أهاجك برقٌ (بالمخاليف) صَيِّبُهْ
أرَبَّ على وادِي (بَنِي عَوْنَ) هَيدَبُهْ
أَحَمُّ الذُّرَا وَاهِي العَزَالِي مُجَلْجِلٌ
لَهُ هَزَجٌ يُسْلِي الشَّجِيَّ ويُطرِبُهْ
يَرِقُّ له قَلبُ الخَلِيِّ صَبَابةً
فكيفَ بِصَبٍّ ليسَ يَنْفَكُّ يرقُبُهْ؟
إذا ما استطَارَ البرقُ في جَنَبَاتِهِ
تَدَاعَى لهُ قلبي وَزَادَ تلهُّبُهْ
فأمسى يسُحُّ الماء حول (حُجَيفَةٍ)
(فَصَوحَرَ) (فَالأَوْجَاد) زادَ تَصَبُّبُهْ
(فَكِندَةَ) (فالمَسْنُونِ) مدَّ رُوَاقَهُ
فعَاجَ إلى وادِي (المُبَيْرِيكِ) مَسْكَبُهْ
فجَرّ على (السُّدْرِيِّ) فَضْلَ إِزَارِهِ
وألوى إلى (الأَخْدُورِ) لِلذَّيلِ يَسْحَبُهْ
فَأفَضَى إلى (وَادِي الجَعَاوِلِ) شَامِلًا
(ضُرَيمَانَ) ، (فالأذمُور) يَمَّمَ مَوكِبُهْ
عِهَادٌ قَدِ اهتَزَّت له قُلَلُ الرُّبا
وهشَّ له شَرقُ الوجود ومغرِبُهْ
وَعَهْدٌ إذا لاحت مَخَايِلُ ذِكرِهِ
بِمِرآة فِكرِي دبّ في القلبِ عقرَبُهْ
أحنُّ إلى تلك الدِّيارِ وأهلِهَا
حَنِينَ أليفٍ طَال عنها تغرُّبُهْ
فيا بلدةَ (المِخْلافِ) جادَكِ عارضٌ
من المُزْنِ هَتَّانُ الأَهَاضِيبِ أَعذَبُهْ
وَحَيَّا مُحَيّاكِ النَّسِيمُ ونَفْحُهُ
وَعَادَكِ مِن عيش السعادة أطيَبُهْ
ولا زال لُطْفُ اللَّهِ يغشاك ما بَدَا
صَبَاحٌ وما وارى دُجَا الليل غَيْهَبُهْ
فما لي أرى الأيام تنأى بمطلبي
وتدنو إلى غيري به وتقرِّبُهْ
أَمَا آنَ أنْ يَنقَادَ لي جَامِحُ المُنى
وَيَصفُوَ لِي وِردُ الزمانِ وَمَشْرَبُهْ؟
فإن تَكُنِ الأيام أَلْوَتْ عِذَارَهَا
وأعرضَ عني الجَدُّ وازوَرّ منكِبُهْ
فلا غَرْوَ فالدُّنيا كذلك حالُها
صدودٌ وإقبالٌ مع الدهر يعقُبُهْ
فطورًا تُنِيلُ المرءَ رِفدًا وتارةً
تمدُّ إليهِ كَفَّةَ النَّهْبِ تَسْلُبُهْ
وإنِّي وإنْ عَضَّ الزَّمَانُ عَرِيكَتِي
لأسمُو بِقَدري عن لَئيمٍ يُخيِّبُهْ
فلم أنتَجِعْ يومًا فِنَاءَ ابنِ حُرَّةٍ
فكيفَ أُرَى أَنحُوْ ابنَ دَرْزَةَ أطلُبُهْ
ويَهلِكُ حُرُّ القَوْمِ من ظَمَإٍ ولا
يُرَى شَائمًا برقَ الأسافِلِ يرقُبُهْ
ورُبَّ فلاةٍ مثل قلبِيَ حَرُّهَا
كأنَّ لَظَاهَا مِن جَهَنَّمَ مَسْرَبُهْ
بَعِيدةِ مهوى الريحِ طَامِسَةِ الصُّوَى
تكادُ بها نَفسُ المسافرِ تغلبُهْ
تجشَّمتُها أطوِي فَضَاها لَعَلَّنِي
أُرَمِّمُ صَدْعَ الأُمْنِيَاتِ وأَرْأَبُهْ
فلم أُلْقِ من أَيْنٍ عَصَايَ لِراحةٍ
ولم يُلهِني سِربُ الظِّبَاءِ وَرَبرَبُهْ
ولكن إذا حُمَّ العَنَاءُ على امرئٍ
كَبَا زَنْدُهُ بِالرّغْمِ واعتَزَّ مَطلَبُهْ
فإلا تُقِلْ يا ربّ عثرةَ سابِِحِي
تَغَوَّلَنِي قَفرُ الضَّيَاعِ وَسَبسَبُهْ
فإني لَدُنْ دَهرٍ يُضَامُ عَزِيزُهُ
ويُكرمُ أدناهُ ويُحرَمُ أنجَبُهْ
زمانٌ به أزرى على اللَّيثِ قِردُهُ
وطاوَلَ فتخاءَ الجَنَاحَينِ جُندَبُهْ
وأمرَعَ مَغنَى اللهو واخضَلَّ نبتُهُ
وأَمْحَلَ رَبْعُ الزُّهدِ فيهِ وملعَبُهْ
ولكنني رَغمَ المُلِمَّاتِ صَابرٌ
وأعلمُ أن النَّصرَ ما ضلّ مركَبُهْ
ولي هِمّةٌ تعلُو السِّمَاكَين غايةً
وعزمٌ إذا ما رامَهُ الدهرُ يُتعِبُهْ
وكيف يَنِي مثلي لِطَرقِ مُلِمَّةٍ
وَصَارِمُ ظَنِّي ما يُفَلَّلُ مَضْرِبُهْ؟
عَقَدتُّ بحبلِ الله حَبلَ تَوَكُّلِي
فَبِتُّ بِفَألٍ ليسَ يَأفُلُ كَوكَبُهْ
وعُذْتُ به دونَ الأنامِ فَحَاطَنِي
وَمَنْ يَعْتَصِمْ باللَّهِ يَشتَدُّ مَنكِبُهْ
ومن لَمْ يَنُطْ باللّهِ ثِنْيَ عِنَانِهِ
كَبَا طِـرْفُهُ اليَعبُوبُ واعتَاصَ مَذْهَبُهْ
بلوتُ الورى أبغي وَفِيًّا فلَمْ أجِدْ..
فهل لي بِحُرٍّ ناصِحِ الجَيبِ أصحَبُهْ؟
وما كُلُّ من تلقى يَسُرُّكَ فِعلُهُ
ولا كلُّ من تُصفِيهِ وُدَّكَ تَكْسَبُهْ
ولما رأيتُ الصِّدقَ عَزَّ مَنَالُهُ
وَوُدَّ الورى كالدهرِ جَمًّا تَقَلُّبُهْ
صَحِبتُ على العِلَّاتِ كُلَّ مُداهِنٍ
ومن لم يَجِد إلا الجَمُوحَ سَيَركَبُـــهْ
عزت المخلافي