مسرى الرسول ﷺ ومعراجه
ولما جاءت السنة الثامنة أو العاشرة بعد بدء الوحي أسري بالنبي وعرج به إلى السماء. حدث ذلك بكل بساطة، وتحدث به القرآن وأجمعت الأمة على أن ذلك حدث بجسمه الشريف وروحه معا. وفي حديث البخاري ومسلم أنه صلى الله عليه وسلم أتي بدابة طائرة اسمها البراق تضع حافرها عند منتهى بصرها، فذهبت به إلى المسجد الأقصى فصلى إماما بالأنبياء، ثم صعد السماوات فرأى فيها رسل الله وخاطبهم ورأى من ملكوت الله ما تحدث عنه بكل صدق وبساطة إلى أن انتهى إلى سدرة المنتهى فأوحى إليه ربه ما أوحى.
ولما أصبح وأخبر الناس كما يفعل الصادق الفطري تلقى المشركون خبره وهم لقبوه بالأمين يعلمون أنه لا يكذب، بالسخرية وتحدوه أن يصف لهم بيت المقدس. وكان صلى الله عليه وسلم زاره ليلا فلا يتبين جزئياته. قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه البخاري ومسلم : «لما كذبتني قريش قمت في الحجر فجلى الله لي بيت المقدس، وأنا فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر إليه».
هذا الكشف وهذه التجلية الإلهية عطاء من الله لا يزال يتجدد لصالحي هذه الأمة، ولا يزال يكذب المكذبون. وتعرض بعض المشركين لأبي بكر يحدثه بالخبر الضخم راجيا أن يزلزله، قال أبو بكر: «إن كان قال ذلك لقد صدق، إني لأصدقة على أبعد من ذلك».
ومما أوحى الله لنبيه عند سدرة المنتهى أن فرض عليه وعلى أمته الصلاة، فأصل الدين وعماده جاء في موقف غيبي يكنفه جو غيبي كما يكنف الرسول على مدى دعوته.