ماذا يحدث لو اضطررت إلى التبول أثناء النوم؟ – ترجمة عدنان أحمد الحاجي
?What happens if you need to pee while you’re asleep
(بقلم: جينيفر آن أستاذ مساعد في جراحةالمسالك البولية، كلية الطب، جامعة واشنطن – Jennifer Ahn)
عندما تشرب ماءً في النهار، يحول الجسم السوائل الزائدة التي لا يحتاجها إلى بول. هذا البول يجتمع في المثانة وفي نهاية المطاف سيستيقظ الشخص لو اضطر إلى الذهاب إلى المرحاض.
ولكن ماذا يحدث ليلًا أثناء النوم؟ كيف يعرف الجسم ألا يتبول أثناء النوم؟
النوم لا يعني أن الجسم خامد (غير نشط) تمامًا – فالعمليات الفسيولوجية، كالتنفس والهضم، ونعم، حتى التبول، مستمرة حتى أثناء النوم. فالمثانة والدماغ يعملان معًا (ينسقان معًا) لمعرفة ما يجب عليهما فعله مع كوب الماء الكبير الذي شربه شخص قبل النوم.
يذهب الناس الى المرحاض لقضاء الحاجة بشكل روتيني، لذلك قد لا ينتبهون إلى ذلك كثيرًا. ولكن فهم كيف يعمل الدماغ والمثانة معًا – وفي بعض الأحيان لماذا يحدث خلل في التواصل (التنسيق) بينهما – يعد جزءًا مهمًا من وظيفتي كطبيبة مسالك الأطفال البولية.
المثانة والدماغ
للمثانة وظيفتان رئيستان: تخزين (الاحتفاظ بـ) البول وإفراغه بشكل آمن [في المرحاض] . على الرغم من أن هاتين المهمتين تبدوان بسيطتين جدًا، إلا أنهما تتطلبان الكثير من التنسيق المعقد بين العضلات والأعصاب(1)، وتلك هي وظيفة يختص بها الدماغ.


ترسل المثانة إشارة إلى الدماغ عندما تكون ممتلئة، حتى أثناء النوم.
بالنسبة للرضع والأطفال الصغار (3 – 5 سنوات، بحسب التعريف)، للمثانة منعكسات لاإرادية(2)، مما يعني أنها تعرف تلقائيًا متى تضغط على العضلات لتفريغ البول. وبما لا يستطيع الرضع والأطفال الصغار التحكم في هذه العملية بشكل ارادي، فإنهم عادة ما يرتدون حفاضات. ولكن مع نمو الأطفال(3)، تنمو وتقوى أيضًا عضلات المثانة وأعصابها، مما يمنح الطفل مزيدًا من التحكم في المثانة.
أثناء التدريب على استخدام المرحاض(4)، والذي يبدأ عادةً عند بلوغ الطفل سن 3 أو 4 سنوات في الولايات المتحدة، يتعلم الأطفال كيف يستخدمون المرحاض بمحض ارادتهم. وهذا يعني أن الطفل يستطيع أن يشعر حين تمتلئ مثانته بالبول ويستقبل دماغه تلك الإشارة ويفهمها. يستطيع الدماغ بعد ذلك أن يطلب من المثانة أن “تحتفظ بالبول” حتى يصل الطفل إلى المرحاض ويكون التبول حينئذ آمنًا.
ماذا يحدث أثناء النوم؟
يتعلم معظم الأطفال أولاً كيف يستخدمون المرحاض أثناء النهار. فقد يكون الذهاب الى المرحاض طوال الليل أكثر صعوبة(5) لأن الدماغ النائم لا يستقبل الإشارات من المثانة بنفس الطريقة التي يستقبلها حين يكون مستيقظًا.

حين يكون مستيقظًا، إذا كان هناك ضجيج عالٍ أو ضوء ساطع، فإن الجسم يستشعر ذلك الضجيج أو ذلك الضوء الساطع ويتفاعل معه كل منهما. لكن أثناء النوم، قد لا يسمع الجسم تلك الضوضاء أو يرى ذلك الضوء لأن الدماغ يكون حينئذ في حالة سبات(6). تخيل أنك غاطٍ في نوم عميق أثناء وقوع عاصفة رعدية استمرت طوال الليل ولم تعِ بحدوثها حتى سمعت الناس يتكلمون عنها بعد ان استيقظت صباحًا. لم يتمكن حينئذ دماغك من معالجة أصوات الرعد العالية لأنه كان مركزًا على النوم.
نفس الشيء قد يحدث مع الإشارات التي ترسلها المثانة الى الدماغ. تُمليء المثانة بالبول على مدى 24 ساعة يوميًا، حتى أثناء النوم، وترسل إشارات إلى الدماغ عندما تكون ممتلئة. سيطلب الدماغ من المثانة أن تحتفظ بهذا البول حتى يستقيظ الشخص صباحًا، وذلك من أجل مساعدته على الحصول على قسط كاف من النوم.
في بعض الأحيان، إذا كان هناك اضطرار إلى التبول، سيطلب الدماغ من الجسم أن يستيقظ حتى يستطيع الشخص إفراغ مثانته بالكامل والتخلص من مخزون البول. على الرغم من أنه من الطبيعي الاستيقاظ للتبول في بعض الأحيان – خاصة لو شرب الطفل كوبًا كبيرًا من الشوكولاتة الساخنة قبل النوم مباشرة – إلا أن معظم الأطفال الأكبر سنًا (14+ سنة، بحسب التعريف) يمكنهم عادة النوم طوال الليل دون الحاجة إلى الذهاب الى المرحاض.
عندما يعمل الدماغ والمثانة معًا بشكل جيد، تمتلئ المثانة تدريجيًا طوال الليل وتظل محتفظة بالبول حتى الصباح إلى حين يدخل الشخص الحمام لإفراغ البول.
حوادث ليلية
ولكن هناك العديد من الحالات التي يمكن أن يتعطل فيها التواصل (التنسيق) بين الدماغ والمثانة. واحدة من هذه الحالات، قد لا يتلقى الدماغ اشارة من المثانة بأن وقت الإفراغ قد حان. بل حتى لو حصل الدماغ على الاشارة، فقد لا يتمكن من الطلب من المثانة بإن تحتفظ بما فيها من البول. أو قد لا تستطيع المثانة الانتظار، حينها قد لا يطلب الدماغ من الجسم الاستيقاظ للذهاب الى المرحاض. إذا لم يتم إرسال الإشارات، أو لو استُلمت بشكل غير صحيح، فستنتقل المثانة إلى وضع المنعكس (اللاإرادي) – وتضغط اعصاب المثانة لتفريغ نفسها من البول، حتى لو كان الشخص يغط في نوم عميق.


كثير من الأطفال يتبولون في الفراش ليلاً
التبول في الفراش أثناء الليل، وهو ما يسميه الأطباء سلس البول الليلي [أو التبول في الفراش ليلًا(7، 8)، يعد أكثر شيوعًا مما يُعتقد. حوالي 15% من الأطفال ما بين 5 و 7 سنوات يتبولون في الفراش أحيانًا(5). حتى أن بعض المراهقين يمارسون تلك العادة. وهي أكثر شيوعًا عند الفتيان مما هي عند الفتيات، وغالبًا ما يكون هناك عامل التاريخ العائلي [توارث]، مما يعني أن كلا الوالدين [أو واحدًا منهما] أوالأقارب ربما كانوا يعانون من هذه الحوادث الليلية أيضًا.
هناك عدة أسباب للتبول الليلي. بما أن أدمغة الأطفال في طور النمو والتطور، فإن التواصل بين الدماغ والمثانة أثناء النوم قد يستغرق وقتًا أطول نسبيًا.
بعض الأجسام تتبول بشكل أكثر تواترًا أثناء الليل، مما يعني أن احتمال امتلاء المثانة بالبول أثناء النوم وارد جدًا. حجم مثانة بعض الناس صغير نسبيًا ولذلك تمتلئ بسرعة. في بعض الأحيان، صعوبات الخلود الى النوم أو في حال نوم عميق قد يؤديان إلى صعوبة في الاستيقاظ ليلاً لو اضطر الشخص إلى التبول(9).
معظم الأطفال الذين يتبولون في الفراش ليلاً تنتهي لديهم هذه العادة تدريجيًا كلما استمرت أدمغتهم وأجسامهم في النمو والتطور. عند بلوغهم تلك المرحلة، بإمكانهم النوم طوال الليل دون الاضطرار إلى التبول، أو تكون أجسامهم قادرة على الاستيقاظ ليلاً للذهاب إلى الحمام
في حال اضطروا إلى ذلك.

جهاز انذار للتبول في الفراش
لو مثَّل التبول في الفراش مشكلة، فهناك بعض الاحتياطات التي يمكن أن تساعد في الحل(5)، ومنها شرب كميات أقل من السوائل ليلًًا أو استخدام الحمام قبل النوم مباشرة. هذه الاحتياطات تقلل من احتمال امتلاء المثانة أثناء النوم. هناك أيضًا أجهزة إنذار(11) للتبول اللاإرادي / الليلي يمكن أن تساعد في تدريب الجسم على الاستيقاظ عند الحاجة إلى إفراغ المثانة. إذا كانت هناك مخاوف بشأن الحوادث الليلية، أو إذا بدأت هذه الحوادث تظهر عند الأطفال الأكبر سنًا (14+ سنة)، فإنني أوصي باستشارة طبيب.



الأستاذ عدنان أحمد الحاجي