التكنولوجيا الحديثة تخطو خطوات واسعة نحو الإنفتاح العالمي ، وفي كل يوم يظهر ما هو جديد يبهر العقول ، وفي ظل هذا التطور الهائل والتقدم التكنولوجي نلهث وراء التكنولوجيا المعاصرة في سبيل توفير أرقى درجات الراحة والترفيه مع حصول النفع، منا من يحسن استغلال هذه النعمة ويسوقها نحو الخير ، ومنا من يغض الطرف عن منافعها ويستغلها نحو أغراض ملتوية تكون وبالاً عليه وعلى غيره .
عندما يقع الهاتف المحمول ( الجوال ) في يد لا تقدر هذه النعمة بثمن ، ولا تراها أهلاً للحمد والشكر ، ثم بدل أن توجه هذه النعمة شطر الخير ينحرف صاحبها ويلوي عنقه وراء الشر ، والدليل على ذلك نشره لألوان الفساد عبر هذا الجوال ، تارة بتلك الرسائل القذرة ، ومرة بالبلوتوث ، وما أدراك ما البلوتوث ! ، شره مستطير ووباله خطير....في لحظة كسرعة البرق ينقل لك تلك الصور الإباحية التي يستحي الشيطان أن ينظر لها ، علاوة على هاتيك المقاطع الصوتية المحرمة .
ويزداد الفسوق حينما تصبح هذه التقنية وسيلة لمعاكسة الفتيات واصطيادهن عبر تسجيل الصوت ، ثم إذا وقعن في الفخ أصبح التهديد والوعيد أقرب طريق لاصطياد الفريسة على يد ذئب بشري ، ولربما كان تصوير الضحية حجر الأساس في هذه اللعبة الشيطانية .
أما الإنترنت فاللهم سلِّم!! بضغطة زر أنت مخير بين الحلال والحرام ، وبوسوسة شيطان أنت من الشر أقرب ومن الخير أبعد .
طريق الخير واضح وطريق الشر أوضح . لكن كم عدد الذين يسلكون طريق الخير ، وكم عدد الذين يرتعون في أوحال الرذيلة.
كم عدد أولئك الذين ما فهموا من ثقافة الإنترنت سوى مطالعة الصور الإباحية ونشرها بين الناس بأرخص الأثمان ، أو تعلم فنون الجرائم والسحر والشعوذة أو.. أو...أو ...كم عدد الذين طبلوا وزمروا بتلك المقاطع الصوتية المحرمة ونشروا فحشها بين البرية .
كم عدد أولئك الذين تربعوا على عرش المنتديات ورموا بشباكهم لاصطياد الفتيات بسنارة المكر والدهاء وقلة الخوف من الجبار شديد العقاب .
وفي ظل غياب الوازع الديني تزداد الغفلة وتزداد ، وربما لا يفوق الغافل من غفلته إلا وهو موسد تحت التراب في ظلمات القبر ، عندها لعل وعسى أن تشفع له في قبره غرف الدردشة ، أو الماسنجر الملوث بصوت وصور الفتيات ، أو تلك المجموعات البريدية القذرة،أما القنوات الفضائية الهابطة فلا تقل فحشاً ودناءة عما قبلها .
لا عليك سوى تقليب القنوات بخفة متناهية عبر جهاز( الريموت كونترول) وبضغطة واحدة تحصل على مرادك ، إن خيراً فخير وإن شراً فشر، أنت وحدك تستطيع أن تميز بين الطريقين ، طريق الصواب وطريق الخطأ ، وليس لأحد أن يجبرك على انتهاج طريق لا تريده، إن كنت ترى أن التمدن والتحضر لا يحصل إلا بالإنحلال الأخلاقي والتفسخ البهيمي المقيت من خلال مشاهدة ما حرم الله تعالى ، فقد أخطأت الطريق ، وانتكست لديك الفطرة السوية التي فطر الله الناس عليها، وإذا كانت جوارحك التي طوعتها نحو الحرام ستروي نهم نفسك الأمارة بالسوء ، فلا تشكَّ أبداً أن الله قادر على أن يسلب منك هذه النعم التي تتبجح فيها ليل نهار ( قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من إله غير الله يأتيكم به) سورة الأنعام آية46 .
بالأمس كان الطريق الموصل إلى الفساد طريق يحتاج إلى مشقة وعنت وبذل جهد ، أما اليوم ففي بيتك وتحت أجهزة التكييف تستطيع أن تصول وتجول في ألوان الشر ومبادئ الإنحلال بأبسط وأسهل الطرق .
من الذي سيعصمك إذن من هذا الفسوق الإليكتروني ؟
إذا لم تكن لديك حصانة ذاتية ، وسياج منيع قوي مبني على تقوى الله ، فلا تسأل حينئذ ماذا سيجري من منكرات الأقوال والأفعال في عالم الإلكترونيات .
اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك .
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب منقول