أَعينوا آبائكم أعانكم الله!
قبل أن نمشي في الفكرة أبعد، أن القانون والحزم يعني الضرب والصفع أو التحقير وغير ذلك من الأمور. إنما أن يكون في البيت قانون يناسب المرحلة العمرية للأبناء وضبط إيقاع الحركة في المنزل. المدرسة لها قانون، السوق له قانون والمصنع له قانون وكل مؤسسة لها قانون، والبيت أيضًا له قوانين وأنظمة. أما ترك الحبل على الغارب فغالبًا ما ينتج كوارث.
بعض الشبان والشابات يحتاجون إلى جرس تنبيه وقرصة أذن لكي ينهضوا ويعرفوا أن الدلال والدلع لا ينفع. للأسف بعض الآباء والأمهات يكونون السبب الرئيس في ضياع بوصلة الأبناء. لا ضوابط ولا حواجز، أعطه ما يريد وحقق له ما يرغب ولا تدقق! حقًّا يقال، في هذه الآونة من الزمان تكبر الحاجة إلى القانون والصرامة والالتفات في البيت إلى أحوال الأبناء والبنات، فلم تعد التربية والتنشئة أمرًا يستهان به ويؤخذ على محمل الهزل! مسكينٌ الأب؛ ما عاد صوته الجَهوَريّ العالي المرتفع في البيتِ وحده كافيًا أن يؤدب ويربي فهو يحتاج إلى وسائل وطرق أكثر إبداعًا لكي يربي بناته وأولاده.
روي عن النبي محمد صلى الله عليه وآله: "لاعب ابنك سبعًا، وأدبه سبعًا، وصاحبه سبعًا، ثم اترك له الحبلَ على الغارب". إذن: مراحل الحياة الأولى للأبناء ثلاث وكل مرحلة لها قانون عام: الطفولة والصبا، والفتوة، وهو - أو هي - في هذه المراحل تحت نظر أبيه، وأبوه هو المسؤول عنه قبل أن يستقل بنفسه عن أبيه ويمشي في طريقه في الحياة.
فتياننا وفتياتنا - أو بعضهم - لا يدرون في أي مرحلة من العمر هم؟ لا يتحملون أبسط المسؤوليات ولا يستطيعون اتخاذ أبسط القرارات! البعض مقبل على الدراسة الجامعيّة ولا يزال يحتاج إلى من يوقظه من النوم ومن يعطيه إرشادات في جدولة يومه. يأكل ما يشتهي، ينام متى ما رغب ويصاحب من يريد!
يسمى الأب ربّ الأسرة ويعني ذلك أنه عائلها والمسؤول عنها. رب الأسرة ليس الشخص الذي عليه أن يطعم الأبناء ويطبّبهم ويعتني بهم وبسَلامتهم وما إلى ذلك من الأفعال الجسمانية فقط! إنما هو الشخص الذي يعتني بالهيكل كاملًا؛ الجسم والمعتقد والسلوك وبالتالي هو صانع شخصية سليمة؛ يصنع ابنة أو ابنًا يدرك حجمه ودوره في المؤسسة المنزلية والاجتماعية.
بعض قرارات وقوانين الأب - قد - تبدو صارمة، لكن عندما يكبر الأبناء والبنات سيقولون: نِعم الأب أبانا! حمل قلبًا وعقلًا وكان مدرسة متوازنة من الحبّ والحزم! لا إفراط ولا تفريط، وضع في بيتنا قانونًا وكان قدوة لنا في أقواله وأفعاله.
عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: رحم الله ولدًا أعان والدَيه على بره، ورحم والدًا أعان ولده على بره، ورحم الله جارًا أعان جاره على بره، رحم الله رفيقًا أعان رفيقه على بره، ورحم الله خليطًا أعان خليطه على بره، ورحم الله رجلًا أعان سلطانه على بره.
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إيــڤا
