مفهوم الحضارة عند ابن خلدون


الحضارة عند ابن خلدون لها علاقة كبيرة بالحضارات الحديثة إلى اليوم، فأصبحت الحضارة عند العربي المسلم.
عبارة عن مدن من العمارات والبترول والسيارات والطائرات الفخمة وأصبحت الثقافة عنده عبارة عن مسابقات ثقافية ومقاطع من الفيديو.
وتظهر المدن كأنها طرق ومطارات وأضواء ملونة وجسور كثيرة مرصفة بشكل يزين المكان

معنى الحضارة

  • الحضارة لها معنى قديم، وهو أنه لا يوجد هناك حضارة بدون إنسان ولا إنسان بدون تاريخ.
  • كما عرفت الشعوب الحضارة منذ القدم، وعبرت عن مظاهرها عن طريق أشكال وألوان مادية ومعنوية كثيرة ومختلفة.
    • لكنها تختلف من مجتمع لآخر ومن عصر لآخر لأن الحضارة.

  • كذلك هي عبارة عن ثمرة جهد الإنسان يقوم به، ليحسن ظروف حياته سواء جهد مقصود أم غير مقصود سواء مادي أم معنوي.
  • كلمة حضارة تم استخدامها في أدبيات التاريخ وعمومياته، فهو الوصف التاريخي لكافة مراحل التاريخ.
    • ولكنه لا يكون ظاهرة تاريخية واجتماعية، ويعد أول تناول علمي للحضارة في بداية القرن التاسع عشر.
    • حينها ذكرت كلمة الحضارة في قاموس الأكاديمية الفرنسية وتعني توحش.
    • وبدأ يعرف ذلك اللفظ في كل مكان على المستوى اللغوي والفكري والاجتماعي.

  • ومفهوم الحضارة له أبعاد كثيرة وتعاريف متعددة مختلفة، فهو يختلف باختلاف الأطر المعرفية والتصورية لكل باحث.
  • حتى وإن كان هناك خلط ظاهر في استخدام مفهوم الحضارة والمفاهيم الأخرى التي لها علاقة وثيقة بها مثل الثقافة والمدنية.
    • كما ورد في “لسان العرب” في مادة “حضر” بفتح الحاء أو كسرها فهي تعني الإقامة في الحضر أو المدن.

  • وكلمة حضر في معجم “متن اللغة” تعني الحضارة أنها ضد البداوة، وذكر أيضاً في معجم “الوسيط”.


      • إن الحضارة تعني الإقامة في الحضر، وتعد مظهراً من مظاهر الرقي الاجتماعي في الحضر والرقي العلمي والفني الأدبي.
      • فتعد الحضارة هي الانتقال من حياة البداوة إلى حياة الحضر.
      • وتلك هي المرحلة المتقدمة للمجتمع ككل ويبدأ الكل في تنظيم حياته وعلاقته بالآخرين.

  • الحضارة بمعناها العام هي التقدم والنمو وليست الحضارة هي التقدم التكنولوجي فقط.
    • وإنما هي الارتقاء العقلي بالإيمان والقيم الإنسانية لخير الإنسان وسعادته.
    • والحضارة تعني التمدن والتحضر أو بمعنى عام هي المدنية.

نظريات الحضارة
اختلف الفلاسفة والعلماء والمفكرون في وضع تعريف واحد للحضارة، وكذلك اختلفوا في نظريات الحضارة.
نظرية البيئة
فهي تعود إلى فلاسفة اليونان فقالوا إن للبيئة أثر في تكوين الصورة العقلية والبدنية للبشر.
من خلال السلوك والعمل والغذاء والنشاط والشكل واللون والمظهر.
النظرية الدينية
فهي نظرية تعود إلى حكماء الصين والهند وتبنى النظرية مفكرون آخرون في العصر الحديث.
وقولهم بأن الدين هو العامل الأساسي في بناء الحضارات.
النظرية المادية
وهو من النظريات التي تجمع بين المادية والدياليكتية، وبين المادية التاريخية والنظرية الاقتصادية.
لأن الاقتصاد هو القاعدة الأساسية التي يقوم عليها النسيج الاجتماعي.
نظرية الجنس

  • وهي نظرية تمتد جذورها إلى الإغريق والرومان والصين والهند، فتجد إن هناك جنس بشري محدد.
    • له خصائص خلقية وخَلقية مفضل على جنس آخر فهو القادر على صنع الحضارة.

  • وتم عودة تلك النظرية بقوة خاصة في فترة ظهور الاستعمار، ولها مساندة خاصة على المستوى السياسي والفكري.

نظرية التحدي والاستجابة
  • وهي تعود إلى المؤرخ “أرنولد تويمبي”، والذي حلل ودرس إحدى وعشرين حضارة درسها دراسة شاملة ومقارنة.
  • ووصل إلى أن حركة التاريخ لا تعود إلى البيئة الجغرافية أو الأجناس، لكن هي موقف الجماعي.
    • مما يقابلها من التحديات ونوع الرد عليها أو الاستجابة لها.

مفهوم الحضارة عند ابن خلدون
  • الحضارة عند ابن خلدون هي ظاهرة اجتماعية تاريخية، وهي التفنن في الترف واستجادة أحواله والكلف بالصنائع.
    • التي تؤنق من أسنافه، وسائر فنونه من الصنائع المهيأة للمطابخ أو الملابس أو الفرش أو الآنية ولسائر أحوال المنزل.

  • وهي الوصول إلى منتهى التطور الثقافي الشخصي المحلي للجماعة ويقول ابن خلدون: إن الحضارة غاية العمران.
    • ونهاية لعمره وأنها مؤذنة بفساده فالحضارة هي نهاية العمران.

  • وكما يعبر ابن خلدون عنها تارة بالدولة وأخرى بالحضارة وأخرى بالعمران، وسبب ذلك في قلة الدقة في استعمال لفظ حضارة.
    • بسبب الفارق الزمني بين الحضارات.

  • والحضارة عند ابن خلدون تتعاقب على الأمم في ثلاثة أطوار، فكل طور ينمو ويولد نوعاً آخر يختلف عن غيره جذرياً من حيث الحجم والماهية.
  • ويقول ابن خلدون: إن العمران كله من بداوة وحضارة وملك وسوقة له عمر محسوس.
    • كما إن الشخص الواحد من أشخاص المكونات عمراً محسوساً.

  • ويتضح أكثر مفهوم الحضارة عند ابن خلدون، من خلال تتبع نظريته الحضارية أو أعمار الحضارة.
  • فهو يعد المؤرخ الوحيد الذي درس الحضارة، وتعرض لمراحلها الثلاثة وعرف ما بين البداوة والحضارة من صراع.
  • وأول من قال إن مسيرة التاريخ دورة لا تنتهي من البداوة إلى الحضارة، والحضارة مرحلة من مراحل تطور البداوة.

أعمار الحضارة عند ابن خلدون
المرحلة الأولى

  • وهي مرحلة البناء والتأسيس للدولة، وهي مرحلة الميلاد وجيل تلك المرحلة.
    • يحمل خصائص تجعله مؤهلاً وقادراً على تأسيس الدولة وحمايتها.

  • ويمثله بمعيشة البدو في الصحاري والبراري في الجبال والتتار في السهول، ولا يخضعون لقوانين مدنية.
    • ولا يحكمهم سوى عادات وتقاليد وحاجاتهم.

المرحلة الثانية
  • وتعد تلك المرحلة مرحلة القوة والازدهار، وتبلغ فيها الحضارة أقصاها وأرقى مراحلها وقوتها.
  • فهي مرحلة الاستقرار والتمكن من الصناعات والعلوم، والجيل في تلك المرحلة يتمتع بالازدهار الاقتصادي.
    • والتوسع العمراني والتفنن فيه، ويتحول من البداوة إلى الحضارة ومن الشطف إلى الترف.

المرحلة الثالثة
  • هي مرحلة الضعف والانحطاط ثم الانتهاء والانقراض، فيسود الضعف في تلك المرحلة للدولة والناس.
  • فيتجهون إلى الانغماس في الترف والراحة في النعيم والإسراف والشهوات.
  • وأوكلوا أمر الدفاع إلى ولي أمرهم وحامية حراستهم وألقوا السلاح.

عوامل تدهور الحضارة عند ابن خلدون
العصبية

  • فهناك العصبية الكبرى وهي عصبية تجمعهم صلة الرحم والنسب، وهي قوية ويكون ذلك حالها في بداية تأسيس الدولة وبعد الاستقرار.
  • والانتقال من مرحلة التأسيس إلى مرحلة الحضارة، فتبدأ علاقة تلك العصبية في الضعف والتفسخ بسبب الترف والقهر.
  • أما العصبية الصغرى فهي بعد زول الكبرى، وتتكون من بطانة الحاكم ومن مواليه.
    • وتتخذ منهم الدولة وحاكمها عصبية لها.

الانفراد بالملك
الانفراد بالملك والمجد دون أخذ المشورة مما يدفعه إلى الكبر والأنفة، فيرفض أن يشاركه أحد خاصةً أهل عصبيته فيبعدهم عن ملكه.
ويأخذهم بالقتل والإهانة والسلب، حتى يصبحوا أعدائه ويبدأ الحاكم يعاني أشد مما كان في بداية بناء ملكه.