عراقيون لاجئون في أوربا والعيش على هامش الحياة المُتْرَفة وضيق السبل
تاريخ الثلاثاء, 26 آذار/مارس 2013 20:39 | كتب بواسطة: abz
بغداد/ المسلة: لم تطأ اقدام العراقي حسين الياسري (25 سنة) الجنّة في أوربا، بل أرض "ميعاد كاذب" وانتظار، فحسب، ولم يكن يخطر على باله ان رحلة التهريب الصعبة من عمّان الى روسيا البيضاء ثم بولونيا ستطول لنحو خمس سنوات لاجئاً غير معترف به في هولندا، وعلى شاكلة احمد، ينتظر نحو 1400 عراقي فرص الحصول على الاقامة، في هولندا، لكنه انتظار اليائس، وان قرار الترحيل الى العراق قاب قوسين أو أدنى.ويعترف احمد لـ"المسلة"، ان "الفرصة تضيق وان ترحيله الى العراق سيكون بمثابة نهاية الحلم".وبدا احمد واقعيا اكثر، حين قال وهو ينفث دخان سيكارته إن "الاوضاع الاقتصادية في العراق تتحسن وربما استطيع الحصول على فرصة عمل". العيش على هامش الحياةوطيلة سنوات عاش احمد فيها على الهامش، يعدّ ايامه آملاً في الحصول على الاقامة، متجولاً في الاسواق، غير قادر على العمل بسبب الاجراءات القانونية التي تحول دون منح النازح اجازة ممارسة مهنة.ويشير احمد إلى لحظات سعادة عاشها قال عنها إن "لحظات الهزيمة وصعوبة الانتظار، صاحبتها لحظات متعة، فقد نلتُ ثقة وصداقة فتاة هولندية، ساعدتني في اموري اليومية، ومنحتني دفئاً افتقدته طوال سنوات الغربة".وحين سعت صديقته الهولندية (ياشيكا) الى مساعدته في الحصول على رخصة الاقامة بطريقة او باخرى، اصطدمت هي الاخرى بقوانين اللجوء الصارمة ايضا.ويستطرد احمد في حديثه "اخاف من المصير المجهول اذا تركت هولندا مع رفض دول اخرى استقبالنا، ومع صعوبة العودة الى العراق".لاجئون مضطهدون جنسياًوكان حزب دي 66 الهولندي دعا بالتضامن مع حزب الخضر اليساري الى "منح الاقامة للاجئين العراقيين المضطهدين جنسياً، ويشمل ذلك المثليين والمتحولين جنسياً، كما قال البيان "الخطر الداهم ينتظره اولئك في العراق".وهنا شاب عراقي آخر يدعى علاء عبد الله الذي وصل الى بلجيكا في العام 2009، بعدما دفع لشبكات التهريب ما يزيد على العشرة آلاف دولار، لكن وصوله لم تكن بداية المطاف الاوربي السعيد، اذ سرعان ما رمته القوانين الجديدة الخاصة بالهجرة الى العيش على الهامش، وبعد انتظار سنوات، توجب عليه الرحيل الى هولندا، ما دفعه الى الاختفاء والعيش حياة سريّة في الظلام، بين المعارف والأصدقاء.ويقول عبد الله "إنني تحولت الى خفّاش ظلام، أمارس عملاً متواضعاً في احد المطاعم التركية، بطريقة غير شرعية، متخفياً عن انظار الشرطة".وعلى الرغم من ان عبدالله خريج كلية الاداب جامعة بغداد، الا ان البطالة في بلده، دفعته الى التفكير بالهجرة الى اوربا، على حد قوله.ويلفت عبد الله إلى أن "وقتها، فكرت في الهجرة بعدما حصلت على معلومات تؤكد امكانية الحصول على صفة لاجيء في اوربا".اليأسعبدالله قدم اسبابا منطقية لدائرة الهجرة بشأن اسبابه في النزوح من وطنه، الا ان الامر بالنسبة لهم لم يكن كافياً، ليصدر قرار رفض منحه صفة اللجوء، غير أن عبدالله الذي بدا يائساً من الوضع الذي ساقته الاقدار اليه، لا يعرف السبيل الذي سيهتدي اليه في المستقبل، لاسيما وان المال الذي بحوزته نفذ، كما ان الحالة المادية لأهله في العراق لا تتيح لهم مساعدته.ويعتقد عبدالله ان حاله التي تشبه حال المئات من العراقيين في بلدان اللجوء المختلفة تحتاج الى تدخل حكومي عراقي لمساعدة اللاجئين العراقيين الذين تقطّعت بهم سبل العودة.الحياة السريّةوإذا كان عبد الله يقلق من وضعه ويتوق الى حسْم أمره سريعا، فان شباباً عراقيين يعيشون على الهامش في مجتمع يحفل بالمتعة وحياة الترف، لا يعبئون للمصير الذي آلوا اليه.فما زال مرزة هاشم 22 عاما يقيم بصورة غير شرعية في بلجيكا منذ ثلاث سنوات من دون الحصول على اوراق الاقامة الرسمية متنقلا بين اصدقاء وأقرباء، يحصل على قوته اليومية من الاعمال البسيطة في المطاعم وأعمال التنظيف، والنوادي الليلية من دون الحصول على اذن شرعي بالإقامة او العمل.ووجد مرزة في حياة المتعة والنساء وتناول الكحول مع بنات الليل، حياة مثالية.يقول مرزة "لا أعبأ لأي صعوبات، اعيش يومي، وكفى وحول السؤال عن المستقبل وعدم حصوله على ضمان اجتماعي يعينه في اوقات الشدة، يقول "لا فرق عندي، فانا اعمل بشكل يومي، واحصل على ما يكفيني، وفي الليل اجد متعتي مع نساء وخلان وهذا يكفي".ويعيش الكثير من النازحين العراقيين وغيرهم ممن رُفِضت طلبات لجوئهم في عالم سري بعيداً عن أعين السلطات.اختفاء النازحينولا تقتصر ظاهرة اختفاء النازحين لاسيما الشباب منهم على هولندا، فقد اعلنت مصلحة الهجرة السويدية نهاية العام 2012، ان عدد طالبي اللجوء الشباب الذين اختفوا من المنازل المخصصة لهم من قبل البلديات، في العام 2012 نحو ستين شابا، وهذا الرقم يضاف الى اكثر من مائتي شاب مهاجر الى السويد خلال السنوات الاخيرة.ومثل مرزة كثيرون، تجرفهم حياة الليل والمتعة وسط خليط اجتماعي غير متجانس فلا يعبئون لمستقبل، او يبحثون عن مخرج لمأزق العيش على هامش الحياة في الغربة، وتقتصر الاعمال التي يمارسونها على التنظيف والطبخ في مطاعم وجبات شرقية في الغالب والمزارع الخاصة.وتتحدث سوسن التميمي التي تقيم في هولندا منذ نحو عشرين سنة لـ"المسلة"، عن شاب قريب لها اختفى نهائيا عن الانظار بعدما تلقى قرار ترحيله من البلاد".وبحسب التميمي فان "سالم كاظم 23 عاما لم يعد يستطيع التفكير بشكل منطقي بعدما فشل في اقناع الجهات المسؤولة بأسباب لجوئه، ما يتحتم عليه الرحيل".وتؤكد التميمي أن "هناك احتمالان، اما ان يكون سالم قد اختار العيش في هولندا سرا، ليمارس الاعمال بلا رخصة، وهو امر يعاقب عليه القانون او اختار النزوح الى بلد آخر".وتؤكد إحصاءات غير رسمية أن أكثر من أربعة ملايين عراقي يعيشون في اوروبا، بينما تشير منظمات حقوقية إلى أن أغلبهم من العاملين في مجالات حيوية مثل المطاعم والفنادق والطرق السياحية، فيما تمارس نسبة قليلة المهن.
الآن..