كيف تصارح أبنائك بالطلاق؟
جاسم المطوع

قالت: هل أصارح أبنائي بالطلاق؟ قلت: هناك قاعدتان في التعامل مع الأبناء عند الطلاق، الأولى أن نكون صادقين، والثانية أن نصارحهم ولكن بأسلوب يشعرهم بالأمان وخاصة إذا كان عمرهم أكبر من سبع سنوات، قالت: كيف أشعرهم بالأمان، وهم يعرفون أن الطلاق عبارة عن تفكك لأسرتهم؟ قلت: هناك عشرة أمور لا بد أن تراعيها وأنت تصارحين أبناءك، الأولى: أن توضحين أن هناك أسراً كثيرة مرت بهذه التجربة، وأنهم ليسوا الوحيدين، الثاني: التأكيد على مفهوم أن الانفصال لا يعني تخلي الوالدين عنهم، وإنما أنتم مستمرين في ملازمتهم والعيش معهم، الثالث: التأكيد على مفهوم أنهم ليسوا سببا من أسباب الانفصال أبدا وإنما السبب هو خاص بالوالدين.
الرابع: البعد تماما عن الصراع أمام الأطفال أو إشعارهم بالخطر والخوف في لحظة مصارحتهم بالانفصال، الخامس: إخبار الأطفال بالتغييرات التي ستتعلق بهم بعد الانفصال وخاصة مسألة السكن مع التأكيد على وقوف الوالدين بجنبهم، السادس: التأكيد على أن الانفصال أنسب لهم من الحياة المشتركة والقائمة على الصراع والمشاكل اليومية، السابع: إعطاء فرصة للأطفال أن يعبروا عن مشاعرهم الغاضبة والحزينة من قرار انفصال الأب والأم مع محاولة التهدئة والحوار الباعث على الاطمئنان.

الثامن: التأكيد على أن حب الأب والأم لأطفالهم مستمر ولن يتأثر بسبب الانفصال، التاسع: وهو أمر اختياري بإخبار المدرسة بقرار الانفصال كي تساهم معهم في تجاوز التحديات التي ربما يعاني منها الأطفال، العاشر: أن تكون هذه المصارحة قبيل الانفصال بقليل أو بعد الانفصال، ولا تكون قبل الانفصال بوقت طويل لأنه قد يتغير قرار الانفصال بين الزوجين في آخر لحظة، فهذه أهم النقاط التي لا بد أن نراعيها وقت المصارحة.
قالت: ولكن ألا تظن أن المصارحة صعبة وقد تؤدي لمشاكل نفسية عند الأطفال؟ قلت: نعم المصارحة صعبة ولكن أن يسمع أبناؤك الخبر منك أفضل من أن يسمعونه من الخارج، لأن سماعهم منك تزيد من ثقتهم بأنفسهم، بينما لو سمعوه من غيرك، فإن الضرر أكبر وتتزعزع الثقة بكم، ففي الغالب مواجهة الأبناء بأسلوب يتناسب مع عمرهم هو الأفضل، والقرآن الكريم وجهنا لهذا المعنى وخاصة عند حدوث مشاكل أسرية أو مواقف صعبة، وقد ذكر القرآن ثلاث قصص فيها مصارحة ومواجهة مع الأبناء في مواقف صعبة أكبر من مشكلة الطلاق.
فإبراهيم (ع) لم يقل لابنه وهو يسوقه إلى الذبح: تعال لنلعب أو نتسلى أو نتمشى، بل قال له: {يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى} [الصافات: آية 102] وابنه في سن صغير، ويعقوب (ع) لم يخف عن يوسف (ع) حقيقة مخاوفه من غدر إخوته به فقال {يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا} [يوسف: آية 5] ويوسف كان في سن صغير، وجبريل (ع) لم يخف عن مريم (عليها السلام) طبيعة مهمته تخفيفا عليها بل قال: {إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا} وهي فتاة صغيرة في سن المراهقة، فعندما تصل الأمور إلى حد التأزم يستحسن إخبار الأطفال من قبل الوالدين معا في نفس الوقت.
قالت: لقد شجعتني بهذه الخطوة وقررت أن أصارح أبنائي، وأراعي القواعد العشرة التي ذكرتها، قلت: وفقك الله وانتهى الحوار