بنجيكم زيارة نشوف بنتكم لولدنا
جرت العادة المتبعة في مجتمعنا -وهي مستهجنة- أن تقوم أم الولد وأخواته بزيارة لأهل البنت المعنية بالخطوبة للاطلاع عليها. وعند حضورهن يقمن باستعراض شكلها الخارجي وجهها طولي، دائري. العين سوداء، عسلية، خضراء، بها حول، سليمة. شعرها مرسل أشقر، مقبوض {باللهجة المحلية عند النساء خوصي أو عقبي} الجسم طويل، قصير، نحيف، ثخين، قوام الصدر، الأسنان إن كانت بارزة، لون البشرة أسمر، أبيض، حنطي، والبحث جارٍ فيما بقي {وكأن ابنهم يوسف الصديق جمالًا وكمالًا تنقصه النبوة} من دون أن يُعنى البعض بما هو أهم مِن هذه الأوصاف العفة، العقل، الأخلاق، الثقافة، الالتزام الديني.
فإن أعجبن بها مظهرًا قبلت وإلا فلا. وقد تتكرر هذه من غيرهن ثانية وثالثة والنتيجة واحدة. يا أبناء مجتمعي هذه إنسانة لها أحاسيس ومشاعر عاطفتها جياشة للزواج يحدوها الأمل فرحة بالموافقة عليها، وهذا الأسلوب له سلبياته النفسية كتحطيم معنوياتها ويأس لما تأمل حال رُفضت {ربما تملك الكثير من الجمال والمقومات الزوجية الأخرى ولكن تقييم الغير مختلف والنصيب لم يحالف} كذلك إساءة لسمعتها عند سؤال الآخرين عنها لخطبتها لانعكاس الرفض ما يعني تأكيدًا بسبب عيوب فيها -وهي ليست كذلك- من هنا ولهذا السبب علينا الابتعاد عن هذه الطريقة التقليدية العمياء بتركها لما هو متاح وأفضل وممكن وبسهولة من أبرزها رؤيتها في المناسبات الخاصة والعامة في الأفراح والأتراح في المدرسة والجامعة حال الأسفار والأعمال وفي الأسواق من غير أن تلتفت لأنها مقصودة حتى لا تشعر بالنقص وتخيب الظنون لديها إن لم يُوافق عليها.. وفي هذه ثلاث ميزات عن سابقتها:- أولًا: رفع الحرج عنها وحفظ كيانها مما ينتج من نظرة المجتمع عامة لها بالإهانة واللمز من أقربائها وصديقاتها.
ثانيًا: كشفها على حقيقتها خصوصًا ما يتعلق بالعفة لأنها في بيتها لا تُظهر ذلك.
ثالثًا: معرفة من ترافق وإلى أين تذهب وسلوكياتها من دون تكلف.
بعدها تكون الزيارة للخطبة لا للرؤية وكما هو شرعًا من حقها وحق خاطبها رؤية بعضهما ثم الحديث حول ما يعنيهما من الصفات المعنوية وغيرها ثم يقرران بعدها ما اتفقا عليه أو الرفض وعليهما ألا يعطيا الجمال العلامة الكاملة ويتركا الجوانب المهمة لحياتهما باعتبارها غير لازمة وفي الحقيقة لها النصيب الأكبر كما بينا سلفًا "مَن يقول قد لا يوافق الخاطب أيضًا عند رؤيتها بهذا الوصف نقول ومن يضمن موافقته بعد زيارة ذويه لبيتها أو هي توافق، في كلتا الحالتين لا زال الخيار قائمًا بينهما" كم خطبة تمت وشرط أفسد إكمالها! كم عقد لم يصل بطرفيه إلى الدخول! كم زواج لم يحل حوله! أتمنى أن نتخلص من الأولى وألا يقبل الفتيات وأولياء الأمور بها ونكتفي بالثانية.