استقبل ولا ترسل
«استقبل ولا ترسل».. عبارة سمعتها من أحد الإخوة الأعزاء وهي نصيحة لواقعنا المعاصر ولها مفعول مفيد ومباشر، تعني أنك حينما تواجه شخصا ما يوجه لك شتيمة ما أو قدحا ليس في محله، فما عليك إلا أن لا ترد الإساءة بالإساءة حتى وإن كانت جارحة في حقك؛ لأنك بذلك حافظت على كرامتك وعزتك لعل وعسى يخجل الطرف الآخر من نفسه وسوء فعاله، وقد صدق من قال: يخاطبني السفيه بكل قبح فأكره أن أكون له مجيبا، يزيد سفاهة فأزيد حلما كعود زاده الإحراق طيبا.
هنا تسمو على خصيمك بعلو أخلاقك وحسن أدبك، وهذه هي مكارم وخلق الإسلام الحنيف، والتي جسدها القرآن الكريم حينما وصف النبي محمد (ص) وصفا دقيقا ومهما عندما قال الله جل في علاه: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: آية 4]
فكسب الرسول محمد (ص) احترام مناوئيه قبل محبيه؛ لأنهم رأوا فيه قمة في سلوكه وعظمة في أدبه وأخلاقه وأمانته التي لا يمكن وصفها لعلو شأنها وكبر مكانتها، إذا لا بد لنا كمسلمين أن نجعل من نهج الرسول وأفعاله أسوة وقدوة لنا في حياتنا العملية والإنسانية والأخلاقية، وفي نفس الوقت علينا الإصغاء والاستماع بجدية وتمعن إلى أصحاب الخبرة والدراية في مشاكل وعقبات هذه الحياة، ونستفيد من تجاربهم وخبرتهم في كيفية فن التعامل مع ردات الآخرين وانفعالاتهم المستهجنة لتجنب الفعل والفعل المضاد والابتعاد عن كسب المعركة مهما كانت النتائج وتحقيق نشوة الانتصار على الطرف الآخر مهما بلغت إساءته.