من جزيرة تاروت.. أحمد أبو سرير.. خطاط انطلق من تقليد الصحف.. وحروفه تركع في محاريب وقباب مساجد القطيف ودبي
بواسطة : سناء آل حسين
23 , أكتوبر 2023 04:19 م
بواسطة : سناء آل حسين
23 , أكتوبر 2023 04:19 م
مزاوجة عشق بين الخط العربي، وفنون العمارة الإسلامية جعلته يختار توجهًا امتاز به كأحد خطاطي القطيف، بعد أن شهدت قباب بعض المساجد ومحاريبها بصمة الخطاط أحمد حسن أبو سرير، بل تجاوزت حروفه مساجد أرض الوطن حتى وصلت إلى أحد مساجد دبي.
عشق من المجلات والصحف
بدأت علاقة "أبو سرير" بالخط بالشغف والتقليد منذ سنوات تعلمه الأولى، بعد أن عشق الحروف والكلمات المخطوطة، فحاول أن يحاكي ما يراه من لوحات تنام وسط المجلات والصحف.
يقول مسترجعًا ذكرياته التي ربطته بهذا الفن: كنت أعشق كل ما يرتبط بالفنون، خاصة الفنون الإسلامية من عمارة مساجد وزخرفة وأكثرها الخط العربي، لا سيما تجليات خط الثلث وارتباطاته وتكويناته، وكان مصدري الرئيس -خلال تلك الفترة- هو الصحف والمجلات والتلفاز واقتناء الكتب التعليمية المتعلقة بالخط، حيث لم يكن الإنترنت موجودًا حينها.
وأضاف: كنت وما زلت أحتفظ بكل ما يقع في يدي من أخبار وموضوعات وصور للوحات تنشر في المجلات والصحف، كما كنت أسعى للبحث عن كل جديد في فن الخط.
بداية الالتفات
مارس "أبو سرير" التدريب الذاتي على قواعد الخط العربي بمختلف أنواع الخطوط، كما أكثر من محاكاة اللوحات الفنية، وذلك ما وصفه بـ"بداية الالتفات" إلى أنه يملك استعدادًا لأن يكون خطاطًا.
أما شغفه الفعلي بالخط فبدأ معه عند اطلاعه أكثر على الخط والخطاطين على مستوى العالم؛ القدماء والمعاصرين، وقد كان لرؤية بعض مخطوطات القدماء المطبوعة وتعرفه على أبرز خطاطي القطيف دور كبير في تحديد ذلك الشغف.
خطاط وعائلة
حين خطا خطواته الأولى في عالم الخط استند على عائلته، وبعض أصدقائه، ليكونوا أكبر داعميه حسب قوله.
وحول سؤاله إن كانت موهبته قد اكتسبت ملامحها من الجينات الوراثية، أجاب بأنه لم يكن أحد من أفراد عائلته يشتغل بالخط، إلا أن خط أخيه الكبير يعد جميلًا، وكان يكتب لهم الوسائل المدرسية.
وأضاف أن الموهبة ليست بالضرورة أن تكون ميراثًا يتناقله الأبناء عن الآباء، مشيرًا إلى أن الأبناء قد يقومون بتقليد الآباء في سن مبكرة في كثير من شؤونهم لكن بعد الكبر يكون لهم توجه إلى أمور غير الفن، مضيفًا أن بعض أبنائه يحاولون تقليده، لكن كموهبة فنية يمكن إبرازها لا يمكن أن تتضح إلا بعد الاستقلال الشخصي.
ينهل من أساتذة الخط
كأي خطاط آخر، كان لا بد للخطاط "أحمد" أن ينهل من معلومات بعض أساتذة الخط، وكان من بينهم يد الخطاط نافع تحيفاء الذي تعلم منه على أمشاق كراسة شوقي، كما أنه حظي منه بمتابعة الكثير من إنتاج لوحاته الفنية.
واستفاد من مجالسة الخطاط إبراهيم الزاير، التي وصفها بأنها لا تخلو من الفائدة، وتابع أيضًا بعض الدروس مع الخطاط العالمي الأستاذ عثمان أوزجاي، وما زال يعرض عليه أي لوحة يبدأ في عملها ويعطيه توجيهاته.
بصمته "ثلث جلي"
يميل الخطاط "أحمد" إلى كتابة لوحاته بخط الثلث الجلي، ويعلل كثرة استخدامه لهذا الخط بقوله: أجد في "الثلث الجلي" روحانية وتعلقًا به، ويستدرك: لكن ذلك لا يعني أنني لا أكتب باقي الخطوط بحسب الطلبات.
بعد القطيف.. حروفه في مسجد بـ"دبي"
تشهد الكثير من المساجد على احترافية الخطاط "أبو سرير"، بعد أن انتشرت بصماته الخطية في الكثير من مساجد المنطقة وبعض المساجد خارج المملكة.
عن ذلك يقول: "الخط في المساجد مختلف كليًا عن خط اللوحات، وأنا أعد تجربة كتابة المساجد أقوى تجربة في مسيرتي كخطاط، وكثير من المساجد في المنطقة منها خطوط القبة والمحراب ووسط مسجد الخضر ومساجد كثيرة متفرقة من سيهات إلى صفوى ومن سنابس إلى أقصى غرب القطيف ومسجد السيدة آمنة بنت وهب في دبي، وغيرها".
دورات في خط المساجد
ولأنه امتاز بممارسة الخط للمساجد، قدم له ملتقى خطاطي البحرين دعوة قبل سنوات لتقديم ورشة عمل ومحاضرة في خط المساجد، كما قدم ورشة أخرى عن نفس الموضوع في مهرجان الخط العربي بالجزائر، وعاد ليقدمها مجددًا عام 2019 في معرض الخط العربي في دبي.
أدوات الخطاط
يوضح "أبو سرير" أنه كخطاط كان في السابق، يتعب في البحث عن الأدوات الجيدة للفن، وكان هناك توصيات كثيرة للمسافرين خارج المملكة بشرائها؛ سواء أكان قصبًا أو حبرًا أو ورقًا، مضيفًا بأنه في الوقت الحالي الأدوات متوفرة بين يدي الخطاط بضغطة زر.
من ذاكرة الخط
من بين زوايا الذاكرة يسترجع "أبو سرير"، حكاية أول لوحة خطية احترافية كتبها، مبينًا أنها كانت عبارة عن مشاركة في معرض جماعة الخط العربي بالقطيف أقلام (ن والقلم وما يسطرون)، بإشراف الخطاط إبراهيم الزاير.
أما عن واحد من المواقف الطريفة التي يحتفظ بها في ذاكرته حول تعلقه بعالم الخط يقول: المواقف كثيرة التي أتذكرها ولا تغيب عن ذاكرتي، ومنها أنني عندما كنت في المرحلة الابتدائية كنت أتحدث مع بعض الزملاء عن الخط وأنه يوجد كتابة بسملة بوضع الكلمات متداخلة وفوق بعضها، ولم يصدقوا ذلك إلى أن أخذت لهم الورقة المكتوب فيها البسملة وكانت بخط جميل لا أتذكر لمن، وعندها صدقوني.
مشاركات وجوائز
شهدت مسيرة "أبو سرير" عددًا من المشاركات في محافل الخط المحلية والدولية، ومنها؛ مهرجان الخط العربي في الجزائر لأكثر من مرة، وملتقى الخط العربي في الشارقة أكثر من مرة، ومعرض الخط العربي في دبي، ومعرض الخط العربي في باكستان، كما أشرفت على أول معرض خط لخطاطي وفناني المملكة من تنظيم وزارة الثقافة والإعلام سابقًا، وكذلك ملتقيات الفنون البصرية لدول مجلس التعاون الخليجي.
وحقق جوائز في ملتقيات الفنون البصرية لدول مجلس التعاون الخليجي، كما حصل على جائزة القطيف للإنجاز في النسخة الثالثة، وشارك في مسابقات جمعية الثقافة والفنون بالمنطقة وحقق كثيرًا من جوائزها لعدة سنوات، وأيضًا يمتلئ تاريخه بجوائز اقتناء من عدة جهات.
من لوحاته الخطية
من أعماله في المساجد