عزيزي غير المتواجد إلا في رأسي ..
أستيقظت متعبة مسبقاً لما يضمُّ هذا اليوم .. وكالعادة اضع بعض الأغاني صباحاً تحت لساني وأنا أرتدي ثيابي وأقنعتي لأخفي الكدمات الوردية التي تركتها أصابعك تحت قلبي ..
يوم طويل وراكد وممتلئ بالأمطار الرمادية
نفضت عن يدي دموع واحدةٍ وعن كتفي دموع أخرى
وضعت الزهرة التي قطفتها لي إحداهن على الطاولةكانت ميتةً في الأصل ولا داعي لوضعها في إناء ..
أستيقظت بعدها على صوت الهاتف .. أنقذني أحدهم من كابوس مرٍّ، شكرته وفكرت بنبؤةِ ما رأيت قد كان واضحاً ولذلك دسَّ الرعب في نفسي ..
سمعت صراخ فرح وركضت .. جاءت دهشة البيت !
تركض وتضحك دسستُ الحلوى بكلتا يديها ودسستْ هي الحبّ فيَّ ..
طلبت مني أن أكون صاحبة الشرف في مساعدتها بارتداء ثياب النوم .. حدثتها إن كانت ترغب في المجيء معي غداً أبدت موافقتها وأعجابها بكلمة "واو" .. وركبت السيارة .
أعددتُ كوب شاي وجلست لوحدي تحت الليل أفكر ..
هل يمكن أن ينطفئ مرء من فرط ما توهج ؟!
ربيع قلبي العزيز ..
إن أيامي مؤخراً تستطيل بشكلٍ مزمن نحو التعب ..
الآن أقضي ساعات الليل الطويل بصحبة الأغاني ونومك الهني
فيتحول ما أستطال لدائرة تبدو كحجرك فأرمي وجهي عليها وأشمها وليت ما فيها يحمل رائحتك ...
الأُنس هو وجهك الجنوبي
كيف أن فيه كل هذا المعنى من نخلٍ ونهرٍ وظل ..
وأنا اتصفح قرأت:"بدونك لا معنى للربيع"
شهد عمري ..
ألتقيتُ بك في ليالي الشتاء، كنتُ قد دثرتُ يدي في قفازات ووجهي بوشاح يحملُ الكثير من نوايا العطر ..
كنتُ وأنا في طريقي أشعر بقضم البرد يأكلني ..
وحين لمحتكُ جالساً تسندُ ظهرك نحو شجرة مبتلة بكل الندى الممكن ..
أدركتُ أن زهرة نمت فوق قلبي رغم الصقيع !
وأن شمساً ضمتني قبل يديك لتحول كل البرد آنذاك لربيعٍ دائم أزهارهُ تستديرُ بوجهها أينما حللت !
وأن قلبي .. آهٍ يا هذا القلب! قد تحول لعصفورٍ بريشٍ أزرق
ليطير بإتجاهك ويبني عشهُ المؤنس بين خطوط يدك ...
فأضيف : الربيع انت يا معناه
.
.
مسائي المبتل ..
سمعت أن المطر كان عنوان هذا المساء في نشرة الطقس التي لا يشاهدها غيري ..
أمسكت غطائي وسحبتهُ خارجاً
وجلستُ أشاهده وهو يلاعب أجنحة الزهر ..
ولساني يردد:
"نشوتك تلعب معَ قطر المطر . . و انتشى قطره معك
و السحاب يطاردك بين الشجر خالق الزين ابدعك" ..
مرَّ في بالي الكثير
تذكرتُ البنفسجة الطموح لجبران خليل جبران وموتها الشجاع تحت عواصف المطر
وما يرادفها من ليالينا الماطرة
هل كنتُ أنا البنفسجة التي سُحقت تحت وابل المطر ؟!
وإن كنتُ كذلك
فأنا على قيد الحياة بلا أبتسامة عظيمة أو شجاعة
أنا على قيد الحياة فقط
وبأعتقادي فإن ذلك لا ينمُ عن شجاعةٍ بقدر ما هو مثير للشفقة ..
فراودني السياب بقوله أتعلمين أي حزن يبعث المطر ؟!
.. ليتني لا أعلم !
المطر يسحقنا كما البنفسجة بكل هذا الحُزن وبرائحته المثيرة للوجدِ
يصرخ فينا بكل بللهِ لا سُقيا في أية لقاء ..
ثم تأخذك اللغة فترى أن المطر والدمع يجتمعان تحت معنى مشترك
هامش:
طواهُ على بَلَّتِهِ: رَضِيَهُ على ما فيه
التعديل الأخير تم بواسطة سورين ; 15/November/2023 الساعة 1:55 am
فتتاح موفق عمري
.
سُقياي الشهي ..
كيف كان يومك ؟!
أستيقظتُ مبكراً بنيةِ سماع صوتك الذي أفتقدته ليلة أمس .. لكن بقيَّ الخط يمشي بهدوء ثقيل بلا مقاطعة ...
تركتُ الهاتف يبكي بفقدهِ وأرتديت ثيابي .. كانت بيضاء ككف يدك يا غيمتي، لتجلبكَ إلي ربما ! هكذا سمعتُ مرةً عرافة تقول الأبيض يجلبُ الرزق ...
الهواء كان ندياً لدرجة إنك لن تستطيع التفريق بينه وبين ما تحت جلدك !
انا اكره الشاي .. لكن لا قهوة هذا اليوم يا للتعاسة!
امسكت كوب الشاي المرّ وأنا أناظرهن وهن يلعبن ويضحكن ويتهامسن ..
تساءلت لمَّ لا يتحدث احد عن ما بعد المطر ؟!
عن هذهِ الهمسات وعن وجه الضباب وعن نداوة الحبّ بعد ليلة غارقة ؟!
يجبّ أن يلتفت أحدهم للمعنى الكامن فيما بعد الغزارة، فهو بالأصل القصد المنشود !
أن يتحدث أحدهم عنا بعد مطرك الغادق
او ان تكتب أغنية تحمل عنوان "بعدَ"