بسم الله الرحمن الرحيم
(كَمَآ أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِّنكُمْ يَتْلُوا۟ عَلَيْكُمْ ءَايَٰتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا۟ تَعْلَمُون).

لم يكن محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- رجلًا عاديًا وما اختاره الله سبحانه وتعالى إلا بعد أن أودع فيه صفات الكمال والجمال. (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ (128)، وربط عبادتَه -جل جلاله- بمحبة محمد -صلى الله عليه وآله الكرام- ولا يقبل عمل عبد دون ذلك ولا يحق لأحد أن يسيء لرسول الله لا بكلمة ولا بفعل والله سبحانه وتعالى كفل أن يحفظ محمدًا طوال حياته ويبقي ذكره بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى وربِطه بالأذان وفريضة الصلاة والدعاء وبالصلاة عليه في كل حين ولا يحق لأحد أن يتبرأ منه أو يشكك في نبوته ورسالته ولو طرفة عين ولا يسمح بإهانته من أي بشر حتى ولو كان مجرد كلام.

وما نشاهده بين الفينة والأخرى من شباب أحرقوا القرآن وأهانوه وتهجموا على شخصية رسول الله محمد وتبرؤوا من الإسلام لأغراض دنيوية كالإقامة عند الغرب وأخذ الجنسيات الأحنبية وبثوا ذلك على الملأ عبر مقاطع الفيديو متفاخرين بذلك ومتباهين.


والطامة الكبرى أن أولئك من المتعلمين والفاهمين والواعين وأصحاب الشهادات والذين نشؤوا وترعرعوا بين أمة لا تذكر النبي إلا بخير وما أن ابتعدوا عن وطنهم وانبهروا بالحضارة التي لجؤوا إليها وانفتحوا على الحريات التي تبيح كل مضر ومسيء حتى انقلبوا على أعقابهم وأساؤوا إلى ربهم ونبيهم وكتابهم المقدس
(وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144)

هؤلاء مهما كان عددهم ومهما كانت إساءاتهم ومهما صرحوا وأعلنوا وبثوا رسالتهم عبر الفضاء لن يؤثروا قيد أنملة ولن يضروا بسمعة سيد الأنبياء والمرسلين ولن يتأثر شبابنا الملتزمون ولن يشككوا في عقيدتهم إلا ضعاف الإيمان ومن كان يعبد الله على حرف

(وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ ۖ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ ۖ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (11)
ومن كان الشيطان قائده (وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا (3).

أيها الشباب وأيتها الفتيات، احذروا سطوات الشيطان ونزغاته فإنه يختبر النفوس فإن وجدها رخوة ومطيعة تغلغل فيها وتعشش (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَٰنِ نَزْغٌ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ إِنَّهُۥ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْا۟ إِذَا مَسَّهُمْ طَٰٓئِفٌ مِّنَ ٱلشَّيْطَٰنِ تَذَكَّرُوا۟ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ (201) وَإِخْوَٰنُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِى ٱلْغَىِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ). وعندها يصبح المرء أسيرًا لرغبات الشيطان ويسلك طريق الهالكين ولا ينفع الندم بعدها ولا يقبل الله أي تبريرات أسأت بها لدينك أو نبيك أو كتابك وأول المتبرئين منك هو الشيطان الذي اتبعته وائتمرت بأمره (وَقَالَ ٱلشَّيْطَٰنُ لَمَّا قُضِىَ ٱلْأَمْرُ إِنَّ ٱللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ ٱلْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِىَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَٰنٍ إِلَّآ أَن دَعَوْتُكُمْ فَٱسْتَجَبْتُمْ لِى فَلَا تَلُومُونِى وَلُومُوٓا۟ أَنفُسَكُم مَّآ أَنَا۠ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَآ أَنتُم بِمُصْرِخِىَّ إِنِّى كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).

أيها الشباب أيتها الفتيات، كونوا على حذر لا تغفلوا عن دينكم وأخلاقكم طرفة عين ولا تتبعوا خطوات الشيطان فإنه يبدأ من الصفر ويتدرج إلى أن يقول إني بريء مما أسأتم لدينكم ونبيكم وكتابكم وأنفسكم وأهلكم (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ ۖ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَىٰ مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ ۚ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ).


مصيرنا مرتبط بالطاعة فمن أطاع الله نجا وسلم (رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ) ومن أطاع الشيطان ضل وهوى
وهذه ذكرى رحيل رسول الإنسانية ومنقذ البشرية محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- نُحييها لندافع عن سيد الأنبياء والمرسلين ونحذِّر من يسيء إليه بسوء.

فليحذر الغافلون ولينتبه المستهترون فلا ينفع الندم بعد حين، قال تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا﴾.

هناك من ابتعد عن مبادئه وقيمه وهناك من نسي فروضه وواجباته وهذا لا يعني أن يستمر في طريق الخطأ فالشاب الذي أسرته الدنيا بهواها لا يكن ضعيفًا ويستسلم أكثر فأكثر بل يتمرد على هواه ويُصلح ذاته ويبتعد عن العبث والهراء وينتبه لنفسه قبل فوات الأوان.

والفتاة التي أرخصت نفسها وتخلَّت عن كرامتها لشهرة أو منصب أو مال لا تُغلق على نفسها باب الصلاح فلتقل لنفسها كفى ضياعًا وكفى استهتارًا عودي لكرامتك واعرفي نفسك واستغفري ربك إنه كان غفارًا (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (52)

ثبتنا الله وإياكم على دين محمد وجعلنا ممن يقتدي بنهجه ويحكِّمه في كل شاردة ووارة في أمور حياته حتى مشكلاتنا العائلية وخلافاتنا المادية (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا). فهو نبينا وقدوتنا وأسوتنا في حياتنا لنلقاه شفيعًا لنا يوم الحساب جعلنا الله وإياكم من المحبين له والمدافعين حتى نلقاه وأهل بيته الطيبين الطاهرين شفعائنا عند الله وعظم الله أجوركم وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.