#قراءة بظروف لحظة وما بعد وفاة النَّبي الأعظم(ص):

#لا شك أنَّ حَدَث وفاة النَّبي(ص)تاريخي بـ"امتياز"، ومفصل كبير جدَّاً غيَّرَ "مسارات التَّاريخ الإسلامي".

#أقول: "تاريخي بامتياز" لأنَّهُ مع وفاة النَّبي(ص) انعقد بشكل مفاجئ و"مُنَظَّم" وسريع "اجتماع سقيفة بني ساعدة" الذي نسف "العهد النَّبوي" بالإمام علي وأشعل "فتيل فتنة" ما تزال تتفاقم إلى اليوم.

#وكوصف مجرَّد لهذا "الحَدَث" أقول: تمَّ اجتماع سقيفة بني ساعدة فجأةً بمجرَّد وفاة النَّبي(ص)وبشكل غريب وسريع ومفاجئ وصادم، وبصفة تتعارض بشدَّة مع العهد الإلهي بالإمام علي(ع).
#وكان الهدف منه سرعة"مصادرة السُّلطة" أو الإمارة، ومنع الإمام علي(ع)منها وتأمين "قُوَّة ضامنة"، وهو ما تحقّق عبر دخول "جُند بني أسلم إلى المدينة" ظهراً لصالح عمر ابن الخطّاب ومن دون أي سبب سوى أنَّ بينهم وبين عمر موعداً يحضرونه إن مات محمَّد(ص).
#العجيب أنّهم بادروا سريعاً إلى ذلك رغم أنَّ عهد النَّبي ووصيّته وبيعته بالإمام علي معروفة بكل أهل الإسلام وموثّقة ومشدّدة منذ زمن طويل، أي من قبل "يوم الغدير". ومع يوم الغدير أخذها النَّبي(ص) موسَّعَةً مِن كل أهل الإسلام وموزَّعَةَ على "كلّ بِقَاعِهِم" بالموقف الشَّهير من الغدير، ثمَّ أمرهم بمبايعة الإمام علي(ع) كَفَّاً بِكَفّ للتَّوثيق الشَّديد.

#وإذا أخذنا بعين الإعتبار "مجموع قرآئن المجتمع المدني" فلا يلزم منها أي تمرُّد مِن قبل الأنصار أو فريق منهم، أو مِن فريق قريش(لضعفهم)، وذلك لشدَّة وضوح العهد النبوي بالإمام علي وعدم ظهور معارضة شرسة أو تكتُّل يهدّد أمر الله ونبيّه بالإمام علي، فضلاً عن القرائن العامَّة للمجتمع المدني. دليلي على ذلك كل متون التَّاريخ والرواية بالشرطين.

#بتعبر آخر: لا تفسير لفعل بعض الأنصار إلاَّ "أَمر دُبِّر بليل" وبوقت سابق على "حدث وفاة النَّبي" ومُنَظَّم ومعهود وله ما يتبعه، بدليل أنَّ انعقاد اجتماعهم بسقيفة بني ساعدة تمَّ مباشرة وبسرعة إثر الصَّيحة بوفاة النبي(ص)، وكان النبي(ص) توفِّي صباح الإثنين، أي بالضُّحَى، وعلى أثره تمَّ اجتماع فريق الأنصار سريعاً وبطريقة منتقاة بقيادة سعد بن عبادة،
#واللاَّفت جدَّاً أنه بعد اجتماع فريق سعد بن عبادة بالسقيفة مباشرةً تمَّ إبلاغ "عمر ابن الخطّاب" الذي منع مع أبي بكر وبعض فريق قريش جيش أسامة بن زيد من النفر وتسلل إلى المدينة قبيل وفاة النبي، ومع وفاته هدد كل من يصرّح بوفاة النبي(ص) مشيراً أنَّ النَّبي كموسى ذهب إلى ربِّهِ وأنّه سيعود و"يقطع يد كل من يقول بأنه مات".!!!!!!!!!
#وبسرعة فائقة ذهب إلى اجتماع السقيفة وتبعه أبو بكر وجماعة من قريش، فيما النَّبي ممدَّد بين أهل بيته، وهو نبيهم ورسول الله فيهم.!!!!!!!!
#ومع أنَّ منطق الحدث الكبير الذي وقع مِن لحظات يفترض أن يكون سعد بن عبادة وأبو بكر وعمر ببيت النبي وعند جنازته إلاَّ أنَّ "أمراً ما" دفعهم نحو السَّقيفة بطريقة غريبة جداً، وإليك بعض تفصيلها.
#وصف اجتماع بني ساعدة:
#أوَّلاً: هو اجتماع خارج السّياق الطبيعي للتَّاريخ القريب مِن حياة النَّبي وواقع المدينة المنورة وهو قطعاً خلاف "الحدث الكبير وهو وفاة النبي(ص)" الذي لم يفاجئهم، وأكرر أنّه "لم تفاجئهم".!!!!!!
#ثانياً: هو اجتماع مُنَظَّم جداً، وله هدف واضح، وهو "الإستيلاء على السُّلطة ومنع الإمام علي(ع) منها"،
#ثالثاً: بدأ اجتماع السَّقيفة بفريق من الأنصار و"بطريقة غريبة جداً" وعلى الأثر انضمَّ إليه فريق مِن قريش بقيادة عمر وأبي بكر، وكلاهما مُتَّفق على فكرة مفادها: "منع الإمام علي الخلافة"، ولا يهمُّهُ مِن الرواية والآية شيئ سوى الإستيلاء على السُّلطة. بمعنى أنَّ هدف مَن اجتمع بالسَّقيفة السُّلطة والإستيلاء عليها، وذلك لا يتحقّق إلاَّ بمنعها عن الإمام علي(ع)، لأنَّه الخليفة المأخوذ به "العهد والبيعة والوصية وعليه المواثيق المغلّظة".
#رابعاً: النِّزاع الذي حصل بين "فريق من الأنصار" و"فريق مِن قريش" حول "مَن يخلف النَّبي" ويتمكَّن مِن السُّلطة تمَّ مباشرةً إثرَ الصَّيحة بأنَّ "النَّبي مات"، والمفترض بهذه الحالة أن يهرعوا لبيت النَّبي للوقوف على "الحدث الأكبر" بخلفيَّة أنَّ الذي مات ليس "حاكم مدينتهم فقط" بل نبيُّهم ورسولُ الله فيهم.!!!!!!!! فلم يفعلوا.! بل تشكَّلُوا ضمن فريق مُنَظَّم ولهدف مُنَظَّم واجتمعوا بسقيفة بني ساعدة.!!!!!!!!!
#خامساً: بمنطق الأحداث وطبيعة الأمور لا تفسير لهذا الموقف أبداً إلاَّ "أمر واحد"، وهو أنَّ القوم اتَّفَقُوا سابقاً على الإجتماع "سريعاً" عبر استغلال موت النَّبي للإستيلاء على "السُّلطة"، ولا يمكن أن يتمّ هذا الأمر بلا شراكة فريق مِن قريش، على اعتبار حيثيَّة أنَّ النبي مِن قريش وأنَّ تجاوز الإمام علي(ع) لا بدّ له من "غطاء قرشي"يساعد على ذلك، وهو ما تمَّ بانضمام "عمر وأبي بكر وفريق من قريش" سريعاً إلى فريق سعد بن عبادة الأنصاري، والمفاجئ أنّهم اتَّفقوا على تنحية الإمام علي واختلفوا على من تكون له الإمارة(ظاهراً)، وبشكل سريع وغريب جدَّاً اتَّفقوا أن تكون الخلافة بأبي بكر وتكون الوزارة بالأنصار.!!!!!!!!

#الخلاصة:
#أصل الإجتماع بسقيفة بني ساعدة مفاجئ وغريب.
#اتّفاقهم على منع السُّلطة عن الإمام علي غريب.
#اختلافهم على "مَن تكون له الإمارة" ثمَّ اتفاقهم السَّريع جداً على أن تكون بأبي بكر وتكون الوزارة للأنصار أغرب.!! لأنَّ فريق أبي بكر وعمر وهذا الشّقّ لم يكن "قوَّة وازنة" تُذكَر.!! فعلاً الأمر غريب جداً.!!!!!!!!!!!
#الإغرب دخول بُدُو "بني أسلَم" مِن البادية بنصف النهار، وذلك لمؤازة عمر ابن الخطاب، وهذا أمر غريب وعجيب ولافِت جدَّاً ولا يمكن تفسيره إلا "بأمر دُبِّر بليل"، وهذا يكشف المستور، ويُؤكّد أنَّ ما جرى بسقيفة بني ساعدة أمر مُتَّفق عليه وعلى السيناريو الذي يحيط به، وفيه وضوح كامل بأنَّ عرَّاب الإتفاق كان عمر، خاصَّةً أنَّ جند بني أسلم حين دخل المدينة نزل تحت أمرته وجرّد السلاح ووقف بالأزقة يأخذ البيعة لأبي بكر بالقوَّة بين يدي عمر ابن الخطّاب.!!

#الأعجب أنَّ فريق "أبي بكر-عمر" كان فريقاً ضعيفاً أمام فريق سعد بن عبادة(الأنصاري)، ومع ذلك سرعان ما تنازل الأنصار لعُمَر، وبطريقة غير مفهومة أبداً، بل لا يُمكن تفسير هذا الحدث تاريخيَّاً إلاَّ بتواطئ "سعد بن عبادة مع أبي بكر وعمر" والإتفاق مسبقاً على مجريات أحداث سقيفة بني ساعدة، ومعها ينكشف أنَّ كل ما جرى مِن صراخ ومواقف(وتهديد بالقتل من فريق قريش الضَّعيف جداً)مجرد "تمثيليَّة" انتهت بسرعة فائقة وانكشفت عن اتفاق مفاده: الإمرة لأبي بكر وفريقه مِن قريش، والوزارة لفريق سعد بن عبادة من الأنصار.
#الغريب جدَّاً أنَّ "هذا الفريق" امتنع عن المشاركة بمراسم وفاة النَّبي وجنازته طيلة ثلاثة أيام، وفي الرواية الإجماعيَّة عند العامة عن عائشة قالت: "لم نعلم بدفن رسول الله(ص) حتى سمعنا ضرب المساحي(أي المجارف) بالليل .!!!!!!!!!!!
#الأعجب أنَّ عائشة بنت أبي بكر وزوجة النبي لم تحضر جنازته ولا دفنه.!!!!! وكذا فعلت حفصة بنت عمر ابن الخطاب.!!!!! وذلك بخلفيَّة انشغال عائشة وحفصة مع أبيها بخصوص السلطة والإمارة، خلافاً لمفروض الزَّوجية فضلاً عن مفروض "النُّبوَّة والفجيعة".!!!!!!!!!!

#اللاَّفت، رغم أنَّ فريق أبي بكر- عمر انتزع الإمارة يوم الإثنين نهاراً.! وذلك بعد ساعة مِن وفاة الني(ص) ووزَّعَ جُند بني أسلم(الذي دخل المدينة فجأةً نهاراً من البادية) وانتشر بأزقَّة المدينة بكامل سلاحه تحت إمرة عمر ابن الخطاب، رغم ذلك لم يشارك فريق السقيفة كلُّهُ بمراسم وفاة وجنازة ودفن النبي(ص).!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

#والمفارقة المهمة أنَّ أبا سفيان كان ممنوعاً من "لعبة السَّقيفة واتّفاقها المستور"، لدرجة أنَّهُ حاول أن يشعل النّزاع بين الإمام علي وفريق أبي بكر-عمر، وعينه على نسف ما تبقَّى مِن بناء النَّبي وبعثته(ص).!! إلاَّ أنَّ عمر ابن الخطاب بادر إلى أبي سفيان وأرضاه ليصفّ إلى جانبه.

#الأهم سكوت الكثيرين وفق حسابات عشائريَّة وشخصية وغيرها، منها الخشية "أن يقع سيف النزاع بين القبائل"، ما مَكَّن "القوَّة المُنَظَّمة" التي تَشَكَّلت مِن فريق أبي بكر- عمر وفريق سعد بن عبادة بدعم من "جند بني أسلم"مِن السيطرة على الأرض وفرض "صيغة السلطة الجديدة" التي تتعارض بشدّة مع عهد الله وعهد رسوله(ص)بعلي بن أبي طالب(ع).

#ولنعلم خلفيَّة سلطة السقيفة علينا أن ندقِّق بلائحة أولويَّاتها.؟!!
#اللاَّفت جداً بهذا المجال أنَّ "الأولوية الوحيدة" لفريق السقيفة آنذاك انحصر بـ"عزل أهل بيت النَّبي(ص) ومنع الإتصال بهم ومنع الحديث بما جرى بالسَّقيفة، واعتبار الأمر "خطر على السُّلطة"، لدرجة أنَّ "جند السَّقيفة" لم ينم ليلاً ولا نهاراً خشية أي تحوُّل شعبي يُهدّد السُّلطة الجديدة.!!!!!!!
#ومع إصرار الإمام علي والسيدة الزهراء على "تجريم ما جرى بالسَّقيفة" ومنع الشَّرعيَّة عنها، أخذ أبو بكر وعمر وفريق السَّقيفة قراراً بمحاصرة بيت السّيدة الزهراء وأخذ البيعة بالقوَّة، ومع معارضة الإمام علي والسيدة الزهراء الشَّديدة تمّ اقتحام البيت وفتحه عنوة، أي بالسَّيف والنَّار حسب تواتر الخبر بالشرطين، لدرجة أنَّ إبن عساكر وهو إمام الرواية عند العامة تتبَّع بما يزيد عن 9 طرق كلّها بشرط "أعيان رواية العين وأئمَّة الحَدَث" مثل "عبد الرَّحمن بن عوف" أنَّ أبا بكر أقرَّ بكشفه دار فاطمة الزَّهراء(أي فتحه بالقوة)، والنُّصوص صريحة بأنه كشفه بالحديد والنار، وما تلاه من كسر ضلع الزهراء وإسقاط جنينها وشهاداتها لاحقاً.

#ومنذ تلك اللحظة بدأ "تاريخ جديد" ليس بـ"التوقيت الهجري" بل بتوقيت وفاة النَّبي(ص)كحدث غيَّر مسار الدَّولة النَّبويَّة، بحيث تحوَّلت مِن "دولة للنَّبي إلى دولة ضد أهل بيته وأهداف تشريعه وطبيعة مدرسته السَّماوية"، وعبَّرت عن ذلك بقتل السّيدة الزهراء ثمَّ قتل الإمام علي ثمَّ الإمام الحسن ثمَّ المجزرة الرهيبة التي طالت الإمام الحسين وذريَّة النبي وبنات الزهراء(ع)، وظلَّت مستمرةً بشكل متفاقم إلى يومنا هذا.

#ولأنّ "الحدث الكبير" يكمن بوفاة النبي(ص) وما لزم عليها، فقد ظلّ الإستشهاد بتلك الحظة كحدث فاصل جداً بتاريخ الإسلام يتردد طيلة الدهر، لدرجة أنَّ الجارية التي خرجت مِن بيت الإمام الهادي(ع)في اللحظة التي قُتِلَ فيها مسموماً صاحت: "ألله ألله منك يا يوم الإثنين"، تريد بذلك يوم وفاة النبي(ص) وما جرى بعده من فتنة السقيفة وأهوالها التي ما زالت مستمرة، وهو عين ما أخبر به اللهُ النَّبيَّ وأمَّتَهُ قبل فترة مِن وفاة النَّبي بقوله تعالى:(وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ).
#وبمناسبة وفاة النبي واستمرار أحداث ذلك الزلزال الأكبر نقول: ألله ألله منك يا يوم الإثنين".
#عظم الله أجور كم وأجورنا، والحمد لله ربّ العالمين.

**