بكم تبيع ساعةً من عمرك؟.. حكايات لأحفادي
أَبيع ساعةً من عمري؟ هل العمر يباع؟ لو يباع العمر ما بعت لحظةً واحدة بأقل من ملايين، كيف بساعة كاملة؟ لا تستغرب هذا السؤال حيث في هذه الفترة الزمنية هناك الكثير من الناس يطالبونا في مواقع التواصل بمتابعة قنواتهم ومشاهدة ما يعرضون فيها من مقاطع ومقالات!
هم يدعونا لاستثمارِ أعمارنا مجانًا وهم الرابحون؛ يربحون المال والشهرة. ليس كلهم، فيهم من يستحق المتابعة والاستثمار! لذلك نصيحتي بسيطة جدًّا: أغمض عينيك وأغلق أذنيك، لا تصغِ لكل من يطلب منك المتابعة ولا تضع عمرك الثمين في مشاهدة المقاطع السخيفة. أربع مقاطع من ربع ساعة تساوي ساعةً كاملة!
لا أحد - صغيرًا أم كبيرًا - يمكنه التملص من ضياع بعض الوقت في صغائر الأمور، لكن ليس إلى حدّ أن تضيع عدة ساعات في اليوم وعلى حساب المستقبل. إليكم هذه العملية الحسابية البسيطة:
15 دقيقة كل يوم تساوي 91.25 ساعة في السنة أو 3.8 يومًا.
ساعة واحدة تساوي 15.21 يومًا. أربع ساعات تساوي 60.38 يومًا.
تخيل الحدثَ التالي وهو فعلًا من الخيال: مرض أغنى رجل في العالم - ثروته مليارات الدولارات - ولما زار الطبيب قال له الطبيب: مع الأسف، الشفاء غير ممكن ولكن يوجد دواء يمكنه أن يبقيك شهرًا واحدًا فقط في الحياة. الدواء ثمنه يساوي ما عندك من مال؟ ألا تظن أن أغنى رجل مستعد ليبادل كلّ ماله من أجل شهر واحد؟
عندما نكون في الخامسة من العمر أو السادسة تبدو الأرقام السابقة في نظرنا صغيرة جدًّا، في الثامنة عشرة من العمر تبدو أهم وفي السبعين أغلى رأس مال. لا أدري إذا كان القارئ الكريم يلاحظ كيف الوقت يمرّ في يومه وفي يوم أطفاله؟
ليس جزافًا إذا قلت بأن بعض الشبان والشابات - والكبار أيضًا - يهدون أعمارهم مجانًا لكل من هبّ ودبّ. الفارق بين عدم التميّز والتميّز في المدرسة والحصول على معدلات عالية ومن ثم مستقبل أفضل هو الساعات التي يستثمرها الشبان والشابات إما في أشياء تافهة أو في متابعة التحصيل النافع وإن كان لا بد من بعض الترفيه!
الترفيه حقّ لك ولي وللجميع، وإلا ما قدرنا على مواصلة السير الصعب في الحياة ولكن ليس على حساب أن يأكل الترفيه عمرنا ويضيع مستقبلنا. نحن كبار السن في مجموعات تواصل يصلنا من هذه المجموعات عدد كبير من المقاطع والتعليقات وإذا شاهدنا كل المقاطع وتمعنّا في كل تعليق ورددنا عليه، ماذا يحصل لوقتنا؟
خلاصة الفكرة: لو كان من عمرٍ للبيع لعاش الأغنياء زمنًا طويلًا بأموالهم. لذا فلنحتفظ بعمرنا الثمين لأنفسنا فهو يساوي الكثير؛ يساوي الدنيا وما فيها.