النتائج 1 إلى 3 من 3
الموضوع:

سؤال الهوية

الزوار من محركات البحث: 2 المشاهدات : 160 الردود: 2
جميع روابطنا، مشاركاتنا، صورنا متاحة للزوار دون الحاجة إلى التسجيل ، الابلاغ عن انتهاك - Report a violation
  1. #1
    مراقبة
    سيدة صغيرة الحجم
    تاريخ التسجيل: September-2016
    الدولة: Qatif ، Al-Awamiya
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 23,282 المواضيع: 8,365
    صوتيات: 139 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 28843
    مزاجي: متفائلة
    المهنة: القراءة والطيور والنباتات والعملات
    أكلتي المفضلة: بحاري دجاج ،، صالونة سمك
    موبايلي: Galaxy Note 20. 5G
    آخر نشاط: منذ 38 دقيقة
    مقالات المدونة: 1

    T1330 سؤال الهوية

    سؤال الهوية
    سؤال الهوية هو سؤال فلسفي ذو طابع جدلي لا يصل فيه الإنسان إلى إجابة قاطعة مهما حاول الاجتهاد. فقد تناول هذا المفهوم على مر التاريخ القديم والحديث الكثير من المفكرين من مختلف المدارس الفكرية لما يمثل من أهمية تشغل ذات الإنسان وتحدد موقعيته في العالم الذي يعيش فيه. ولا يمكن تجاهل فكرة أن هذا المفهوم يظهر في كل حقبة تاريخية بشكل مختلف يحمل في كل مرة طابعاً جديداً يعكس تطور الفكر البشري ويحكي قصص تطلعات الإنسان وآلامه وهمومه. والمطّلع على طبيعة هذا النوع من المفاهيم سيتفق مع القول بأن هنالك الكثير من التداخلات والوشائج التي تجعل من عملية استقرار هذا المفهوم في أذهان الناس غير متيسرة بل في غالب الأحيان هو في حالة اضطراب بسبب العوامل المحيطة بكل مجتمع وبالتطور السريع على المستوى العلمي والجغرافي والمعلوماتي وعلى مستوى الأحداث الإقليمية والسياسية. فإذا سألنا ما الهوية؟ فبالقدر الذي نعتقد أن الإجابة عن هذا السؤال سهلة فهي من جهة أخرى تحتاج إلى الكثير من الجهد والتحليق في عالم الذهن والفكر للوصول إلى معنى الهوية وغالباً ما تتعذر الإجابة في مرحلة من المراحل لشدة تعقيدها ولمحدودية ذهن الإنسان للإحاطة بمثل هذه المفاهيم المتحركة. يقول أحد الباحثين حول مفهوم الهوية: (لا يُستغنى عن مفهوم الهوية، وفي الوقت نفسه غير واضح، إنه متعدد الأوجه، تعريفه صعب، ويراوغ العديد من طرق القياس العادية). (1) هذا المقال هو محاولة للتعريج على مفهوم الهوية بشكل مبسط وإبداء بعض التصورات بشأنه دون الولوج إلى تعقيدات البحث العلمي والأكاديمي.

    تعرف الهوية – بضم الهاء وهو مصطلح مركب من تكرار (هو) فالمصطلح أصله الهوهوية أي إشارة إلى الذات فالهوية مشتقة من الهو كما تُشتق الإنسانية من الإنسان. يعرف الجرجاني الهوية في كتابه "التعريفات" بأنها الحقيقة المطلقة المشتملة على الحقائق اشتمال النواة على الشجرة في الغيب المطلق. وبتعريف آخر أنها منظومة من الخصائص والعناصر المادية والمعنوية المكونة لوجود شيء ما والتي تميزه عن الأشياء الأخرى بصورة عامة على الرغم من وجود عناصر وخصائص متشابهة. يرى الباحث حسن حنفي أن الهوية هي شأن يختص به الإنسان عن باقي الموجودات وهي مشكلة نفسية وتجربة شعورية، فيقول: (الهوية خاصة بالإنسان والمجتمع، الفرد والجماعة. هي موضوع إنساني خالص، فالإنسان هو الذي ينقسم على نفسه، وهو الذي يشعر بالمفارقة أو التعالي أو القسمة بين ما هو كائن وبين ما ينبغي أن يكون، بين الواقع والمثال، بين الحاضر والماضي، بين الحاضر والمستقبل). (2).

    يمكن تأصيل هوية الإنسان في دائرتين متداخلتين الأولى هي الهوية الأصيلة الأولية التي تولد مع الإنسان وتشكل إحدى استعدادته الأساسية. فالهوية الأصيلة هي التي تميزه عن باقي الموجودات فيُعرّف بالتعريفات المنطقية والفلسفية ومنها أنه كائن موجود حي، ناطق، حساس، نامٍ، ذو إرادة وهكذا من تعريفات لتشكيل نوعه الإنساني الذي يميزه عن باقي أنواع الموجوادت. بالإضافة لهذه الهوية تولد معه الهوية التي تحدد مسير تكامله والهدف الذي وجد من أجله والرسالة التي يحملها بوصفه خليفة الله في الأرض فأودع فيه بذرة التوحيد التي يعبر عنها القرآن الكريم بقوله: {فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها}. كما أن الفطرة هي لغة السماء (الوحي) العالمية التي يمكن بها مخاطبة جميع بني البشر على وجه الأرض، فهي ثقافة مشتركة كما يقول بهذا الرأي الشيخ الجوادي آملي: لكل قوم ثقافة خاصة بهم لا توجد بينها وبين ثقافة الأقوام الأخرى خطوط مشتركة، فاللغة مختلفة، والإقليم كذلك. والعادات والتقاليد وجميع عناصر الثقافة نجدها لا اشتراك بينها من قوم لآخر. ولكن الثقافة المشتركة هي ثقافة الفطرة التي تمثل سنة الحياة والسبيل التي يجب على الإنسان أن يسلكها حتى يسعد في حياته). (3) ويدعم هذا الرأي بقوله تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِى فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ٱللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعْلَمُون). (4).

    الدائرة الثانية هي الهوية المكتسبة من خلال الواقع ونشأة الإنسان في حاضنة مجتمع ما يحمل هوية معينة. وهذه الهوية المكتسبة تكون في بادئ صفحة بيضاء خالية من المعلومات والمعطيات من خارج ذات الإنسان عن طريق الحواس وإعمال قوة العقل، قال تعالى: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).(5).


    الجدير بالذكر أن الهوية المكتسبة قد تكون في داخل دائرة الهوية الأصلية بشكل كامل أو بشكل جزئي. فبعد أن تُحدد هوية الإنسان بنحو تكويني لتمييز نوعه الإنساني وإيداع الفطرة السليمة التي تربطه بمبدئه، يبدأ ظهور دائرة الهوية المكتسبة من خلال الاتصال بالواقع من حوله واكتساب العلوم الأولية والثقافات المحلية والعالمية. وهذه الهوية المكتسبة هي مزيج من هويات متعددة مركبة ومتداخلة تتحكم كل واحدة بحسب شدتها بتحديد الهوية. ذكر المختصون في شأن الهوية أنها مكونة من أربعة عناصر رئيسية تتحكم في تحديد الهوية وهي: الدين، التراث، اللغة والأرض. وغالباً ما تكون هذه الهوية المكتسبة هي الأرضية التي ينطلق منها الإنسان ويبني عليها أفكاره ومعتقداته ويكون فيها الإنسان على وعي بماضيه وحاضره ويرسم لنفسه طريقه المستقبلي ويضع أهدافه الكبرى والصغرى.

    هوية الدين هي أقوى ما يحيط بالإنسان ومن الصعب عليه الانعتاق منها إلا في حالات التمرد على الفطرة الأولى عن طريق العبث بها وإخضاعها للأفكار المنحرفة الفاسدة التي تقودها قوى الشر "فما من مولود إلا ويولد على الفطرة" كما جاء في الحديث. وتأتي هوية الأرض واللغة والتراث أقل قوة من هوية الدين من حيث الشدة والقدرة على الخروج من أسرها وهمينتها. يقول الباحث الدكتور غلام حسين ديناني بهذا الصدد: (ولا شك في التأثير الذي تتركه الاعتقادات الأولى، والابتدائية على فكر الإنسان، والصبغة التي تصبغه بها. وقلما نجد أحداً قد خرج تماماً عن صبغة الآثار المحيطية والثقافية والعقائدية الأولى. وهوية الإنسان هي انعكاس في جزء كبير منها لهوية المجتمع الذي ينتمي إليه. كما أن هوية كل مجتمع إنما هي انعكاس لهويته الثقافية. ولا شك في وجود نظرة أصيلة وفكرة أساسية في كل هوية ثقافية بإمكانهما تحديد فهم الأشخاص المنتمين لتلك الهوية على صعيد القضايا الأساسية. فانتماء الإنسان إلى الآثار الثقافية والعقائدية الأولى هو من القوة بحيث يشغل ذهنه وضميره ويضفي معنىً على حياته. وليس بإمكان أحد الادعاء بخلو أفلاطون من صبغة الثقافة اليونانية. فبنفس مستوى انتماء ابن سينا إلى العالم الإسلامي ينتمي أرسطو إلى أرض اليونان أيضاً). (6).

    الإنسان لا يولد ومعه الهوية الاكتسابية وإنما هي شيء يحتاج الإنسان لتحصيله وتكوينه وهي مهمة شاقة في معظم الأحيان. الدعوة إلى تحصيل الهوية واضح اليوم في ظل إعلام غربي مشوش يفرض هويات مشبوهة ومشوهة تحاول حرف الإنسان عن مساره الصحيح من أجل مصالح قوى دولية وأيديولوجيات إلحادية مدمرة. أما الخطر الآخر فيأتي من داخل الهوية الحالية نفسها فهي عندما تشهد الجمود والرجعية والاكتفاء بأمجاد الماضي والتغني على الأطلال فلا يوجد مجال لأن تأخذ الهوية حريتها ومساحتها الطبيعية في الحركة ومواكبة الحاضر والتشكل من أجل مستقبل مشرق. إذًا الإنسان بين أمرين وهما إما أن يخوض غمار رحلة البحث عن الهوية ويتحمل مشاقها أو أن تجرفه رياح الاغتراب الذي هو صورة مظلمة للذات عندما تغيب عنها الهوية الحقيقية. في هذا الشأن يقول الباحث حسن حنفي: (قد تتحول الهوية إلى اغتراب. تنقسم الذات على نفسها، وتتحول مما ينبغي أن يكون إلى ما هو كائن، من إمكانية الحرية الداخلية إلى ضرورة الخضوع للظروف الخارجية بعد أن يُصاب الإنسان بالإحباط، والإحباط عكس التحقق وضعف الإرادة وخيبة الأمل وتخلٍّ عن الحرية. تشعر بالحزن دون معرفة السبب. وتشعر باليأس والشقاء ثم يسيطر الاغتراب على موضوع الهوية).(7) ويقول أيضًا: (الهوية ليست شيئاً مُعطى بل هي شئ يُخلق). (8).

    إذاً نحن مدعوون لتحديد وتأصيل الهوية التي تنبثق من الدين الإسلامي كمنطلق والتي تحفظ النوع الإنساني من الانحدار الأخلاقي والمعرفي. وفي نفس الوقت تدعونا هذه الهوية إلى إعادة الأهداف وترتيب الأولويات والعمل من أجل هدف سماوي، بحيث لا نكتفي بهوية صورية لا فاعلية فيها. وبهذا يتضح لنا أن سؤال الهوية هو سؤال مشروع ومفروض قد يطرح بين الحين والآخر بسبب تغير الظروف الحياتية والثقافية من حول الإنسان. ولا يهم إن كانت الإجابة عن هذا السؤال مختلفة فالأهم أن يتكامل مفهوم الهوية عند الإنسان فيها أن تحفظ الأصالة ويحدث التجديد في الفهم والوعي بواقع الإنسان من حوله.


    المصادر:
    (1) صموئيل ب. هنتنغتون، "من نحن؟ التحديات التي تواجه الهوية الأمريكية"، ترجمة: حسام الدين خضور، ط1، دار الرأي للنشر، دمشق، 2005، ص37.
    (2) حسن حنفي، "الهوية"، المجلس الأعلى للثقافة، ط1، 2012، ص 11.
    (3) الشيخ الجوادي الأملي، "إشراقات قرآنية"، إعداد وترجمة السيد محي الدين المشعل، دار الهادي، ص 15- 16
    (4) سورة الروم - آية 30.
    (5) سورة النحل - آية 78.
    (6) الدكتور غلام حسين ديناني، حركة الفكر الفلسفي في العالم الإسلامي، دار الهادي، ط1، 2001، ج2، ص397
    (7) حسن حنفي، "الهوية"، المجلس الأعلى للثقافة، ط1، 2012، ص 24
    (8) نفس المصدر

  2. #2
    مراقبة
    تاريخ التسجيل: October-2016
    الجنس: أنثى
    المشاركات: 39,777 المواضيع: 6,495
    صوتيات: 10 سوالف عراقية: 0
    التقييم: 38461
    آخر نشاط: منذ 15 دقيقة
    شكراً جزيلاً حبيبتي

  3. #3
    مراقبة
    سيدة صغيرة الحجم
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة NAZLY مشاهدة المشاركة
    شكراً جزيلاً حبيبتي
    العفو وردة منورة

تم تطوير موقع درر العراق بواسطة Samer

قوانين المنتديات العامة

Google+

متصفح Chrome هو الأفضل لتصفح الانترنت في الجوال