المؤسسات الفيدرالية الأمريكية تتهيأ "للإغلاق" بعد فشل الكونغرس في إقرار ميزانية جديدة

يخيّم الإثنين شبح "إغلاق" مؤسسات حكومية فيدرالية أمريكية بعد أربعة أشهر فقط على اقتراب البلاد من تخلّف كارثي عن سداد ديونها وهو ما كان سيترتب عليه عواقب وخيمة على الاقتصاد في الولايات المتحدة وخارجها. ومن المتوقع أن تبدأ مفاعيل الإغلاق بالظهور بنهاية الأسبوع بعدما تعذّر على الجمهوريين الذين يحظون بالغالبية في مجلس النواب إقرار مجموعة مشاريع قوانين تحدد ميزانيات الإدارات للسنة المالية المقبلة إثر تصويت متطرفين في الحزب يطالبون بخفض كبير للإنفاق ضد هذه المشاريع. وحذر البيت الأبيض الإثنين من انقطاع التمويل عن سبعة ملايين شخص بينهم نساء وأطفال.

نشرت في: 25/09/2023



مجلس الشيوخ الأمريكي في واشنطن بالولايات المتحدة، 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2021. © رويترز/ أرشيف
بعد عرقلة جمهوريين يمينيين في الكونغرس مساعي إقرار الميزانية، يتهيّأ ملايين الأمريكيين الإثنين لتوقّف الرواتب والإعانات الاجتماعية خلال أيام مع اتجاه الأمور في الكونغرس نحو "إغلاق" مؤسسات حكومية.
بعد أربعة أشهر على تجنّب تخلّف كارثي عن سداد الديون، يقف أكبر اقتصاد في العالم مرّة جديدة على شفير أزمة مع توقّع أن تبدأ مفاعيل الإغلاق بالظهور في نهاية الأسبوع.
وتعذّر على الجمهوريين الذين يحظون بالغالبية في مجلس النواب إقرار مجموعة مشاريع القوانين المعتادة التي تحدد ميزانيات الإدارات للسنة المالية المقبلة التي تبدأ الأحد، بعدما أعاق جهودهم متطرفون في الحزب يطالبون بخفض كبير للإنفاق.
ولا تحظى قيادة الحزب بالأصوات اللازمة للدفع قدما بمشروع قانون تمويل قصير الأجل يستند إلى مستويات الإنفاق لعام 2023، لضمان استمرارية تمويل المؤسسات الفيدرالية بعد منتصف ليل السبت.

ومن شأن الإغلاق أن يضع في مهب الريح الموارد المالية المخصصة للعاملين في المتنزهات الوطنية والمتاحف وغيرها من المواقع التي تعمل بتمويل فيدرالي، كما يمكن أن تكون له تداعيات سياسية خطيرة على بايدن في سعيه للفوز بولاية ثانية في انتخابات 2024.
وحذّر البيت الأبيض الإثنين من أن سبعة ملايين شخص يعتمدون على برنامج المساعدات الغذائية للنساء والأطفال قد ينقطع التمويل عنهم.
وقال متحدث باسم الرئاسة في بيان إن نساء وأطفالا سيتعذّر عليهم قريبا شراء حاجياتهم من متاجر البقالة بسبب "إغلاق يتسبب به جمهوريون متطرفون"، مشيرا إلى "نضوب صندوق الطوارئ الفيدرالي خلال بضعة أيام وإلى محدودية الموارد المالية لولايات عدة لتشغيل برنامج المساعدات الغذائية للنساء والأطفال".
ونجمت الأزمة عن رفض جمهوريين في مجلس النواب مضي الحكومة قدما بالإنفاق استنادا إلى المستويات المتّفق عليها بين بايدن ورئيس مجلس النواب كيفن مكارثي، زعيم الجمهوريين في الكونغرس.
تضاف إلى ذلك مسألة شائكة أخرى تكمن في طلب مساعدات إضافية لكييف، بعدما أجرى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي زيارة للكونغرس في الأسبوع الماضي وطلب مزيدا من الأسلحة لمحاربة القوات الروسية في الحرب المندلعة منذ 18 شهرا.
ويؤيد الحزبان في مجلس الشيوخ مشروع قانون المساعدات البالغة قيمتها 24 مليار دولار. لكن مجموعة من الجمهوريين المتشدّدين في مجلس النواب يهددون بعرقلة إقرار أي إجراءات تمويل بما في ذلك المساعدات.
وجاء في منشور للرئيس السابق دونالد ترامب على منصّته تروث سوشال ليل الأحد "إن لم تحصلوا على كل شيء فأغلقوها" في إشارة إلى المؤسسات الفيدرالية.
استقطاب
غالبا ما يتحوّل التصويت على الميزانية في الكونغرس إلى مواجهة يستخدم فيها أحد الحزبين شبح الإغلاق لانتزاع تنازلات من الخصم، لكن هذه المناورات عادة ما تبوء بالفشل.
وترامب المرشح أيضا للرئاسة في استحقاق العام المقبل فرض إغلاقا للمؤسسات الفيدرالية لمدة 35 يوما على خلفية الضوابط الحدودية في العام 2018، إلا أن المؤسسات الفيدرالية عاودت عملها في نهاية المطاف بعد فشل الإدارة في انتزاع أي تنازل من الديمقراطيين.
عادة ما تُحّل المعضلة قبل تحوّلها إلى أزمة، إلا أن احتمالات إغلاق المؤسسات الفيدرالية هذا العام يفاقمها استقطاب حاد في الكونغرس.
في مجلس الشيوخ يقود النقاش اثنان من كبار السياسيين هما زعيم الأغلبية الديمقراطية تشاك شومر وزعيم الأقلية الجمهورية ميتش ماكونيل. ويسعى شومر في محادثات يجريها مع ماكونيل والبيت الأبيض إلى تمهيد الطريق أمام إقرار تمويل قصير الأجل يشمل مساعدة أوكرانيا.
ومن شأن هذا التدبير الذي يحظى بتأييد الحزبين في مجلس الشيوخ أن يضمن استمرارية عمل المؤسسات الفيدرالية حتى مطلع كانون الأول/ديسمبر، لكن من المرجح ألا يكون جاهزا لعرضه على التصويت قبل "الإغلاق" كما لن يحظى بتأييد اليمينيين في الحزب الجمهوري.
ويخيّم شبح "الإغلاق" بعد أربعة أشهر فقط على اقتراب البلاد من تخلّف كارثي عن سداد ديونها، مع ما كان سيترتب عليه من عواقب وخيمة على الاقتصاد في الولايات المتحدة وخارجها. وتوظّف الحكومة الأمريكية أكثر من مليوني مدني، إضافة إلى أفراد عسكريين ومقاولين فيدراليين.
وإذا توقّفت المؤسسات الفيدرالية عن العمل، قد تتعطّل الملاحة الجوية كما يمكن أن تغلق المتنزهات الوطنية. كما قد يطلب من موظفي الخدمة المدنية "غير الضروريين" ملازمة منازلهم، ولن تسدد الرواتب إلا بعد حل المشكلة.