمو الناتج المحلي الإجمالي الصيني على مدى 5 أعوام حتى عام 2027، بسبب ضعف قطاع العقارات.
وسيتضاءل هذا التأثير في 2027، وهي مرحلة قد تشهد زيادة إنتاج السيارات الكهربائية إلى نحو 18 مليون وحدة، مقارنة بـ 6.7 ملايين وحدة في العام الماضي، وستشكل حينها السيارات الكهربائية نحو 60 % من إجمالي إنتاج السيارات، من قرابة 29% في 2022.
وسيتوقف الكثير على استعداد المستهلكين الصينيين للإنفاق، وسينمو الإنتاج بنسبة 2 % سنوياً في سيناريو للنمو المنخفض، وسيكون مدفوعاً بالصادرات بصورة رئيسية، أما في سيناريو النمو المرتفع فسيستبدل المستهلكون الصينيون أكثر من سيارة كهربائية واحدة، لتحل محل سياراتهم ذات محرك الاحتراق الداخلي، لكن ما يعقد آفاق الاستهلاك الأعلى هو أن الصناعات الخضراء الجديدة تنتج عدداً أقل من الوظائف، فقد أشار تحليل «غولدمان ساكس» إلى فقدان قطاعات العقارات والسيارات ذات محرك الاحتراق الداخلي، و«الثلاثة الجدد» مجتمعة صافي 3 ملايين وظيفة بالمناطق الحضرية في العام المقبل، وسيعوّض النمو في القطاعات «الثلاثة الجدد» قرابة نصف الست ملايين وظيفة المفقودة بقطاعي العقارات وصناعات السيارات ذات محرك الاحتراق الداخلي.
وهنا يكمن التحدي الذي يواجه الصين، فبينما تحتفي الحكومة بالصناعات المتقدمة، معتبرة إياها المستقبل، وعلى وجه الخصوص في وقت تواجه فيه تحديات جيوسياسية من ناحية الولايات المتحدة، فإن هذه القطاعات لا توظف الكثيرين بصفة عامة.
وفي الوقت ذاته وضعت الأسر نحو 80 % من ثرواتها في قطاع العقارات قبل أزمته الشديدة، وتراقب الأسر هذا الانكماش، في ظل انخفاض أسعار المنازل من جديد في سبتمبر رغم التدابير الحكومية الداعمة، وقال تينغ لو، كبير الاقتصاديين المختصين بالشأن الصيني لدى «نومورا»: «من المبكر للغاية القول: إن قطاع العقارات وصل إلى قاع الأزمة».
سيواصل الاقتصاد معاناته لحين إيجاد الحكومة طريقة لاستعادة الثقة بين ملاك المنازل، وكذلك بين أرباب العمل ورواد الأعمال، والأسوأ من ذلك من وجهة نظر الحكومة أنه سيكون هناك عدد أقل من الأشخاص الراغبين في شراء المنتجات الباهظة للصناعات الجديدة عالية الجودة بالصين، في وقت توصد فيه الدول المتقدمة أبوابها أمام هذه المنتجات.
ذكر العديد من الاقتصاديين أن بكين عليها فعل ما هو أكثر من مجرد فرض الاستقرار في سوق العقارات، إذا كانت ترغب حقاً في أن يشعر الناس بما يكفي من الأمان لإخراج ما في جعبتهم من مدخرات، وليعودوا إلى الإنفاق من جديد، كما تحتاج الصين لتنفيذ إصلاحات أكثر عمقاً، كتوفير رعاية اجتماعية أفضل وصحية ذات جودة عالية.
من المؤكد أن هذه الإصلاحات الهيكلية صعبة، لكن المضي قدماً في القيام بها سيجلب ما تصفه وسائل الإعلام، التي تديرها الدولة «الاستهلاك عالي الجودة».