سياسة أو آيديولوجية تهدف لتوسيع نطاق حكم الشعوب والدول الأخرى بغية زيادة فرص الوصول السياسي والاقتصادي وزيادة السلطة والسيطرة،ويكون ذلك غالبًا من خلال استخدام القوة الصارمة، وخاصة القوة العسكرية، ولكن أيضًا من خلال القوة الناعمة. ترتبط الإمبريالية بمفاهيم الاستعمار والإمبراطورية، مع ذلك، تعد الإمبريالية مفهومًا متميزًا يمكن أن ينطبق على أشكال أخرى من التمدد، وعلى العديد من أشكال الحكومة.
شهد عصر الإمبريالية، الذي بدأ حوالي عام 1760، قيام الدول الصناعية الأوروبية التي انخرطت في عمليات الاستعمار وضم أجزاء أخرى من العالم والتأثير عليها. شهد القرن التاسع عشر «السباق إلى أفريقيا».[10]
في سبعينيات القرن العشرين، تحدث المؤرخان البريطانيان، جون غالاغر (1980-1919) ورونالد روبنسون (1920-1999) عن رفض القادة الأوروبيين لفكرة تطلب «الإمبريالية» للسيطرة الرسمية والقانونية للحكومة على المنطقة الاستعمارية. كان الأهم من ذلك، هو السيطرة غير الرسمية على المناطق المستقلة. وفقًا لويليام روجر لويس «من وجهة نظرهم، فتن المؤرخون بالإمبراطورية الرسمية وبخرائط العالم التي امتلأت بالمناطق الملونة باللون الأحمر.[11] توجه الجزء الأكبر من رؤوس الأموال والتجار والمهاجرين البريطانيين إلى مناطق تقع خارج الإمبراطورية البريطانية الرسمية. تمثلت الفكرة الأساسية عند البريطانيين ببناء إمبراطورية «بشكل غير رسمي في حال كان ذلك ممكنًا، ورسميًا إذا لزم الأمر». يقول المؤرخ أورون هيل أن كلًا من رونالد روبنسون وجون أندرو جالاجر درسا التدخل البريطاني في أفريقيا، إذ وجد البريطانيون في القارة الأفريقية القليل من الرأسماليين، ورؤوس أموال أقل، ولم يواجهوا ضغطًا كبيرًا من المروجين التقليديين للتوسع الاستعماري. عادة ما كانت قرارات مجلس الوزراء، بضم الأراضي الجديدة أو عدم ضمها، تتخذ على أساس اعتبارات سياسية أو جيوسياسية.[12]
تنوعت الربحية في الإمبراطوريات الرئيسية التي انتشرت في العالم بين عامي 1875 و 1914. في بداية الأمر، توقع واضعو خطط السيطرة على مناطق في القارة الأفريقية أن تشكل المستعمرات الجديدة سوقًا مقيدًا ممتازًا للمواد المصنعة. مع ذلك، وبصرف النظر عما حدث في شبه القارة الهندية، نادرًا ما تحققت هذه التوقعات على أراض الواقع. بحلول تسعينيات القرن التاسع عشر، رأى الإمبرياليون في إنتاج مواد خام غير مكلفة، يمكن بها تغذية قطاع التصنيع المحلي، أهم فائدة اقتصادية لمخططاتهم. بشكل عام، تمكنت بريطانيا العظمى من تحقيق أرباح جيدة للغاية من الهند، وخاصة من صوبة البنغال، لكنّ الحال لم يكن مشابهًا في بقية المناطق التابعة لإمبراطوريتها. كانت أرباح هولندا أيضًا جيدة في جزر الهند الشرقية، فيما لم تتمكن كل من ألمانيا وإيطاليا من تحصيل أرباح كبيرة من التجارة، أو من استخراج المواد الخام، في المناطق الجديدة التابعة لإمبراطوريتيهما. كان ربح فرنسا من المناطق التابعة لإمبراطوريتها أفضل من أرباح كل من إيطاليا وألمانيا. اشتهرت مستعمرة الكونغو البلجيكية بأرباحها الكبيرة عندما استُغلِت أراضيها لزراعة مطاط في مشروع رأسمالي خاص يملكه الملك ليوبولد الثاني ويديره بشكل شخصي. مع ذلك، تسبب توالي الفضائح المتعلقة بسوء معاملة العمال بإجبار المجتمع الدولي لبلجيكا على استملاك المستعمرة في عام 1908، الأمر الذي تسبب بتراجع ربحيتها بشكل كبير. كانت تكلفة استعمار الولايات المتحدة الأمريكية للفلبين أكبر بكثير مما كان متوقعًا، ويعود ذلك بشكل أساسي إلى التكاليف الكبيرة التي دفعتها الولايات المتحدة لصد المتمردين الفلبينيين.[13]
بسبب الموارد التي أتاحتها الإمبريالية، نما الاقتصاد العالمي بشكل ملحوظ وأصبح أكثر ترابطًا في العقود التي سبقت الحرب العالمية الأولى، ما جعل العديد من القوى الإمبريالية غنية ومزدهرة.[13]
ركز توسع أوروبا في الإمبريالية الإقليمية إلى حد كبير على النمو الاقتصادي من خلال جمع الموارد من المستعمرات، إلى جانب تولي السيطرة السياسية بالوسائل العسكرية والسياسية. يقدم استعمار الهند في منتصف القرن الثامن عشر مثالًا على هذا التركيز: «استغل البريطانيون الضعف السياسي لدولة المغول، وبينما كان النشاط العسكري مهمًا في أوقات مختلفة، كان الاندماج الاقتصادي والإداري للنخب المحلية أيضًا ذا أهمية حاسمة» لفرض السيطرة على موارد شبه القارة الهندية، والأسواق، والقوى العاملة.[14] وعلى الرغم من أن عددًا كبيرًا من المستعمرات قد صمم لتوفير ربح اقتصادي وشحن الموارد إلى الموانئ المحلية في القرنين السابع عشر والثامن عشر، يقترح د. ك. فيلدهاوس أنه في القرنين التاسع عشر والعشرين في أماكن مثل إفريقيا وآسيا، فإن هذه الفكرة ليست صحيحة بالضرورة:
لم تكن الإمبراطوريات الحديثة آلات اقتصادية مبنية بشكل مصطنع. كان التوسع الثاني لأوروبا عبارة عن عملية تاريخية معقدة تتضمن القوى السياسية والاجتماعية والعاطفية في أوروبا، وكانت أكثر تأثيرًا من الإمبريالية المدروسة. قد تخدم المستعمرات الفردية غرضًا اقتصاديًا؛ وبشكل جماعي، لم يكن لأي إمبراطورية أي وظيفة محددة، اقتصادية أو غير ذلك. لم تمثل الإمبراطوريات سوى مرحلة معينة في علاقة أوروبا المتغيرة باستمرار مع بقية العالم: كانت المقارنات مع الأنظمة الصناعية أو الاستثمار في العقارات مضللة ببساطة.