الكورد في تركيا
تبلغ مساحة كوردستان في تركيا 216 الف كيلومتر مربع اي 28% من مساحة البلاد.اقتسمت الأمبراطوريتان الفارسية والعثمانية اراضي كوردستان الفاصلة بينمهما بموجب اتفاقية "قصر شيرين" التي عقدت بينهما عام 1639 والتي بموجبها استحوذ الفرس على زهاء ثلث مساحة كوردستان التي تشكل حالياً المناطق الشمالية الغربية من إيران. بينما استحوذت السلطنة العثمانية على باقي مساحة كوردستان والتي اسفرت اتفاقية سايكس ـ بيكو على الحاق جزئين منها بالعراق وسوريا فيما كان الجزء الأكبر من نصيب الجمهورية التركية وريثة السلطنة العثمانية.
وقد ذاق الكورد الأمرين على يد العثمانيين ووورثتهم في الجمهورية التركية. فلم تهدئ الثورات الكوردية في شمالي كردستان ابداً، وقد كان البطش العثماني والتركي كبيراً وفظيعاً اسفر عن مقتل الملايين من الكورد حتى الآن.
وتعتبر الثورة التي قام بها بدرخان باشا عام 1842 اول ثورة ذات طابع قومي كوردي. وشملت الثورة مناطق واسعة من كوردستان في ايران وتركيا وكانت تهدف لإقامة دولة كوردستان الكبرى. وقد حارب الكورد العثمانيين والإيرانيين اربعة اعوام، ومن ثم تدخلت فرنسا وبريطانية الى جانب السلطة العثمانية اضافة الى الإنشقاق الداخلي في صفوف الثوار، كل ذلك ادى الى فشل الثورة.
وفي عام 1880 ثار الكورد مرة ثانية بقيادة الشيخ عبدالله النهري في مدينة شمزينان، وقد اتحدت كل من ايران والسلطنة العثمانية لمجابهتها، وكانت نهاية الثورة حينما قبض على الشيخ النهري وهو يتجه لإسطنبول لإجراء مفاوضات سلام مع الأتراك بعد موافقته على وقف إطلاق النار.
وفي مطلع القرن الماضي شارك الكورد في نهضة السلطنة العثمانية فكونوا مع المثقفين الأتراك جمعية (الأتحاد والترقي) والتي تنكرت فيما بعد للحقوق الكردية. ومن ثم اسس المثقفون الكرد جمعية (خويبون) وتعني الأستقلال واعلنوا عام 1927 الثورة في جبال آرارات وآغري بقيادة الجنرال الكوردي إحسان نوري باشا. واستمرت الثورة ثلاثة اعوام قبل ان يتمكن الأتراك من القضاء عليها.
وقد ارتكبت القوات التركية بأمر من مؤسس الدولة مصطفى كمال "اتاتورك" المجازر بحق الكورد . فقد نشرت صحيفة الأحوال البيروتية في عددها ليوم 13/8/1930 تقول لقد دمر الأتراك 220 قرية قي منطقة آغري وحشدوا عشرة آلاف طفل وشيخ وامراءة في وادي زيلان وامطروهم بالرصاص ليقتلوهم دفعة واحدة.
وفي ولاية وان اعتلقت القوات التركية مائة مثقف او افندي كوردي واوثقتهم لتلقي بهم في اعماق بحيرة وان ليقضوا بعد ذلك. كما دمر ونهب الأتراك 400 قرية بالقرب من جبال تندرك وبدؤوا في تهجير سكانها الى مناطق الداخل التركي.
وفي عام 1925 اعلن الشيخ سعيد بيران ثورته الكبرى في دياربكر ضد الحكم التركي وطالب بولاية كوردستان المستقلة، فحاربته الدولة بلاهوادة واستطاعت بعد قتل عشرات الآلاف من الكورد وتدمير مئات القرى قمع ثورته بمساعدة الفرنسيين الذين قطعوا الإمدادات عنها، ومن ثم القوا القبض على الشيخ سعيد في دياربكر وتم اعدامه هو واركان ثورته.
وفي عام 1937 ثار الكرد العلويون في ديرسم بقيادة سيد رظا، لكن الأتراك قمعوا الثورة وقتلوا عشرات الآلاف قصفاً بالطائرات، كما وصلوا لقائد الثورة وقتلوه. وكانت الحكومات التركية بما فيها تلك التي تلت انقلابات الجيش المستمرة تحكم كردستان بالحديد والنار وتقتل كل من ينادي بالقومية الكردية والتي شٌطبت من البلاد ومن الدستور بشكل تام. وظلت الحال هكذا الى ظهور ثورة حزب العمال الكوردستاني بعد الإنقلاب العسكري التركي عام 1980 الذي القى بعشرة آلاف ناشط كوردي في غياهب السجون وهٌجر مئات الآلاف لخارج البلاد.
وقرر قادة الحزب الذين اعتقلوا في سجن دياربكر اضرام النار في اجسادهم في يوم عيد النوروز الكوردي، وبذلك فقد استشهد القادة التاريخيون للحزب وهم كل من مظلوم دوغان وخيري درموش وكمال بير وعاكف يلماز. في الحين الذي استطاع فيه الزعيم الكوردي الكبير عبدالله اوجلان اعادة ترتيب صفوف الثورة وشن الكفاح المسلح في 15 آب 1984 ضد الدولة التركية للمطالبة بحقوق الكرد.
والثورة مازالت قائمة للآن على الرغم من اختطاف اوجلان في كينيا عام 1999 بمساعدة اسرائيل والولايات المتحدة وتسليمه للدولة التركية. وكان الجيش التركي وعلى طول خمسة وعشرين عاماً يقتل كل من يفكر بالتفاوض مع اوجلان وثورته.
كما سقطت حوامة الجنرال اشرف بتليس احد كبار قواد الجيش التركي الذين نادوا بالحل السياسي للقضية الكوردية. كما زجت تركيا الآلاف في السجون لمجرد الظن في تعاطفهم مع حزب العمال الكردستاني وقتلت ثلاثين الف مدني كوردي ودمرت اكثر من 4000 قرية وهجرت مليوني شخص من مناطقهم، كما سجنت كل من النواب الكورد ليلى زانا واورهان دوغان وخطيب دجلة وسليم ساداك لعشرة اعوام عقوبة لهم على ذكرهم لكلمة الكورد في البرلمان التركي.