فرنسا تعتزم سحب جزء من عتادها العسكري في النيجر
تعتزم القوات الفرنسية المنتشرة في النيجر سحب عتاد لم تعد تستخدمه بعدما علّق جيش النيجر تعاونه معها إثر الانقلاب الذي أوصل إلى الحكم في نيامي سلطة ترفض باريس الاعتراف بها، وذلك بانتظار أن يبت الإليزيه بمصير هذه القوات.
نشرت في: 06/09/2023
تنوي السلطات الفرنسية سحب عتاد لم تعد تستخدمه قواتها المنتشرة في النيجر بعدما علّق جيشها تعاونه معها إثر الانقلاب الذي أطاح بالرئيس محمد بازوم.
وأقرت وزارة الجيوش الفرنسية الثلاثاء بوجود "محادثات" بين الجيشين النيجري والفرنسي حول "سحب بعض العناصر العسكرية" من النيجر، فيما يطالب قادة الانقلاب في نيامي برحيل القوات الفرنسية بأكملها.
وأكدت بذلك الوزارة ما أعلنه رئيس وزراء النيجر الذي عينه النظام العسكري علي محمد الأمين زين.
ويشكل هذا التصريح عودة عن الموقف الحازم الذي اتخذته باريس حتى الآن، والذي أصرت فيه على عدم الاعتراف بالسلطات الجديدة في نيامي بعد إطاحة الرئيس محمد بازوم، حليف فرنسا.
وعلى الرغم من قرار السلطات المنبثقة من الانقلاب إلغاء العديد من اتفاقيات التعاون العسكري المبرمة مع فرنسا ودعوتها إلى "انسحاب سريع" للقوات الفرنسية، إلا أن باريس استبعدت حتى الآن الرحيل عن النيجر حيث لا يزال السفير موجودا في سفارتها في نيامي رغم تهديده بالطرد. لكن يبدو أن القوات العسكرية رضخت للأمر الواقع: فمنذ وصل إلى السلطة في نيامي عسكريون يعارضون وجود 1500 جندي وطيار فرنسي في البلاد، توقفت العمليات.
فالطائرات المسيرة والمقاتلات والمروحيات مُتسمرة في قاعدة نيامي الجوية، في حين أن جنود المشاة المنتشرين مع مدرعاتهم في قاعدتي ولام وأيورو الأماميتين، والذين عادة ما يدعمون عمليات النيجر ضد الجهاديين، لا يبارحون مكانهم.
وهكذا فإن "مسألة الإبقاء على بعض من قواتنا مطروحة"، بحسب وزارة الجيوش.
شراكة "غير قابلة للاستمرار"
وأكد مايكل شوركين، الأمريكي المتخصص في شؤون الساحل والجيوش الفرنسية لوكالة الأنباء الفرنسية أن "الشراكة نجحت" بين جيشي فرنسا والنيجر وكانت "في مصلحة" النيجر، لكنني "لا أعتقد أنها قابلة للاستمرار، ولا يمكن العمل وتنفيذ عمليات عسكرية بدون تعاون الدول المضيفة".
وخلال شهر، منذ وصول المجلس العسكري إلى السلطة في نيامي، خلفت الهجمات المتكررة في المنطقة الحدودية بين بوركينا فاسو والنيجر ومالي عشرات القتلى من عسكريين ومدنيين.
ومن المحتمل أن تسحب فرنسا من النيجر قسما من العديد والعتاد المخصص لمكافحة الإرهاب والمجمد حاليا بسبب الوضع السياسي الراهن بين باريس ونيامي.
ويرجح أن يتم هذا الانسحاب عبر كوتونو في بنين، باتجاه فرنسا وتشاد المجاورة التي تستضيف قيادة الجيش الفرنسي في منطقة الساحل، أو حتى نحو مناطق أخرى تكافح فيها باريس الجهاديين، مثل الشرق الأوسط، بحسب مصادر متطابقة.
وعلى نطاق أوسع، لا تزال قضية مدى الانسحاب مفتوحة، بحسب مصادر عسكرية وسياسية فرنسية متطابقة.
وتنتظر باريس لترى ما إذا كانت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" التي استنكرت الانقلاب وفرضت عقوبات شديدة على النيجر وهددت بالتدخل عسكريا، قادرة على تحقيق نتائج.
وقال مفوض الشؤون السياسية والسلام والأمن بالمنظمة الإقليمية عبد الفتاح موسى لقناة فرانس24 الأربعاء إن "إيكواس" لا تريد "تكرار تجارب مالي وغينيا وبوركينا فاسو" في النيجر، عندما تم التفاوض على فترات انتقالية مع الانقلابيين، مشيرا إلى أن الأولوية هي "للوساطة".
وأوضحت مصادر في باريس أن العامل الثاني الذي يدفع فرنسا إلى كسب الوقت هو الخلافات بين الانقلابيين في النيجر، والتي قد تؤدي إلى تفكك القوة العسكرية الموجودة وبالتالي حل الأزمة.
واعتبر شوركين أنه "من المؤكد أن هناك ضباطا نيجريين يعرفون جيدا قيمة الشراكة وهم غير راضين عما يحدث. ومن المنتظر ربما أن يتحركوا".
وجاءت هذه الأزمة الجديدة في النيجر بعدما أصيبت فرنسا بخيبات عسكرية ودبلوماسية في مالي وبوركينا فاسو.
ويطالب بعض المقربين من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بـ"تغيير الموقف" لدى العسكريين المتمسكين بالحفاظ على وجود دائم أو حتى تخفيضه في غرب أفريقيا، في حين أن "التبادلات التجارية مع هذه البلدان ضئيلة"، حسب ما أفاد أحدهم.