مراقبة
ضوء أديسون
تاريخ التسجيل: September-2016
الدولة: Qatif ، Al-Awamiya
الجنس: أنثى
المشاركات: 22,577 المواضيع: 8,066
صوتيات:
139
سوالف عراقية:
0
مزاجي: متفائلة
المهنة: بيع كتب
أكلتي المفضلة: بحاري دجاج ،، صالونة سمك
موبايلي: Galaxy Note 20. 5G
«قليل من التوتر لا يضر».. طرفة جديدة أم فلسفة حديثة في علم الألم؟
عند قراءة العنوان للوهلة الأولى، قد نشعر بالتعجب والذهول!! فكلنا نعلم -بلا شك- أن التوتر والضغوطات هي من العوامل المهددة لصحة الإنسان، ووسيلة سريعة للوقوع في شباك الأمراض، وسبب من أسباب تهيج آلام الجسم ليست الظاهرة فحسب وإنما حتى الخاملة منها.
فالتوتر والألم وجهان لعملة واحدة، فكلما زادت وتيرة التوتر زاد عندها مستوى الألم، وكلما زادت نوبات الألم المزمنة زاد معها التوتر تباعًا.
وهذا ما تحدث عنه دكتور بريان ديستيلبيرج، مدير معهد الصحة السلوكية في جامعة لوما ليندا الأمريكية، بقوله: "إن الألم والتوتر مترابطان؛ فعندما يعاني الشخص من ألم ما يبدأ الجسم في إفراز هرمونات القلق والتوتر لإدارة الإجهاد الناتج عن الألم، ولكن عندما يستمر الألم المزمن لفترة طويلة فإن الجسم يستمر في إفراز هذه الهرمونات التي تصبح سامة وضارة عند استمرارها".
ونتيجة لذلك، فإن التوتر لا يعد شيئًا غير ملموس، وإنما هو عبارة عن هرمونات كيميائية قد تسبب ضررًا على الجسم عند الاستغراق فيه وعدم اتباع استراتيجيات مناسبة لإدارة الضغوطات والتوتر والقلق.
ولا خلاف في كل ما قلناه، ولكن بدأت الأمور العلمية تأخذ منحنى آخر قليلًا، بينما نتائجها قد تفاجئنا كثيرًا!!
فقد أشار أحد الأبحاث العلمية الحديثة الذي تم نشره في مجلة Psychiatry Research إلى أن تعرض الفرد إلى المستويات المنخفضة إلى المتوسطة من التوتر خلال فترات متباعدة، من شأنه أن يساعد على تطوير المرونة العصبية في الدماغ للتعامل مع المواقف والأحداث المستقبلية التي قد يواجهها الإنسان فتكسبه نوعًا من المناعة ضد الضغوطات والتوتر وتكسبه مهارة التعامل مع المواقف المجهدة التي قد يواجهها في أي وقت.
كما أنها تساعد على تقليل خطر الإصابة بالأمراض العقلية والذهنية مثل الاكتئاب والسلوكيات المجتمعية العدائية غير المبررة.
فإن القليل من التوتر هو بمنزلة لقاح فعال ومطلوب ضد الأزمات المستقبلية. ونتيجة لذلك فإن القليل من التوتر قد يكون نافعًا للصحة العقلية ولكن كثيره ضار على المستوى الذهني والجسدي.
فسنرى في خضم الحياة بعض الأشخاص الذين لديهم مهارة مواجهة الضغوطات، وهذا كله قد يكون نتاجًا لخبرات سابقة من مواجهة التوتر فأصبحت لديهم شخصية صلبة ومتزنة، وكل هذا لم يأتِ من فراغ.
فتفسيره العلمي أن المرونة العصبية تطورت بكفاءة لديهم في الدماغ وأصبح هناك تكيف في المقدرة العصبية للتعامل مع المواقف المجهدة والسيطرة على هرمونات التوتر والإجهاد.
فهل خطر لك أن تتساءل يومًا ما: كم مرة تعرضت لمواقف ضاغطة؟ وكيف اختلفت طريقة تعاطيك معها في كل مرة؟ وما تفسير هذا الاختلاف من وجهة نظر علمية؟!
فما كنا نظن بأنه ضار في مجمله قد اكتشف أن قليله بمنزلة الدواء، وما زال العلم حائرًا في هذا السر الذي استودعه الله تعالى فينا ألا وهو الدماغ، حائرًا في آلياته وتفاعلاته وأسراره.
ولكن علينا التفكر والتنبه لأن هناك خطًا رفيعًا جدًا يفصل بين التوتر النافع والمستوى الضار فلا بد من الانتباه حتى لا نقع في شباكه ومهما مرت على الإنسان أمور متقلبة فإن دواءه هو حسن الظن بالله.
وهذا ما أجاد في وصفه أمير البلغاء الإمام علي بن أبي طالب -عليه السلام- في رائعته الشعرية:
رَضيتُ بِما قَسمَ اللَهُ لِي وَفَوَّضتُ أَمري إِلى خالِقي
كَما أَحسَن اللهُ فيما مَضى كَذَلَكَ يُحسنُ فيما بَقي
ودمتم بصحة وعافية مليئة بالأمل وبعيدة عن التوتر والألم