في يوم من الايام كان هناك خباز له ابنه غاية في الجمال، تقدم الي خطبتها العديد من النبلاء والاثرياء، إلا انها لم تشعر ابداً بالقبول تجاه اي شخص، واخيراً جاء ثلاثة من قطاع الطرق الي بيت الخباز متخفيين في شكل نبلاء واقاموا وليمة كبيرة دعوا اليها الخباز وابنته، فجاءا معاً اكل الخباز وشرب عن طيب خاطر إلا ان ابنته لم تذق شيئاً ابداً، فقد احتقرت الزائرين ولم تشعر بالرضا نحوهم، اجتماع قطاع الطرق الثلاثة مع زعيمهم وقالوا : ماذا نفعل بهذه الفتاة ؟ انها ترفض الاكل والشرب ولا تهتم لأحد علي الاطلاق .
انطلق عشرة من اللصوص الي منزل الخباز وكان في هذا اليوم الخباز قد غادر المنزل والفتاة بمفردها، حفر قطاع الطرق ثقباً في غرفة النوم حتي يدخلوا منه الي البيت، فلما شعرت به الفتاة حملت سيفاً ووقفت جوار الثقب الذي صعدوا منه وهي خائفةً، وقتلت اثنين من اللصوص فلما سأل الثمانية الباقون رفيقهما ماذا يفعلان قلدت صوتهما قائلة : نتعاون علي حمل المال فمن الصعب علي احدنا ان يحمله بمفرده .
استمر اللصوص في الصعود من الثقب، واخذت الفتاة تقتل واحد تلو الاخر حتي قتلت منهم سبعة وجرت اجسادهم داخل الحجرة، سأل الثلاثة الباقون ماذا تفعلون بالداخل ؟ اجابت الفتاة من جديد وهي تقلد صوتهم، انهما يساعدونني علي حمل اللحم فأنا لا يمكنني ان احمله بمفردي، واذا لم تصدقوني ها هي قطعة منه فتذوقوها .
القت الفتاة لهم قطعة من اللحم فأكلوها واعجبتهم كثيراً فاندفه الثامن والتاسع من الثقب الي الحجرة، فقطعت رأسهما ايضاً ، لم يتبقي من اللصوص الا واحد، شك بالامر فنادي علي الباقيين قائلاً : هل انتم بخير ؟ ردت الفتاة مقلدة صوت قطاع الطرق : نعم تعالي ادخل وانضم معنا الي الوليمة، إلا ان قاطع الطريق الاخير لم يشعر بالامان، فدفع برأسه قليلاً داخل الثقب ليكتشف حقيقة الامر، هنا حاولت الفتاة قطع رأسه إلا انها لم تستطع .
قال لها اللص : يا لكي من ماكرة قد قتلتي اخوتي وعاد الي منزله مسرعاً، في اليوم التالي اخبرت الفتاة والدها عما حدث فلم يصدقها الخبار ، قالت له اذا لم تصدقني يا ابي سوف اريك اياهم في حجرة النوم، دخل الاب واندهش من رؤية التسعة رجال مقطوعي الرؤؤس فذهب الي المدينة وحكي الي الفلاحين والاسياد ما فعلته ابنته، إلا ان كل من سمع القصة شعر بالدهشة والحيرة من ذكاء وجرءة ابنة الخباز .
مرت سنة كاملة علي هذه الحادثة، وفي يوم جاء الي المدينة رجل غي جداً وتقدم لخطبة ابنة الخباز واعطي ابيها مئة قطعة ذهبية كمهر لها، وافق الاب واقنع ابنته لتذهب لرؤيته، وبالفعل تم الزواج وعاشوا في مدينة اخري، وفي يوم سألته زوجته عن الجزء المقطوع من رأسه، فأخبرها انه قد ادخل رأسه في يوم الي ثقب حجرة النوم الخاصة بأحدي الفتايات فقطعت جزء من رأسه بسيفها، هنا تذكرت الفتاة هذا اليوم وعرفت انها المقصودة فترجته الا يقتلها، فقال لها لكي الامان لا تخافي لقد امرني الزعيم أن اقتلك في اول يوم من زواجنا ولكنني احببتك ولم استطع ذلك، وعندما علم الزعيم بأمرنا ارسل جنوده لقتلنا، فقالت له ابنة الخباز اذا هيا لنهرب ونعيش في بلدة بعيدة لا يستطيع احد الوصول إلينا فيها، فوافق زوجها وهربا معاً .
وبينما كانا يجمعون اغراضه جاء اللصوص ليقتلوهما ولكن اللص اخفي زوجته في حفرة ووضع عليها لوح خشبي وسجادة ، دخل اللصوص وسألوه عنها فقال له : لقد قتلتها منذ اسبوع واذا لم تصدقونني تعالوا معي لأريكم مكان جثتها، وعندما ذهبوا خرجت ابنة الخباز من الحفرة وعادت سالمة الي منزل ابيها، اما الزوج فقد علم اللصوص انه يكذب ليهرب زوجته فقتلوه .
عادت الفتاة الي منزل ابيها وهي حامل فأنجبت له طفل جميل ولم تتزوج مرة اخري بل عاشت علي ذكري زوجها الذي ضحي بنفسه من اجلها .
المرأة تضحي باشياء كثيرة من اجل حبيبها، اما الرجل اذا احب بصدق فقد يضحي بحياته من اجل حبيبته .