ما زال درس «فقط قولي لا» ثَمة َوقت للدهشة
أجد أن دروسي الإنسانية أعددتها وطرحتها بهذا القدر أو ذاك حول تجاربي الحياتية، وهذا وجدته جليًا في درسي الاستثنائي (فقط قولي لا). قد لا يصدق من لا يعرفني، أن غالبية الدروس على الأقل إن لم تكن كلها، كانت حصيلة مواقفي وتجاربي الشخصية، أردتها واقعًا محضًا إلا أنني أبيت إلا أن أحتفظ ببعضها لأجل ما! ومن يعرفني جيدًا يعرف أنني صادقة دون مبالغة، حيث تبدأ كتاباتي ودروسي على هيئة قصص وحكايات ومواقف وتفاصيل واقعية، التي أسردها غاية في الدقة والوضوح يتخللها أحيانًا رسائل عميقة هادفة لمن يحتاجها أو يهمه الأمر.ِ وبعد فترة قد تطول أو تقصر، أجدني أمام حكاية من إحدى طالباتي والتي استفزتها بعض المواقف! فتظل تلح علي مستولدة من ذاتها مواقف أخرى تكاد أن تكون معززة.
هذا ما حدث معي في درس "فقط قولي لا"، وهذا يأخذني إلى سؤال ملح! هل حياتك كانت مليئة بقول لا؟! وهل بإمكانك تجاوز لا بخيارات أخرى؟! ولعل هذا السؤال يستوقف البعض ونجدهم يتخذون هكذا قرارًا فيه مغامرة إجبارية! ولكن هناك من يسأل: ماذا لو أني خسرت الكثير في اتخاذ قول لا؟! ولقد حولت الـ (لا) إلى درس وما زلت أتهيأ وأتهيب من ردود فعل البعض.
هنا ستجد نفسك أمام استفسارات عديدة عشتها أنا: هل تجد نفسك تقول نعم في بعض الأحيان للأمور، بينما في الواقع تريد أن تقول لا؟ وهل تجد صعوبة في قول لا؟ ولماذا؟ هل تحاول دائمًا أن تكون لطيفًا مع الآخرين على حساب نفسك؟ يا ترى لماذا تقول لا؟ ماذا لو لم تقبل بـ لا كإجابة حاسمة؟ ولماذا نقول نعم في كثير من الأحيان؟ هل تقول لا في بعض الأحيان عندما تقصد نعم؟ هل ينبغي عليك أن تقول نعم؟ وماالمعتقدات المقيدة لديك والتي تجعلك تقول نعم؟ حينها ماذا سيحدث إذا قلت نعم؟ بل ما الذي ستخسره إذا قلتها؟ وما الآثار المترتبة على المدى الطويل؟
في كثير من الأحيان، هناك أشياء كثيرة نشعر بأنه ينبغي علينا القيام بها، ولكن في الواقع، لا يتعين علينا ذلك. ومن السهل أن نصل إلى النقطة التي يمكننا أن نقول فيها لا في العمل وفي المنزل أو في أي قرار نتخذه! لنفكر في هذه الأسباب لقول لا: قول لا ليس أمرًا سلبيًا، بل هو اختيار وقرار ويمكن أن يكون إيجابيًا وليس بالضرورة قول لا أنانيًا! ويمكن أن يتم قول لا بلباقة وأدب، ولعل الأمر يستغرق القليل من الممارسة والجرأة، حتى إنه يسمح لك بتجربة أشياء جديدة ويمنحك الوقت لمتابعة اهتمامات أخرى. حيث من السهل أن تقول لا عن اقتناع عندما تكون واضحًا بشأن ما تريد، وتذكر أنه ليس من الخطأ أن تقول لا، فالأمر يتعلق بتعلمك كيفية القيام بذلك. ولا أخفيك أن قول لا للآخرين هو أحد أفضل الأمور التي يمكنك القيام بها لنفسك، إلا أن الكثير من الناس يجدون ذلك أمرًا صعبًا وفي غاية الحرج، ومع هذا فإن قول نعم دائمًا ليس أمرًا صحيًا عندما تكون ملتزمًا بإلحاح وتحت الكثير من الضغط، ومن ناحية أخرى أن قول نعم يمكن أن يستبعد الآخرين حينها بقولك لا فإنك تسمح بالفرصة للغير أن يتقدموا.
في وقت مبكر من حياتي، وجدت أن تطوير القدرة على قول لا يوسع قدرتي على قول نعم وأعني ذلك حقًا. محاولاتي المبكرة لقول لا كانت في كثير من الأحيان بعيدة المنال، لذا أدعوكم اليوم إلى اتخاذ قرار قول لا إذا لزم الأمر لذلك. دع اليوم يمثل بداية جديدة لك. امنح نفسك الإذن بقول لا دون الشعور بالذنب أو الأنانية أو الحرج. من الواضح أن أي شخص ينزعج أو يتوقع منك أن تقول نعم معظم الوقت لا يضع في اعتباره مصلحتك فلا ينبغي أن يستوقفك موقفه. باعتباري كاتبة ومقدمة دروس إنسانية، تهاتفني الكثير من العزيزات للحصول على نصائح شخصية. في بعض الأحيان يمكن أن يصل عدد الرسائل إلى العشرات يوميًا. أشرح بشكل لطيف أنني لا أستطيع الإجابة عنها كلها. نحن في العالم الصاخب الذي نعيش فيه، من السهل الالتزام بكل دقيقة من كل يوم. ثم إذا حدث خطأ واحد، فسيصبح كل شيء خاطئًا. نعم وتذكر دائمًا: لديك الحق في أن تقول لا من دون الحاجة إلى شرح نفسك. كن في سلام مع قراراتك. معظم متاعب هذه الحياة يمكن تفسيرها إلى قول نعم بسرعة كبيرة وعدم قول لا بالسرعة الكافية.
إحدى المهارات التي يجب على معظمنا أن يبدع فيها هي تعلم كيفية إتقان التزاماتنا، بدلاً من ذلك سنصبح أفضل في تحديد أولوياتنا، وإيجاد الوقت للوفاء بها. لقد أصبح من الصعب أكثر فأكثر تجنب العيش في حياة مليئة بالالتزام. قد يتطلب كل بريد إلكتروني ردًا، وكل مكالمة هاتفية تنتهي بالمزيد من الأشياء للقيام بها، وإدارة شؤون البيت أكثر تعقيدًا مع المسؤوليات على أساس يومي، ونحن مطالبون بحضور المزيد من الالتزامات والواجبات الاجتماعية هنا وهناك شئنا أم أبينا. وعليك أن تكون مبدعًا في قول: آسف، لا أستطيع أن أفعل، قل لا حتى لو كنت قد قلت نعم بالفعل، إذا أدركت أنك لم تكن صادقًا مع نفسك. من الأفضل أن تتخذ القرار الصحيح متأخرًا بدلاً من متابعة القرار الخاطئ لأنك تعتقد أنه يجب عليك ذلك. وقل لا إذا كنت بحاجة إلى التضحية باحتياجاتك لمساعدة شخص آخر حتى لو كان جزء منك يشعر بالذنب قليلاً حيال ذلك. وقل لا إذا كنت تفضل الاسترخاء بدلاً من الخروج مع الغير هنا وهناك بغض النظر عن عدد الآخرين الذين يعتقدون أنك يجب أن تكون اجتماعيًا. باختصار شديد وبشكل عام! نقول لا لكل عادة سيئة ولكل أمر تافه لا قيمة له.
لا أخفي عليكم هذا مجرد جزء صغير مني لأقول لا إذا احتجت لذلك، فأنا لا أحب أن أقول لا عندما يكون لدى شخص ما حاجة عندي، سأقول نعم حيث يمكنني مساعدته. جزء من هذا يرجع إلى أنني لا أود أن أترك الناس في مأزق. والجزء الآخر يأتي من عدم الرغبة في إحباط الآخرين. ومع ذلك، فإن جزءًا مهمًا مني يشعرني أيضًا بأن قول لا ربما يعني كسر الجسور مع الآخرين، ولا أحاول أن أقطع علاقاتي معهم. لعلني أشجع البعض على أن يتذكروا أن( لا ) هي جملة كاملة، وحتى النبرة فيها هي الجزء الأصعب في قول لا. لكي نتعلم قول لا، علينا أن نفهم أولاً ما الذي يقاومنا بشأن ذلك. أحتاج أن أقول لا للغير في بعض الأحيان، لكن ليس علينا أن نشرح أنفسنا، يمكننا فقط أن نقول لا. إنه درس ما زلت أتعلمه أكثر! ولا أنكر أن هذا يوقعني في الكثير من الحرج، حيث لا أستطيع أن أقول لا للأقارب والصديقات، حتى الغرباء، دون خوف من أن يصابوا بخيبة أمل أو خذلان مني.
والخلاصة كيف تقول "لا" بأدب؟!
. فقط قل: أنا آسف. لا أستطيع أن أفعل هذا الآن، واستخدم لهجة متعاطفة ولكن حازمة. إذا تم الضغط عليك لتوضيح السبب، أجب بأن ذلك لا يتناسب مع جدولك الزمني، وقم بتغيير الموضوع. معظم العقلاء سيقبلون هذا كإجابة حاسمة.
· إذا استمر شخص ما في الضغط عليك، فهو يتصرف بطريقة غير لائقة، ولا بأس من تكرار أنا آسف، لكن هذا لا يناسبني، وقم بتغيير الموضوع أيضًا، أو حتى الابتعاد إذا كان ينبغي عليك ذلك.
· وإذا كنت غير مرتاح لكونك حازمًا جدًا، أو تتعامل مع أشخاص انتهازيين، فلا بأس أن تقول: دعني أفكر في الأمر وأعود إليك، قد يمنحك هذا فرصة لمراجعة نفسك، وكذلك مشاعرك تجاه قول نعم لالتزام آخر.
· إذا كنت ترغب حقًا في تنفيذ ما يطلبونه منك، ولكن ليس لديك الوقت (أو تواجه صعوبة في قبول عدم القيام بذلك)، فلا بأس أن تقول: لا أستطيع القيام بذلك.
· إذا طُلب منك تفسير، تذكر أنك لست ملزمًا ولا مدينًا لأحد بذلك. نعم قل لا بدون عذر مفصل حتى لو شعرت بأنه يجب عليك تقديمه. "هذا لا يبدو مناسبًا بالنسبة لي الآن" هو سبب وجيه تمامًا.