أهلًا
ترعرعت في صغري خائفًا ضعيفًا،
ترعرعت
أخاف الظلام،وحكايا العفاريت
أخاف الناس، العراك، والمجازفات
أخاف من المرتفعات، والماء
وحشة الوحدة، وتقلب الأصدقاء
أخاف من المستقبل،
وأخاف من الموت
وأخاف من نفسي
ترعرعت أخاف كل شيء
في عمري الثاني عشر
بدأت أتجاوز خوفي
عالجت أمر تأتأتي في وجوه الغرباء
تعاركت كثيرًا ولم أهرب
أصبحت كقطط الليل
أرى الظلام وأعيش فيه
صرت سباحًا ماهرًا
وعفريتًا صغيرًا
أتحسس مواضع الخوف لدى الجميع
لأظهرها لهم
وفي السابع عشر
كبرت قليلًا واندثر الخوف أكثر
حتى صار محصورًا في الوحدة والصديق
المرتفعات صارت مكان مفضل
المجازفة صارت جزءًا من دمي
وصار جسدي عريضًا يحتمل الألم
وقلبي صلب لا يهتز
جريء لا يهاب
إذا هاجمني كلب
أهاجمه أنا كإنسان ذو يد عليا
وإذا هاجمني إنسان
أتجاوزه قليلًا للملل
فإذا أصر أهاجمه كإنسان أيضًا
لكي لا ينفلت زمام القوة من يدي
وفي العشرين
كبرت ونسيت معنى الخوف
إذا هاجمني إنسان
أرى إن كان يستحق أم لا
فإذا استحق هَمَّشْت إنسانيتي
وهَشَّمْت رأسه
أما الكلاب فلم تعد تهاجمني
البحر صار أنا
والظلام صار أنا
والوحدة صارت مني
الصمت لم يعد إجبارًا
وإنما عادة مريحة
المستقبل لم يعد يشغلني
وتقلب الأصدقاء لم يعد يهمني
صرت حقًا جامدًا لا أرتعد
تجاوزت خوفي ورغم ذلك لم أصل، كسرت القيد ولم أتحرر، بل أعتقد أني فقدت جزءًا كبيرًا من إنسانيتي.
ولا أخفيكم سرًا
لي خوف وحيد متبق
هو أن أموت على سريري،
لا على كتف إنسان.
فهل عليَّ أن أتجاوز ذلك أيضًا؟
_ إعادة نشر