في كل عام يحتاج عشرات الآلاف من المرضى إلى زراعة الأعضاء، ومع ذلك فإن المتوفر من الأعضاء البشرية المتاحة أقل بكثير من الطلب عليها للمرضى. ومن أجل التغلب على النقص الهائل وسد الفجوة في الأعضاء المتاحة للزراعة، اتجه الباحثون إلى طريق آخر وحل مختلف تمامًا يتمحور حول الحصول عليها من غير البشر وذلك عن طريق الحيوانات.

ولفهم العوائق التي تحول دون استخدام زراعة الأعضاء لمعالجة النقص في الأعضاء البشرية، يمكن إرجاع ذلك إلى أوائل القرن العشرين، قبل تطوير غسيل الكلى وتطوير عمليات الحصول على أعضاء المتبرع المتوفى، جرت محاولات عديدة لزراعة الكلى والقلب والكبد من قردة البابون إلى الإنسان، وتوقع علماء الطب في ذلك الوقت أن الجسم البشري سوف يتقبلها بشكل مباشر، إلا أن معظم من تم نقل أعضاء القردة إلى أجسامهم ماتوا بوقت قصير بعد ذلك. ونظرًا للتحديات والمخاوف الأخلاقية المرتبطة باستخدام الرئيسيات، انتقلت الجهود إلى الخنازير في أواخر القرن العشرين، وكانت الخنازير هي الحيوان المفضل لأبحاث زراعة الأعضاء لأسباب طبية عديدة. وعلى مدار الثلاثين عامًا الماضية عمل الباحثون على إيجاد حلول للعوائق من نقل أعضاء من الخنزير إلى الإنسان، ومن أهمها أن جهاز المناعة البشري يقوم برفض هذه الأعضاء. وفي الآونة الأخيرة تم إحراز تقدم في التعديل الوراثي لخنازير كي تكون مناسبة لدعم عمليات زرع الأعضاء من الخنزير إلى الإنسان
.

ففي العام الجاري وبالتحديد في شهر يوليو 2023م، بجامعة نيويورك تمكّن باحثون من زراعة كلية خنزير معدلة وراثيًا في جسم إنسان يبلغ من العمر 57 عامًا في حالة موت دماغي، دون أن يرفضها جهاز المناعة، وأصبحت تواصل عملها بشكل جيد لمدة 32 يومًا وهي أطول مدة تم تسجيلها. ورغم أن زراعة أعضاء الحيوانات داخل جسم الإنسان قد تنهي مشكلة قلة عدد الأعضاء المتاحة للزراعة، فالكثير من مرضى زراعة الأعضاء يموتون أثناء تواجدهم على قوائم الانتظار، إلا أن هناك قلقًا حقيقيًا بالفعل من نقل أعضاء الحيوانات إلى الإنسان، فهذه العملية قد تفتح بابًا كبيرًا من فيروسات الحيوانات للدخول إلى جسم الإنسان. في الحقيقة الطريق ما زال طويلًا لنقل أعضاء الحيوانات إلى جسم الإنسان.