تفرض الشخصية الاجتماعية إيقاعاتها، على المحيط القريب، وأحيانا البعيد، نظرا لامتلاكها مزايا، ومقومات فريدة من نوعها، مما يسهم في ارتقائها سلم الاهتمام الاجتماعي بشكل عام، بحيث يتجلى في إظهار الكثير من التقدير والاهتمام، لهذه النوعية من الشخصيات على الصعيد الاجتماعي، انطلاقا من قناعات راسخة بالدور الحيوي، وأحيانا المحوري، الذي تلعبه هذه النوعية من الشخصيات، في العديد من المجالات، وكذلك المساهمة في الارتقاء بملف العلاقات على اختلافها.
تنطلق الشخصية الاجتماعية، في ممارساتها الحياتية المختلفة، من مرتكزات راسخة، وقيم ثابتة في مختلف الأعمال اليومية، وكذلك البرامج الاجتماعية، بحيث يتجلى في التضحية بالوقت، والحرص على المشاركة الفاعلة، في المناسبات المتعددة، انطلاقا من قناعة تامة بالمقولة ”خير الناس من انتفع به الناس“، وبالتالي فإن مدار الحركة اليومية للشخصيات الاجتماعية، يتمحور في إظهار الجانب الأخلاقي، ورسم الفرحة في القلوب، فضلا عن توثيق مستوى العلاقات الإنسانية، باعتبارها المعيار الأساسي لدعم الروابط البشرية.
الثقافة الإيجابية تلعب دورا أساسيا، في تشكيل الشخصية الاجتماعية، فالنظرة الإيجابية تحفز على الانطلاق، بقوة في ابتكار العديد من الفعاليات والبرامج، على الصعيد الاجتماعي، مما يسهم في تعزيز الدور الاجتماعي لهذه النوعية من الشخصيات، فالبيئة الاجتماعية تنظر بعين الرضا للتحركات الصادقة والأنشطة المفيدة، الأمر الذي يتجلى في تبادل الاحترام، والعمل خلق واقع داعم لتلك الشخصيات، على الصعيد الخارجي، من أجل مواصلة مشوار العطاء، والتحرك بالتوازن مع الدوافع الصادقة، للارتقاء بالمستوى الفكري الاجتماعي، خصوصا وأن النظرة الإيجابية تجاه الشخصيات الاجتماعية، عنصر فاعل في بذل المزيد من الجهد لخدمة المجتمع.
الشخصية الاجتماعية تحمل في طياتها، قدرا كبيرا من التفاؤل، والإرادة الصادقة، باعتبارها الوقود الذي يحركها على الدوام، في الأداء المتواصل لمساعدة المجتمع، خصوصا وأن طريق العطاء محفوف العديد من الأشواك، والعراقيل المتعددة، مما يستدعي امتلاك الإصرار الدائم على مواصلة الطريق، وعدم الالتفات إلى الصعوبات على اختلافها، لا سيما وأن الأهداف السامية تستدعي تحمل الصعاب، وعدم التوقف في منتصف الطريق، بمعنى آخر، فإن الشخصية الاجتماعية قادرة على بث روح العطاء، والصمود في وجه التيارات العاتية، من خلال الإصرار على تقديم المزيد من المبادرات، وعدم الاستسلام للمحاولات الساعية لتعطيل الدور الحيوي، الذي تلعبه هذه النوعية من الشخصيات.
أهمية الشخصية الاجتماعية تكمن في قدرتها، على وضع المجتمع في طريق التعاضد، والتعاون، والتماسك، في وجه مختلف أشكال الصراعات والخلافات، فهذه الشخصيات تتحرك بشكل جاد لإزالة الكثير من التشوهات، التي تخفي الجانب المشرق من الوجه الاجتماعي، من خلال التركيز على الجوانب الإيجابية، وعدم الالتفات إلى التحركات السلبية، الأمر الذي يمهد الطريق للبيئة الاجتماعية، للانخراط بقوة في المسار الصحيح، ومن ثم فإن الدور الكبير للشخصية الاجتماعية، لا يقتصر على المكاسب الذاتية، وإنما يعود على البيئة الاجتماعية بالفوائد العديدة، من خلال إعطاء دفعات قوية للتركيز على الجوانب الإيجابية، عوضا من الركض خلف المساعي التدميرية.
وجود الشخصية الاجتماعية عنصر إيجابي في المجتمع، فهذه الشخصيات قادرة على إحداث تغييرات متفاوتة، في المنظومة الفكرية والثقافية، للعديد من الشرائح الاجتماعية، من خلال الاحتكاك المباشر في الممارسات اليومية، الأمر الذي يتجلى في اكتساب بعض الأخلاقيات، والسلوكيات الفاضلة، مما يساعد في نشر الفضائل الحسنة في المحيط القريب، وبالتالي زرع بذرة صالحة قادرة على النمو، في البيئة الاجتماعية، عبر التمدد التدريجي في الكيان الاجتماعي، ومن ثم فإن الشخصية الاجتماعية تخلق البيئة الإيجابية المناسبة، للتحرك وفق منظومة أخلاقية، والعمل على نشر ثقافة التعاضد في المجتمع، ونبذ مختلف أشكال التنافر والاحتراب، بين أفراد البيئة الاجتماعية.