للمتزوجين.. لو عاد الزمان هل تتزوج نفس الشخص؟!
هل فكرت يومًا في اختيارك؟ هل تتزوج نفس الشخص مرة ثانية أم ترفض؟ بعدما تكشفت المزايا الجيّدة والعيوب والطبائع هل تكرر نفس التجربة؟ قبل الزواج لا ينكشف الشخص تمامًا في أخلاقه وصفاته لأن المجاملات في فترة ما قبل الزواج كبيرة جدًّا وبعدها بقليل تتضح الرؤية!
في سنوات الصبا الحبّ والشهوة والشكل الجسمانيّ ثم يأتي بعد ذلك العقل والروية وتقارب الأَرواح يشدّ ما نقضته الأيام من شهوة وأَضعفه الزمان من حبّ. قرأنا في الروايات الأدبية حكاية قيس وليلى وما كان بينهما من غرام شغل الشعراء فماذا لو تزوج قيس ليلى وانتهى بهما الأمر عجوزان في كوخٍ أو بيتٍ صغير مع حفنة من الأولاد والبنات، يكد قيس طوال اليوم وتعمل ليلى في البيت ليل نهار، هل يدوم الحبّ بينهما أم ينتهي إلى شيءٍ آخر؟ الله وحده أعلم!
رجل غريب وامرأة غريبة لا يعرفان بعضهما بعضًا البتة، وإن كانا يعرفان بعضهما من المحتمل أنه لم يدر في خلدهمَا أن يكونا زوجين ثم جاءت آيات الله أن جعل بينهما السكينة الروحية والهدوء النفسيّ ويكملان بعضهما بعضًا. الشيطان لم يمت بعد، فينزَغ ويفسد بينهما؛ تعرف يا أستاذ أنتَ تستحق زوجةً أجمل وأكثر أناقة من التي اخترتها! أنتِ أيتها الجميلة كيف اخترتِ هذا المخلوق العجيب؟ هناك ملايين من الرجال يتمنون الزواج منك ولكن ها أنتِ مسترسلة في حياة تشبه الجحيم، تضيعين عمركِ وجمالك معه!
من الطبيعيّ أن تدوم الجاذبية والمودة بين الزوجين في سنوات الشباب وفي كبر السنّ تأخذ الرحمة والإيثار والعطف مكان المودة وتحل محلها. فترى الزوجين يصبران على بعضهما في الحلوة والمرة ينشئون أبناء في ظل المودة والرحمة.
الصبر في الحياة الزوجية مهارة أساسية يتعلمها الأزواج من خلال تجارب السنوات لأن الحياة الزوجية من المستحيل أن تكون - كلها - سمن وعسل. فيها لحظات مرة مثل الخلّ ولو قليلة! لذلك لا تستغرب إذا جاء في أحاديث النبيّ محمد صلى الله عليه وآله والأولياء حث الزوجة الواضح على الصبر على زوجها والزوج على زوجته والوعد بالأجر والثواب الوافر لمن صبر.
حقيقة التجارب هي أننا نظنّ أن البعيدَ أحلى وما في أيدينا أقلّ حلاوة! بينما الواقع أن المرءَ الراضي بقسمته واختياره يكون سعيدًا، ولا ضمان في الحياة أن شريكًا آخر أنسب وأريح! قد تكون السعادة في البديل إذا تعاسرَ الزوجان، ولكن إذا تعمقنا قليلًا في حالاتِ الفراق والاصطدام نرى أن قلة الصبر على الشريك أكثر أسبابِ الفراق!
دعوة بحياة سعيدة ومديدة للأزواج الذين يصبرون على بعضهم. {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ}، شركاء في هموم الدنيا ومتاعبها وما كان فيها من راحة، ثم يسعدهم الله ويهنئهم في الآخرة.