الأمل دواء
اعتدل الطقس - عندنا - قليلاً فلا ترى إلا زارعًا وردًا أو شجرًا! الورود لا تقاوم حرارة فصل الصيف وبعض الأشجار تموت، لكنه الأمل الذي يقول للزارع: قم وازرع وللعامل قم واكسب، هذا فصلٌ جديد ويوم جديد. عن رسول الله صلى الله عليه وآله: "الأمل رحمة لأمتي، ولولا الأمل ما أرضعت والدةٌ ولدها ولا غرس غارسٌ شجرًا".
أعلِّلُ النفس بالآمالِ أرقُبُها ... ما أضيقَ العيشَ لولا فسحةُ الأمَلِ
لم أرتضِ العيشَ والأيامُ مقبلةٌ … فكيف أرضَى وقد ولَّتْ على عَجَلِ
ماذا لو يئس التاجر من الربح والزارع من نمو زرعه وثمرِه؟ ويئسَ المريضُ من الشفاء؟ ألف سؤال والجواب هو: سوف تصبح الحياة صحراء. كل هذا شرط أن نقوم ونعمل ونغير ما بأنفسنا!
أنت جالس في بيتك مرتاحًا وتحاضر! كيف الأمل وأنا أدعو عشرين عامًا: يا رب ارزقني ولدًا، أعطني مالًا؟ لا شيء من هذا كله، كيف وسريرُ المرض أَتعبني؟ الحكيم - الله - يخفي لك شيئًا أجمل مما تظن، أجمل من الولد والمال، اصبر وترى! حرمانك من طفل قد يكون خيرًا، مرضك قد يكون خيرًا، فقرك قد يكون خيرًا: {وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.
كان الوالد - رحمه الله - وكثير من أبناء جيله بحارة يعتاشون على صيد البحر، وفي بعض الأيام يشح الرزق، لا شيء سوى العودة خالي الوفاض. مع ذلك يبقى الأمل يحدوهم للذهاب يوم غد وفعلًا يأتي الغدُ بصيد وفير يعوض ما فات. تشتد العواصف وتقتلع حوزة الصيد ويعود يصلحها، مرة واثنتين وأكثر!
فينا من يصيبه اليأس والإحباط من أول تجربة! لكلّ يائس ومحبط: غدًا يوم جديد وفيه قدر جديد. هناك قدرة خفية نسميها قدرة الله، قدرة تغير الموازين بطريقة لا نفهمها لكن نعلم أنها تغير المقادير لصالح من تودّ وفي الغالب لصالح من يعمل أولًا. عن الصادق عليه السلام قال: "الداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر".
دع المقاديرَ تجري في أعَنّتها … ولا تبيتنّ إلا خاليَ البالِ
ما بين غَمضةِ عَين وانتباهتها … يغيّر الله من حالٍ إلى حالِ
ابن أحد الأصدقاء عاد من أمريكا منذ مدة وهو ينتظر الوظيفة والواقع لو أن ابن صديقي عمل في أيّ شيء في فترة الانتظار - وما أكثر المبدعين من الشباب - لكان ذلك خيرًا من انتظار الوظيفة، دون عمل.
اليأس شيطان يبحث عن هزيمتنا ولكي ننتصر على اليأس لا بد أن نبحث عن نقاط القوة في داخلنا {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ}. قوانا الدينية والأخلاقية والعملية! يقول القارئ الكريم: هذا كلام في الهواء! هل اليأس أفضل؟ أليس اليأس سببًا في الانتحار والطلاق والهزيمة والتخلف؟! بين اليأس والأمل خيارنا الأمل!
من أمثال أمهات الجيل الماضي عندما ينظرون إلى وجوه الصغار ويرون في عيونهم الأمل: "بكرة تكبر العيال وتعمر الديار"!