في يوم من الأيام سألك ابنك أو حفيدك: أبي أو جدي، هل فعلًا يوجد إله؟ تقول له: اصمت، أنت كيت وكيت؟ أم تأخذ وتعطي معه في الإجابة؟

هل يوجد إله؟ سؤال قديم قدم الخلق، فلطالما شكّ من شكّ وأنكر من أنكر وآمن من آمن. سؤال لا بد أن يطرق ذهن الإنسان لكي يستحث استحضار البراهين على وجود إله في عقله. هذا السؤال البغيض - نوعا مًا - قد يكون مفيدًا في البحث عن الحقيقة وبسببه اهتدى عدد كبير من الملحدين والمشككين أن الإجابة هي: نعم، بكل تأكيد وانقلب شكهم إلى إيمان عميق!


سؤال خطير جدًّا، لا يستهان به، عباقرة سألوا أنفسهم وسمعوا الإجابة من عقولهم بكل تجرد فآمنوا وآخرون امتنعوا أن يسألوا وماتوا وهم ملاحدة منكرون لوجود إله!

لا يجب أن يصيبنا السؤال بالإحباط فليس كل من يسأل منكرًا وإنما قد يكون يريد تثبيت إيمانه ويقينه من باب: {قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِيۖ}. سأل رجل اسمه ذعلب اليماني الإمامَ عليّ عليه السلام: هل رأيت ربك يا أمير المؤمنين؟ لم ينزعج الإمام علي ولم يطلب منه عدم السؤال بل أجابه في رحابة صدر: أفَأعبد ما لا أرى؟ فقال: وكيف تراه؟ فقال: لا تراه العيون بمشاهدة العيان، ولكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان. قريب من الأشياء غير ملامس. بعيد منها غير مباين. متكلم لا بروية، مريد لا بهمة. صانع لا بجارحة. لطيف لا يوصف بالخفاء. كبير لا يوصف بالجفاء بصير لا يوصف بالحاسة. رحيم لا يُوصف بالرقة. تعنو الوجوه لعظمته، وتجب القلوب من مخافته.

على ما يبدو أن الإمام علي عليه السلام سئل أكثر من مرة واحدة ومن أكثر من شخص فعندما سأله رجل عن إثبات الصانع، قال: البعرة تدل على البعير، والروثةُ تدل على الحمير، وآثار القدم تدلّ على المسير، فهيكل علوي بهذه اللطافة ومركز سفلي بهذه الكثافة كيف لا يدلان على اللطيف الخبير؟! وعندما سئل: ما الدليل على إثبات الصانع؟ قال: ثلاثة أشياء: تحويل الحال، وضعف الأركان، ونقض الهمة.


في كل زمان يوجد من يسأل أو يشك في الوجود! قد يكون الشاكّ من داخلنا ومن بيتنا فإما أن نبدّد الشكوك بالحقائق أو نعمق الجهل والنكران بطلب الصمت وعدم الحديث.

هذا النظام والبناء الهندسيّ العجيب المحكم المليء بالأسرار ما له القدرة على هذه الهندسة إلا الله القادر الحكيم والعالم المطلق. هذه العلوم التي نراها كل يوم تدل على أن لا أحد يستطيع أن يقول: ليس هناك إله!
فَيا عَجَبًا كَيفَ يُعصى الإِلَهُ ** أَم كَيفَ يَجحَدُهُ الجاحِدُ
وَفي كُلِّ شَيءٍ لَهُ آيَةٌ ** تَدُلُّ عَلى أَنَّهُ واحِدُ
وَلِلَّهِ في كُلِّ تَحريكَةٍ ** وَتَسكينَةٍ أَبَدًا شاهِدُ

إذا كان لي من نصيحة للشبان؛ أنصحهم أن يطلعوا على سيرة من كانوا غير مؤمنين ثم آمنوا، لماذا وما هي الأسباب التي قادتهم للإيمان وفيهم من كتب كتبًا بلغة جميلة وبسيطة