بسم الله الرحمن الرحيم
الرّشوة في الانتخابات وأضرارها
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الأولين والآخرين، وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد: فقد اتصل بي هاتفياً كثير من العراقيين وأخبروني بأن بعض المرشحين لانتخابات مجالس المحافظات أو الأقضية والنواحي يدفعون رشوة مادية لبعض ضعفاء النفوس للتصويت لصالحهم، فما الحكم الشرعي لمثل هذا العمل؟ ومن الذي ينبغي أن يُنتخب لمثل هذه المجالس؟ أقول: العضو المنتخب هو الذي يمثل الشعب لأجل خدمة البلد وإعانة الناس فلابد من أن يكون موضع ثقتهم به في تمثيلهم بكل إخلاص وجدارة لذا يحرم انتخاب أي شخص إلا بعد أن تتوافر فيه الشروط الآتية، و إلا فإن انتخابه يُعدُّ شهادة زور لا يقوم بها إلا من لا دين له ولا ضمير يردعه، والشروط هي: 1- أن يكون مشهوداً له بالوطنية ولم تُلوث يده بمصافحة المحتل. 2- أن يكون مشهوراً بالعفة و النزاهة. 3- أن يكون مؤدياً لفرائض العبادات و مجتنباً للمحرمات. 4- أن يكون هدفه خدمة البلد والناس لا طلب الجاه أو المادة. 5- أن لا يكون عميلاً لدولة أجنبية مجاورة أو غير مجاورة. 6- أن تكون فيه الكفاءة لهذا المنصب من دون عاطفة الصداقة أو القرابة. 7- أن لا يكون عضواً ثبت فشله أو فساده في الدورات السابقة. 8- يفضل أن يكون مستقلاً لم ينتسب إلى أي حزب لأنه ينحاز إلى مصلحة حزبه. فإن اختل في المرشح شرط من هذه الشروط حرم انتخابه، ومن لم يجد في نفسه توافر هذه الشروط حرم عليه الترشيح للعضوية.أما من يدفع الرشوة ليصوت له المرتشي فإن ذلك خيانه و حرام من وجهين: 1- أن الرشوة ملعون بها ثلاثة أشخاص: الراشي والمرتشي والرائش، كما ورد في الحديث الشريف. 2- أن المرشَّح لو كان صالحاً للعضوية لما دفع هذه الرشوة؛ لأن الناس يصوتون له بناء على كفاءته وتوافر الشروط فيه، ودفعه للرشوة دليل على أنه غير كفوء ويبتغي من ذلك الجاه أو كسب المال الحرام أو استغلال منصبه لأمور خاصة ودنيوية، ولولا ذلك فإن جميع ما يتقاضاه من رواتب للسنوات الأربع لا تغطي ما يدفعه رشوة. أما المواطن الذي يقبل هذه الرشوة فهو مطرود من رحمة الله؛ لأنه ارتشى أولاً وخان دينه ووطنه بانتخاب هذا الراشي ثانياً؛ لأن المنتخب -كما قلنا- لو كان صالحاً لها وكفوءً لما دفع الرشوة ولوَكَّل أمره لثقة الناس به أنه صالح و نزيه. وعليه فإني أدعو الغيارى من العراقيين إلى التصدي لهذا العمل المشين المخل في المروءة وفيه غدر لحقوق المواطنين وعليهم أن ينتخبوا من توافرت فيه الشروط دون أي مقابل بل لأنه جدير بهذا الموقع وأنه يرجى خيره وليحذروا انتخاب من ثبت فشله في الدورات السابقة أو استغل العضوية لصالح نفسه أوقومه أو حزبه فقط. فإن من ينتخب مثل هذا العضو سيعرض نفسه للمساءلة أمام الله تعالى (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلبٍ سليم).
والله ولي التوفيق
أ.د. عبد الملك عبد الرحمن السعدي