خطاطون قطيفيون: رضا حسن آل ثاني ”حي البحر“
17 / 10 / 2023م - 7:57 م
من الخطاطين المبدعين الذين لهم باع طويل في هذه الروح التي مسارها القصبة ودويها الحرف ونبع جريانها الحبر، ذو خط بارع تقني الجمال متمكن في التنسيق يجيد التراكيب المتداخلة، ذائع الصيت في القطيف وممن كان لهم نشاط ملحوظ وعام أمثال عبد الله الغانم وعلي السنان وعبد علي الخنيزي ومكي الناصر، هو الخطاط البارز الرائد القدير رضا بن حسن بن أحمد آل ثاني، يرجع أصل عائلة ”آل ثاني“ إلى قبيلة تميم المضرية وهي قبيلة أصلية في المنطقة قَدِمت للقطيف من دولة قطر في منتصف القرن التاسع عشر «1865» تقريبا.
ولد في القطيف الحبيبة في 25/09/1960 م، ونشأ برعاية والدين كريمين تدرج سكنه من حي البستان إلى حي البحر، دخل مدرسة الفلاح الابتدائية بالقطيف، ثم تنقل في مدرسة الشاطئ الابتدائية بالقطيف ثم مدرسة النموذجية المتوسطة بالقطيف ”مدرسة القطيف المتوسطة“ «1971 م - 1972 م» حتى الثانوية وإلى مراحل من التعليم إلى أن عاد من الولايات المتحدة الأمريكية نهاية عام 1986 م، وبعد ذلك تفرغ للعمل.
عمل في وزارة الصحة، وتنقل في عدة وظائف منها في مدينة الرياض تصميم «بوسترات» ومطويات التوعية الصحية للمستشفيات، ثم انتقل إلى إدارة المراكز الصحية بالقطيف، وفي الأخير انتقل للعمل في إدارة العلاقات العامة في مستشفى النساء والولادة بالدمام حتى تقاعد.
كانت البذرة التي أنبتت فن الخط العربي فيه هي الصدفة وحدها لم تكن له علاقة بعالم التدريب أو التمرين وأقصد من ذلك أنه لم يتعلم كل هذا كان مجهودا شخصيا سوى أن الصدف لعبت دورا هاما في حياته ومسيرته حافلة بالجهد الشخصي وتوجيهات في أعمال النشاط المدرسي، وكان اسم ”القطيف“ هو البداية حيث طلب منه أستاذة الفلسطيني الجنسية سعيد «لا يذكر العائلة» حينذاك أن يخط كلمة القطيف، وكتبها بقدر الذي يراها جميلة، حينها أعجب الأستاذ وميزه وأعطاه هدية لتشجيعه.
بدأ يعيد كتابتها في منزله ظنا منه أنه يستطيع كتابتها أفضل وأجمل واعتقد أن التكرار والاجتهاد جعل في نفسه الإصرار ليُحسن من جودة خطه، وراح يسبر في محيط الكلمات التي كانت تكتب باليد وخصوصا الصحف والمجلات والإعلانات رغم أنها لم تكن تكتب بقاعدة، لكنه بالنسبة لمرحلته الدراسة الرابع الابتدائي كانت مفيدة، في الوقت نفسه وبالتحديد في مدرسة الشاطئ كبر اهتمامه بالخط والسبب في ذلك أن تلك المدرسة أصبح فيها أنشطة وفعاليات كثيرة، وعزز هذه قدوم مدرسي ”مصريين“ وكان لهم الواقع الأقوى في تلك الالهامات ومن بينهم أستاذه فوزي وهو خطاط مُجيد وموهوب، وكان يتابع ”يشف“ على خطه شغفا بالتعلم.
كانت الإمكانيات شحيحة بالنسبة لعمره والبدايات حتما ستكون صعبة على قلة المتاح في تعلم هذا الفن، فقد كان يراقب الخطاط العملاق الجهبذ الأستاذ عبد الله الغانم في بيته الكائن بالقلعة كان يرصده وهو يخط على ألواح خشبية تحفز للخط، واكتشف يوما بعد يوم أن هذا العالم يستحق الاكتشاف والاهتمام، وفي مدرسة الشاطئ تعمق بهذه الفنون أكثر وأكثر واتجه للرسم والتشكيل والمشاركة في معارض المدرسة لمدة سنتين، وهام فيه مخلفا ورائه الخط تحت رعاية خاصة واهتمام لا نظير له من مدرس التربية الفنية الأستاذ حامد كوك مصري الجنسية.
في المرحلة المتوسطة الأولى كان التشجيع والطموح له أثر كبير في صقل موهبته وفهم الفن التشكيلي والخط ومعرفة الكثير عن الرسم بإشراف المربي القدير الأستاذ السيد طالب السيد عدنان السادة من أهالي بلدة صفوى المحروسة، ومن حسن حظه أيضا وجود آنذاك مديرا خلوقا مشجعا للمواهب هو الأستاذ المربي يوسف بوسعد من مدينة الأحساء العريقة انتبه إليه، وقام بإرشاده عن فن الخط بالقدر الذي يسمح به وقته.
ومن ضمن التشجيع أنه أتاح له الفرصة، رغم صغره وطالب في النشاط الفني، إلا أنه جعله يرسم على قماش مقاس خمسة أمتار في ثلاثة أمتار وهي عبارة عن خلفية لمسرحية في المدرسة الثانوية، والتي كان بطلها الفنان المخضرم الأستاذ عبد الناصر الزاير الغني عن التعريف، حينها رجع وتوسع اهتمامه بالخط وبقوة حينما رأى لوحة معلقة على باب غرفة التربية الفنية مكتوب فيها آية «الله نور السماوات والأرض» وقد كانت هدية من أرامكو بخط المبدع المتألق العملاق الخطاط ناصر مكي.
هذه اللوحة أو بالأحرى هذا الخطاط دُهش من قوة خطه وخاصة عندما علم أنه من القطيف، وسار يبحث ويفتش عن لوحاته وتوقيعاته، والذي أصبح شاغله النفسي وراح يقلب بانتباه بلوحاته التي كتبت بخط النسخ في الثانوية، وتعمق بالأستاذ العملاق القدير علي السنان، والذي بهره خطه المدروس والقابلية التي يدرك بها المسير لتلك المدرسة الجميلة في الخط.
بدأ الخط يتغلغل في داخله، وينشد إليه برغبة كبيرة، وأصبح المتنفس والملتجئ الذي يهفو إليه، لفترات معينة في وقت فراغه قام بمعاونة الأستاذ والخطاط الكبير عبد الله الغانم في محله، تبلورت لديه فكرة افتتاح محل للخط خاص به بمسمى ”رضا للدعاية والإعلان“ «1987 - 2002» وكان منتشرا باسم «خطاط - رسام» وهو أول ترخيص ووكالة إعلانية بالقطيف الكائن في منطقة البحر شارع مكة.
تميز بكتاباته الجدارية في المساجد والحسينيات، فنال شرف الكتابة على جدران مسجد الفتح القائم في بلدة الدبابية وحسينية المرحوم السيد جعفر الماجد ومسجد الشيخ علي بن يعقوب القديم في حي باب الشمال، وكثير من الشواهد وأهمها شاهد قبر العلامة الشيخ منصور البيات قدس سره، وشاهد قبر الخطيب الشيخ عباس المحروس طاب ثراه وغيرهما، وكم ساهم في تصميم بعض أغلفة الكتب.
من أوائل المؤسسين مع الأستاذ البارع الماهر علي السواري لجماعة الخط العربي في القطيف عام 2000 م، شارك بمعرضين متواضعين في نفس سنه التأسيس، مشارك مقل جدا في الإنتاجية للوحات، ففي نفس العام انتقل للعمل في مدينة الرياض، وساهم بلوحة أو لوحتين لا أكثر، نتمنى من الله عز وجل أن يوفقه ويعوضه خير تعويض فهو يستحق الثناء والتكريم.