قصر الوضاح في بغداد
يزخر العراق بالعديد من القصور الأثرية التاريخيّة، بعضها اندثر وبعضها ما زال مُحافظاً على آثاره والبعض الآخر لم يبق منه سوى الأطلال، ويعتبر قصر الوضاح من أشهر هذه القصور، فقد بني للخليفة العباسي المهدي قرب رصافة بغداد ويعد شاهداً على عدة أحداث تاريخية مهمة.
تاريخ قصر الوضاح
تم تشييد هذا القصر في العصر العباسي، ويقع في المنطقة التي سُميت بالشرقيّة (لأنها تقع شرق نهر الصراة) والتي تدعى منطقة الكرخ التابعة للعاصمة بغداد، وقد شهد قصر الوضاح الفتنة بين الأمين وأخيه المأمون وفق المصادر التاريخيّة، والتي حدثت في الجانب الغربي قرب سوق الكرخ، حيث قام طاهر بن الحسين قائد جيش المأمون بمُحاصرة الأمين في قصر الوضاح ثم مطاردته وأسره، وأمر الحرس من الأعاجم بقتله، وذلك عام 198 هجري.
قصة بناء وتسمية قصر الوضاح
عندما بنيت مدينة بغداد على يد المنصور؛ أمَرَ أنْ تكون الأسواق عند أبواب المدينة، وظل الوضع على حاله حتى جاءه رسولٌ من بطارقة الروم من عند الملك، فأمر أن يطوف به في المدينة حتى يتأمّل أبوابها وما بها من عمارة وكذلك أن يصعد السور ويمشيه من أوله إلى آخره.
عندما عاد الرسول إلى المنصور قال له: رأيت بناءً حسنًا ومدينةً حصينةً إلّا أنّ أعداءك فيها معك، في إشارة منه إلى أصحاب السوق، حيث يُمكن للجاسوس أن يدخل المدينة بحجّة التجارة ويعرف ما يريد من معلومات وينصرف دون أن يدري بهِ أحد.
أمر المنصور بعد انصراف الرسول فورًا بإخراج السوق من المدينة، وأمر كلاً من إبراهيم بن حبيش الكوفي وخرّاش بن المسيب اليماني ببناء سوق جديد ما بين الصراة ونهر عيسى، وأن يجعلا سوقاً خاصاً بالقصّابين في آخر الأسواق، كما جاء أمر الخليفة المنصور ببناء قصر بين نهر الصراة ونهر عيسى، وقلّد رجلًا يُقال له الوضّاح بن شبا ببناء القصر، لذلك تمت تسمية قصر الوضّاح بهذا الاسم، وهو رجل من أهل الأنبار ومن موالي المنصور.
مم يتكون قصر الوضاح؟
يوجد في قصر الوضاح من الداخل طابقين يضم فيهما 4 قاعات كبيرة، ومجموعة من الغرف الصغيرة، ويُعدّ الطابق الأرضي أكثر ارتفاعًا من الطابق الذي يعلوه.
يفصل رواق طويل بين أبواب الغرف من جهة والباحة من الجهة الأخرى، مُستندًا على ثمانية دعامات، ويُستخدم للانتقال بين الغرف بعيدًا عن المؤثرات الجويّة، إلّا في القسم الشرقيّ فقد تم الاستعاضة عن الرواق وبناء إيوان كبير يصل لارتفاع الطابقين معًا.
أبيات شهيرة عن قصر الوضاح
أُلحق بالقصر مسجدًا وسُمّي مسجد الوضاح، وكتب فيه الشاعر علي بن الجهم شعراً حيث قال أبياته الشهيرة:
سَقى الله باب الكرخ من مُتنزهٍ
إلى قصرِ وضاح فبِركة زُلزُلِ
مَنازلُ لا يستتبع الغَيث أهلها
ولا أوجه اللذات عنها بمعزلِ
مَنازلُ لو أن امرأ القيس حَ
لأقْصَرَ عن ذكر الدخول فحوملِ
رد مع اقتباس