غزة تحت القصف الجوي وتنتظر الاجتياح البري
بات الاجتياح الإسرائيلي البري المرتقب لقطاع غزة، الأكثر تداولاً لدى الأوساط السياسية والعسكرية في إسرائيل ولدى المعنيين مباشرة والمتابعين، لكن بالدرجة الأولى لدى أهل غزة، الذين عاشوا الليلة قبل الماضية أسوأ ليلة قصف منذ بدء الحرب، حيث تجاوز عدد الذين فقدوا حياتهم حاجز الخمسة آلاف، منهم 436 قضوا خلال الساعات الـ 24 الماضية، كما أن الذين جرحوا أكثر من 15 ألفاً، علاوة على مآسٍ إنسانية تفوق الوصف.
وما إن يجري الحديث عن الدخول البري، إلا وتحضر الولايات المتحدة، الطرف الأكثر ضلوعاً في الحرب، بعد أطرافها المباشرة. فقد أفاد تقرير إخباري بأن الولايات المتحدة نصحت إسرائيل بإرجاء الهجوم البري. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين حكوميين أمريكيين القول إن الحكومة الأمريكية تأمل أن تحظى بمزيد من الوقت من أجل المفاوضات لضمان الإفراج عن أكثر من 200 محتجز في غزة، ولتجنب تصاعد الخسائر البشرية بين المدنيين وضمان وصول المزيد من المساعدات الإنسانية لأهل غزة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول على صلة بالمفاوضات المتعلقة بالمحتجزين القول إن حركة حماس، حذرت من أن الهجوم البري سوف يجعل من غير المرجح بصورة كبيرة الإفراج عن مزيد من الرهائن.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن أمريكا تأمل أيضاً أن تستطيع من خلال إرجاء الهجوم البري أن تكسب مزيداً من الوقت للاستعداد لهجمات ضد أهداف أمريكية في المنطقة، حيث يتوقع زيادة مثل هذه الهجمات بمجرد دخول القوات الإسرائيلية غزة.
ورداً على سؤال في مقابلة مع إذاعة الجيش عما إذا كانت واشنطن تضغط على إسرائيل لإرجاء الهجوم البري، قال نائب السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة إلياف بنيامين: «نحن والإدارة الأمريكية نجري حواراً منذ اليوم الأول».
وأضاف: «إنهم يدركون أننا ندير الحرب وفقاً لمصالحنا. وفي نهاية المطاف، سنفعل ما يتعين علينا القيام به في الوقت الذي يتعين علينا القيام به».
وقالت مصادر بنيويورك تايمز، إن الحكومة الأمريكية لا تقدم مطالب لإسرائيل، وتستمر في دعم الغزو البري، حيث عمدت إسرائيل إلى بعض البروفات ومحاولات جس النبض، قبل أو قبيل تنفيذه المرجح.
وقال الجيش الإسرائيلي، أمس، إن قوات برية نفذت عمليات توغل محدودة في غزة خلال الليلة قبل الماضية. وأضاف كبير المتحدثين باسم الجيش: «خلال الليل كانت هناك هجمات شنتها قوات المدرعات والمشاة»، مشيراً إلى أن هذه المداهمات تقتل فرقاً من مقاتلي الفصائل الفلسطينية، وتهدف أيضاً لجمع معلومات بشأن 222 شخصاً محتجزين في القطاع. ومتحدثاً عن توغلات في «عمق غزة».
وأعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس الأحد أن مسلحيها «أوقعوا قوة إسرائيلية في كمين شرق خان يونس بعد عبورها السياج الفاصل بضعة أمتار وأن المقاتلين التحموا مع القوة فدمروا جرافتين ودبابة وأجبروا القوة على الانسحاب»، بعد مقتل جندي إسرائيلي.
وقال الجيش الإسرائيلي، إنه قصف خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية أكثر من 320 «هدفاً» في غزة، منها نفق يؤوي مقاتلين لحركة حماس والعشرات من مراكز القيادة والمراقبة.
لكن سكاناً وصحافيين في القطاع قالوا، إن غزة شهدت الليلة قبل الماضية وفجر أمس، ليلة دامية إثر سلسلة غارات إسرائيلية كثيفة طالت أحياء سكنية ومقرات مدنية، ووصفها مسؤولون محليون بأنها الأشد منذ بدء الحرب.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة أن 436 شخصاً قضوا في الضربات الجوية الإسرائيلية خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، منهم 182 طفلاً. وقالت إن 5087 فلسطينياً على الأقل لقوا حتفهم، بينهم 2055 طفلاً، جراء القصف الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر. وأشار الناطق باسم الوزارة أشرف القدرة، إلى وجود 1500 بلاغ عن مفقودين ما زالوا تحت أنقاض المباني المدمرة، منهم 830 طفلاً.
وأعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس عن قصف مدينتي بئر السبع وعسقلان برشقة صاروخية «رداً على استهداف المدنيين» في غزة.
مساعدات إضافية
وقال مسؤول في منظمة الهلال الأحمر المصري، أمس، إن قافلة «تضم 20 شاحنة وتتبع التحالف الوطني للعمل التنموي»، وهو تحالف مصري يضم العديد من جمعيات واتحادات العمل الأهلي، عبرت إلى غزة. وتضاف هذه القافلة إلى 34 شاحنة على الأقل دخلت القطاع السبت والأحد.
وطالب مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بتوفير مساعدات إضافية وبشكل أسرع إلى غزة. وقال قبيل اجتماع لوزراء خارجية الدول الأعضاء: «المهم هو مساعدات أكثر وأسرع، وخصوصاً إدخال المواد الأساسية التي يمكنها أن تعيد توفير المياه والكهرباء».
وأضاف: «شخصياً، أرى أن هدنة إنسانية هي ضرورية للسماح بتوزيع المساعدات الإنسانية».