ظهر علم النفس البيئي بوصفه دراسة علمية لتأثير البيئة بجمع اشكالها على سلوك الإنسان والحيوان ، ولم يظهر في صورة علمية مستقلة إلا في نهاية الستينات من القرن العشرين. وبدأ ظهوره في شكل إصدار مجلات علمية متخصصة في شئون البيئة ، منها مجلة البيئ والسلوك التي صدرت عام 1981 ، وتأسيس هيئات علمية محلية وإقليمية وعالمية ترعى البحث السيكولوجي في مجال البيئ، وعلاقة الإنسان بها، منها جمعية دراسة علاقات الإنسان بالبيئة، وكان أكثر اهتمام بهذا العلم الناهض هو اعتبار الجمعية النفسية الأمريكية لعلم النفس البيئي احد اقسامها الرئيسية، كعلم النفس التربوي والمهني والمرضي، ولقد زاد اهتمام العالم كله بهذا الفرع الحيوي من فروع علم النفس النظرية والتطبيقية في الآونة الأخيرة.
من المفاهيم الرئيسية في حقل علم النفس البيئي فكرة الإثارة او الإستثارة ومعروف أن الإثارة تنجم عن الضغط وتعرف الإثارة بأنها عبارة عن زيادة في نشاط الدماغ والإستجابات الذاتية، أو الآلية، مثل معدلات ضربات القلب أو معدلات التنفس ، لأنها تترابط مع بعض الأحداث التي لا تسبب الضغط، كذلك فإن الإثارة لا تحدث فقط نتيجة للمثيرات السيئة أو المزعجة، ولكنها ايضا تحدث نتيجة للمثيرات السارة أو السعيدة، ولذلك يمكن وصف البيئة في إطار قدرتها على إثارة الإستثارة. ويرتبط علم النفس البيئي، كذلك بما يعرف بإسم علم النفس الكوني ومن أبرز موضوعات دراسة علم النفس البيئي :
- الزحام.
- السلوك المكاني.
- العمارة والسلوك.
- المعرفة البيئية.
- التربية البيئية.
- الضغوط البيئية.
- البيئة التكنولوجية.
التعريف بعلم النفس البيئي :
هو فرع داخلي من علم النفس نشأ من المعطيات أو الملومات أو الحقائق والنظريات المنحدرة من العديد من مجالات العلم الأخرى من ذلك :
- علم النفس الإجتماعي .
- العلوم السياسية.
- العمارة.
- علم الإنسان .
- علم الأخلاق.
ويهتم بدارسة تلك العلاقة المعقدة التفاعلية بين الإنسان وبيئته، بمعنى التأثير المتبادل بين عناصر البيئة المادية والإجتماعية وبين الإنسان. وينقلنا هذا للتعرف على مصطلح البيئة ذلك الذي ينحدر من لفظة فرنسية تعني الدائرة، وبذلك تكون البيئة هي كل ما يحيط بنا، أو هي الظروف المحيطة بنا، وهذا هو المعنى الواسع لمصطلح البيئة ، وهناك البيئة الخلوية أي المحيطة بالخلية الحية، وهناك البيئة الرحمية للجنين ، ولكن مصطلح البيئة دون إضافته إلى غيره يشير إلى مجمل الأشياء الإجتماعية والفيزيقية المحيطة بنا، ويحمل هذا المعنى معنى التأثير فينا من جانب هذه العناصر.
ويشير البعض إلى علم النفس البيئي على أنه فرع متخصص من فروع علم النفس ، يهتم بدراسة العلاقات القائمة بين السلوك والمحتوى البيئي الذي يحدث فيه هذا السلوك، ويشمل السلوك هنا بالطبع الأحداث الظاهرية الخارجية ، والأحداث الضمنية المستترة الباطنية وبذلك يشمل السلوك التفكير والتخيل والتصور والإدراك والإنفعال والتعلم والإبداع والتأمل وكافة الإستجابات وإفرازات الغدد. ويشير مصطلح البيئة إلى الظروف الفيزيقية المحيطة بالفرد وإن كان علماء النفس البيئي يدرسون ايضا جوانب هامة من البيئة الإجتماعية من ذلك دراسة الأسرة ودورها والجماعات المرجعية للفرد كجماعة الزملاء أو الأنداد، ولكن الإهتمام الأكبر يوجه نحو البيئة الفيزيقية ومعظم البحوث تدور حول تأثير عوامل فيزيقية مثل الضوضاء وتلوث الهواء ودرجات الحرارة العالية جدا أو المنخفضة جدا وتأثير التصاميم المعمارية في الفراغات. وهذا التخصص الناشيء تزداد أهميته في حياتنا المعاصرة يوما بعد يوم مما يلزم معه إجراء العديد من البحوث والدراسات ووضع المؤلفات وكتابة المقالات للتعرف على هذا العلم وبحث موضوعاته في عالمنا العربي.
مضمون علم النفس البيئي وأهم موضوعات دراسته :
وخير توضيح لمحتوى علم النفس البيئي استعراض ما تناوله كتاب رائد صدر في هذا الموضوع لمؤلفه بول بيل ومعه لفيف من زملائه عام (1990) وسبق لهذا المؤلف أن صدر في طبعته الأولى في عام (1978) ولقد جاء الكتاب متضمنا الموضوعات الآتية :
- يتساءل المؤلفون ما هو علم النفس البيئي ؟
- ما هي الضرورة التي حدت بظهوره كفرع مستقل من فروع علم النفس الحديث ؟
- كيف يعبر علم النفس البيئي عن موضوعات دراسته ؟
- كيف يدرس هذا العلم مشاكل البيئة ؟
- الإدراك الحسي للبيئة وتقدير عناصرها ومؤثراتها .
- المعرفة بالبيئة أو المعرفة البيئية، أو الوعي بالعناصر البيئية أو الثقافة البيئية او التربية البيئية.
- النظريات التي تفسر العلاقة بين البيئة وسلوك الإنسان ولكن البيئة لا تؤثر فقط في سلوك الإنسان وإنما تؤثر في نموه وتكوينه وبنائه وشخصيته وصحته الجسمية والعقلية والنفسية ومدى إصابته بالمرض او تمتعه بالصحة والعافية وتؤثر البيئة كذلك في إتجاهات الإنسان وميوله وأفكاره وآرائه ومعتقداته. وفي سمات شخصيته.
- أنواع الضوضاء وآثارها.
- العلاقة بين المناخ وسلوك الإنسان، أي الحرارة والبرودة والأمطار والجفاف.
- تأثير الكوارث والأزمات على نفسية الإنسان.
- الأخطار البيئية.
- تلوث الهواء.
- المكان أو الحيز الذي يحتله الشخص وحدود هذا الحيز.
- تأثير الزحام وشدة الكثافة السكانية على صحة الإنسان وسلوكه.
- ظروف المدن الكبرى.
- العمارة والتصميم المعماري وأثرها على السلوك.
- دراسة تأثير الألوان والموسيقى والأشكال وطرق الإتصال او التفاعل بين عناصر البيئة التي تؤثر في بعضها البعض وتؤثر في الإنسان وتتأثر به.
- الظواهر الجمالية.
- الإدراك المكاني والزماني والسمعي والبصري.
- ظروف التهوية وتجديد الهواء ومدى توفر النوافذ والمظلات والمناور والهوايات في المباني وفي المصانع.
- دراسة الأثاث وتأثيره.
- دراسة تأثير الفقر والمعيشة في المناطق العشوائية ومدن الصفيح.
- دراسة الأماكن الراقية المتخصصة للسكنى والإقامة في ضواحي المدن وتوفير عنصر السعة المناسبة في المنازل وفي المدن.
- مدى توفر الخضرة والحدائق في المنازل وفي المدن .
- توفر وسائل الأمان والوقاية من أخطار الحريق أو الزلازل والسيول والأعاصير والفيضانات.
- دراسة البيئة الدراسية او غرف الدراسة وقاعات الدرس والمحاضرات والمعامل والمختبرات والمكتبات والورش الخاصة بالتدريب وشروط بناء المكتبات العامة والمتاحف والمستشفيات والعيادات وكاتب العمل والمصالح والدواوين والمحاكم ومراكز الشرطة والسجون والإصلاحيات ودود الإيواء ومراكز رعاية الأحداث الجانحين والمرضى العقليين وخاصة المصابين بمرض ذهان الزهايمر والجذام وأماكن العمل.
- أماكن قضاء وقت الفراغ.
- علاقة الإنسان بالألة في المصانع.
ومن الموضوعات الهامة لهذا العلم تعديل سلوك الناس لضمان سلامة البيئة وحمايتها من التلوث والتدمير أو التحطيم والإفساد والهدر والإساءة والعبث والتصحر والإستغلال الجائر لثروتها . ويدخل في ذلك نشر الوعي البيئي ، تعميم التعليم البيئي ، وإستخدام مبادئ التعزيز في التعلم الشرطي وتوفير المكافأت للسلوك الطيب تجاه البيئة ، سواء التعزيز الإيجابي أي المكافأة أو السلبي أي العقاب وفي هذا المجال يدخل ترشيد الإستهلاك من الطاقة والموارد الطبيعية والصناعية وتحسين جودتها في جميع مجالات الحياة العصرية : في المنزل والمدرسة والمصنع والجامعة والقرية وفي إستعمال السيارة والطيارة والسفن مع الدعوة لإستخدام الطاقة النظيفة وعدم الإسراف أو التبذير في إستخدامها . ويشمل ذلك مجرد تعويد الناس الإحتفاظ بأواني الطعام نظفية ومعقمة حماية لهم من إنتقال العدوى ، وكيفية التخلص من الفضلات والقمامة أو النفايات المبعثرة ، وحماية المرافق والممتلكات العامة من التخريب المتعمد أو التدمير كالكتابة على الحوائط الجميلة والنظيفة أو لصق الصور والإعلانات فوقها ، أو تدمير كراسي السيارات العامة والقطارات أو خلع الأسوار وإقتلاع الأشجار من الشوارع والميادين والطرق.
ويدرس علم النفس البيئي تأثير العوامل البيئية على الصحة النفسية والعقلية للإنسان وحالته المزاجية أو الإنفعالية ، ومقدار كفاءته الإنتاجية ، حيث يدرس :
- تأثير الضوضاء الناجمة عن حركة الطيران فوق المناطق العمرانية أو فوق مستشفيات الأمراض العقلية .
- تأثير المناخ الصناعي أو الظروف الفيزيقية المحيطة بالعمل على صحة العمال النفسية والعقلية والجسمية ، وما يصاحب ذلك من إنتشار الأمراض المهنية .
- دراسة تأثير الألوان على الحالة المزاجية للفرد .
- نشر المعلومات المتعلقة بالبيئة بين الأطفال.
- دراسة تأثير الضوضاء على فقدان السمع أو ضعفه.
- دراسة تأثير الكوارث أو رد الفعل للكارثة كالزلازل والبراكين والسيول والفيضانات والأعاصير والحرائق والإنهيارات الأرضية وما يصاحب ذلك من صدمات وضغوط.
- دراسة الآثار التي تتركها كوارث الطيران والسفن الغارقة وخاصة ناقلات البترول .
- دراسة تأثير الزحام على النواحي الفسيولوجية والنفسية والإجتماعية للإنسان.
- ومن الموضوعات التي يدرسها علم النفس البيئي حجم الغرف وحجم الأفراد الذين يقيمون في كل غرفة وهو الأمر الشائع في المناطق العشوائية والمتدنية المستوى الإجتماعي والإقتصادي ومعرفة أثر التغيرات التي تطرأ على البيئة وعلى الإنسان وعلى سلوكه.
- دراسة الوعي البيئي وكل ما يدخل في نطاق التربية البيئية ويدرس حالة الأشخاص عديمي المساكن.