أشاقَكَ ربعُ الدّارِ والدّارُ بَلقَعُ؟
وحَيَّت هواك الرّيحُ والريحُ سَلفَعُ؟
أشاقَكَ ربعُ الدارِ من عَدَوِيَّةٍ
نَزاريّةٍ تهفو إليكَ وتَضرَعُ؟
ألِمَّ على الرَّبعِ المُحيلِ فإنّهِ
مَحت رَسمَه اللّأواءُ والمُتَجَرَّعُ
تَحمّلَها يومَ الرحيلِ هوادجٌ
على مَجدِها الباقي تُقيمُ وتَرفَعُ
كأنّ حَوادي العيسِ يومَ تفَرّقَت
ركائبُهُمْ أوتارُ قلبٍ تَقّطَّعُ
أقِلني من التّوديعِ لا ريبَ إنّني
رَثَت نفسيَ الأشواقُ حينَ أودِّعُ
ورُدَّ ليَ الشِعرَ القديمَ ومَنِّني
وصالَ الذي في البُعدِ لا يَتلَوَّعُ
سَقتكَ روايا الغيثِ بالخيرِ والحَيا
دُموعي التي بالخدّ تَهمي وتَهمَعُ
فإمّا رأيتَ العينَ تقطرُ بالنّدى
فتلكَ نجومٌ من حواليكَ تلمَعُ
ذكَرتُك والأيامُ تمضي حَرونَةً
وما بينَها أقدارُ رزقٍ توَزَّعُ
فكُنْ مطمئنًّا لستُ للعهدِ ناسيًا
وكُنْ مطمئنًّا أنتَ أبقى وأمنَعُ
وإن ضَرّتِ الأدهارُ أو نفَعَت بها
فإني أنا منها أضَرُّ وأنفَعُ
ومثلي مَن خاضَ الحياةَ مُجَرِّبًا
أجادَ بها إخضاعَ مَن ليسَ يَخضَعُ
تقادَمَ عهدُ الصّالِحِيّةِ باللِّوى
فيا ليتَ عهدَ الصالِحِيّةِ يرجِعُ!
لياليَ أتقَنّا الحديثَ فما انتَهى
إلى القلبِ إلّا عن حديثِكَ أروعُ
وما ثَمَّ نارٌ غيرُ أُنسِكَ تُشتهى
ولا ثَمَّ شمسٌ دون وجهِكَ تسطعُ
وهل كنتُ يومًا في كثيرِكَ قانِعًا
لقاءً فأرضى بالقليلِ وأقنعُ؟
"يُذكّرنيكَ الخيرُ والشّرُ والّذي
أخافُ وأرجو والذي أتوقّعُ"
احمد غالب سرحان