الغشاشون!
هل تشعر بالهضِيمة إذا غشك أحد؟ بعد أكثر من ستين سنة مرت مواقف كثيرة شعرتُ فيها بأنه حتى الذكي والمتعلم يمكن أن يصطاده محتال! أغلبنا تمر عليه مواقف كثيرة؛ يشتري سيارة مستعملة على أنها جيّدة فإذا بها خردة. يستأجر عاملًا على أنه فنيّ فإذا به لا يعرف من الحرفةِ شيئًا والأدهى أنه يبني بيتًا فإذا البيت فيه ألف عيب! أشعر بالخجل والغباء عندما يغشني أحد في حاجة صغيرة ولا أخبر إلا القليل من المعارف عندما تكون حالة النصب معتبرة.
تطورت وتعقدت أساليب الاحتيال الإلكتروني وغيره فلم يعد المرء يثق إلا في القليل من الناس. ليس عيبًا أن يصطادني شخص لأنني وثقتُ به إنما العيب أنه غشني وصار ينتمي إلى قائمة العار. الأصل في الناس الثقة والأمانة وإن لزم الحذر! لماذا يخدعونا؟ ببساطة لأننا طيبون ولم نعرف الحيل والغشّ وهم أساتذة ولديهم تجارب في الغشّ والخداع؟ إذًا هم الخبثاء الغشاشون المخادعون لهم نار جهنم وليس للأمناء الطيبين!
الأصل عدم الغش وعلى ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وآله لرجلٍ يبيع التمر: "يا فلان أما علمت أنه ليس من المسلمين من غشهم". في هذه الأيام تكثر السلع التي تظن أنها جيدة ثم تعرف أنها رديئة! علمتني التجارب في الحياة أشياء كثيرة في التعامل مع الغشاشين منها:
ما ضاع حق وراءه طالب! لا تسكت على ضياع حقك بل تعلم كيف تطالب به بالأساليب الحقة دون ظلم. من غشك مرة يغشك مرتين وثلاث. ضربة واحدة تكفي أن تفقد ثقتك في غشاش "لا يلسع المؤمن من جحر مرتين". لذلك تخدعني مرة، عار عليك، تخدعني مرتين، عار علي! ثم لا شيء بالمجان، إذا كان الربح لا يصدق فهو لا يصدق. لن أربح الملايين لأن فلانًا وعدني بها. لو كان كلامه صحيحًا لاستثمرَ فيها بيته وسيارته وحذاءه وكل ما يملك!
ما يثير القلق هو أن بعضنا غالبًا ما يشعر بالحماقة أو يشعر بالإحباط بعد تعرضه للاحتيال. ونتيجة لذلك، قد لا يرغب في مشاركة ما حدث له، بسبب مشاعر الخجل. وبالتالي فإن الكثيرين يكتمون ما حدث ويستمر الغشاشون في غشهم. ولكن كما هو الحال مع أي صدمة، نحتاج إلى التحدث عنها مع غيرنا لأن عمليات الاحتيال تؤثر على الأشخاص من جميع مناحي الحياة. وربما الحديث عن عمليات الاحتيال في العلن ينبه الآخرين عن أن يقعوا فيها.
أما الغشاش فإليه هذه النصيحة: درهم من حلال يجعل الله فيه البركة ويصر جبلا من ذهب. أموال الحرام - وإن كبرت - مثل فقاعة زبد يقذفها السيل وتتفرق ويبقى إثمها. ما هو إحساسك عندما تركب سيارة فخمة من الحرام؟ تنام في بيت فخم من الحرام؟ ما هو شعورك عندما ترى طفلك - البريء - يأكل من مالٍ حرام؟
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لاڤندر
