احتظر ليلًا
بدموع باردة تخرج دون ضغط جفناي، تخرج بسلاسه كاغصان قد ماتت لا تضر مسقطها ولا يؤذي لأن الاذى قد دُفع مُقدمًا..
انظر الي و لا اعرفني كما هو الحال مع الجميع، لا احد يعرفني، غريب في هذا العالم لوحدي.. حقيقة عجزت انكرها و لكن الحقائق ثابته، لا تشوه و لا تطمس ولا تتغير ، الغريب سيبقى غريب مهما حاول الانتماء سيشعره من حوله بذلك سيتكاتف الجميع مع بعضهم بعضًا كألايدي و سيضل ذلك الغريب كالكف الواحد.. لا يستطيع ان يُدفئ بكفٍ اخر و لا يستطيع ان ينطوي على نفسه و يحميها ، اتذكر ذلك الشعور الذي كان دائمًا ما يُلازمني منذ الصغر، ذلك الطفل الصغير الغريب الذي يسير في ذلك الطريق لوحده و هو يفرط في التفكير بمستقبله المجهول ، يفكر كيف سيمضي هذا العمر و كيف سيستطيع ان يحمي نفسه و يعيش وسط تلك الغابة، يُفكر بشكل لا ارادي بعقل رجل كبير منذ الصغر حتى كَبر، كان دائمًا ما يبحث عن شيء يجعله يشعر بالانتماء و يمقت الغربة، يتعرف دائمًا على الاصدقاء فيذهب واحدً تِلو الاخر.. جَرب الصداقة و الحب و العائلة و كل شيء كل شيء حتى بات يكتب على جدران روحه " كلنا محطات لكلنا " " كلنا محطات لكلنا " لكي يحاول التأقلم مع الليل القطبي الذي يجتاح داخله و لكن كانت هنالك خصلة ربيعية في افكاره.. تحاول العيش دائمًا، تُحاول الانتماء رغم كل ردات الفعل التي تؤدي الى الانكسار الا انها كانت تحاول هي و يُكسر هو، تُحاول هي و يُكسر هو .. حتى بات حطام لا يوجد ما يكسر بهِ فصار غريبً في هذا العالم وغريب من الداخل ايضًا لا يعرف نفسه و لا يفهمها حتى انه قد عجز المحاوله في فعل ذلك.. بات الصمت ينال منه اغلب الاوقات، وفي وقت الحزن ينال الضحك منه و في وقت السعاده ينال الخوف منه في ما سيعقب لحظات السعادة تلك، كان انفصام متعب و غريب مثله تمامًا، كان دائمًا ما يبحث عن من يحبه دون مقابل، دون ان يطلب شيء في محاوله للبحث من جديد عن عقدة الانتماء تلك و لكن لا جدوى من ذلك ، من كُتب عليه الغربة فسيعيش غريب و يموت غريب. الوطن هو البقعة التي تعيش بها لا اكثر، الوطن الحقيقي هو ذلك الامان الذي يبحث عنه الغريب باستمرار ولا يجده فيقرر ان يكون هو مصدر الامان و ايضًا لا يجده! فكتب على الغريب ان يعيش خائفًا بشكل دائم، جائع الامان ويراه امامه ولكن لا يستطيع ان يتذوقه حتى يكاد ان يكون بارعً في صنعه و لكن لا يسطتيع التذوق،. عذابً مستمر و دموع باردة متعوده تحتظر و لا يعلم ذلك الغريب اين سيجد الوطن.