فالعمر يمضي و لم ندرك به أربا
: السيد طاهر الفلفل
هل يُستردُ من الأعمارِ ما ذهبا
وهل يصونُ فؤادي من بهِ لعِبا
و كم ترنمَ بالألحانِ ذو شجنٍ
فهيّج الشوقَ لا قصدًا ولا عتبا
أفدي التي ملكت قلبي بنظرتها
فالقلبُ في كفها ويلٌ لمن وهبا
تمكنت من فؤادي فهي حاكمةٌ
و الأمرُ و النهي لا تُبدي له سببا
تُبدي الرضا ساعة و الشوقُ يدفعني
إلى اعتصارِ شفاهٍ تقطرُ العنبا
إن أسكرتني فإن الخمرَ من عنبٍ
و الخمرُ يذهبُ بالألبابِ إن شُربا
أو أعرضت تتركُ الأبوابَ مقفلةً
تصدُّ هجراً كما الموتور إن غضِبا
أهواكِ أهواكِ كم في الصدِّ من ألمٍ
رفقًا بقلبٍ من الأشواقِ قد عُطِبا
تتيه بالحسنِ و الأطرافُ ناعمةٌ
و النهدُ لا يرتضي من ثوبِها حُجبا
يكاد يفتكُ بالأزرارِ مندفعًا
أفديه من نافرٍ من قيدهِ وثبا
خداكِ إن قُبلت يومًا فلا عجباً
إن يُجتنى من كمامِ الوجنةِ الرَضَبَا
و الشَّعرُ مثل ليالي الحزنِ مظلمةٌ
و الوجهُ بدرٌ بلون الوردِ قد خُضبا
في جفوةِ الطبعِ تخفي رقةً وجوى
و الطرفُ يكشفُ من أسرارِها عجبا
فالحزنُ يسكنُ في عينيكِ سيدتي
و الدمعُ في المقلةِ الحوراء قد ندبا
قد يزعجُ الوردَ في صبحِ الربيعِ ندى
و قد يبثُ الشذا فخرًا إذا انتسبا
عيناكِ للسحرِ صِيغت فهي فاتنة
ليست لدمع الأسى هملاً إذا سُكبا
ما الوصلُ إلا كطيفٍ مرَّ في خجلٍ
مدَّ الهيامُ لها في مهجتي طنبا
إذا توهجت الأشواق في كبدي
فالشعرُ في مهجتي بالفيضِ ما نضِبا
و أنظم الشعر أنغامًا تسامرني
ذكرى حبيبٍ بعيدُ الدارِ ما اقتربا
جودي بوصلٍ فما في العمرِ متسعٌ
فالعمرُ يمضي و لم ندرك به أربا