ماذا بعد الاندفاعة الدبلوماسية متعددة الوجوه باتجاه لبنان؟
المصدر: بيروت- وفاء عواد
في ظل اندفاعة دبلوماسية متعددة الوجوه على خطوط دولية خرقت الجمود المتمرس بالرئاسة الأولى على أبواب الشهر الـ11 من الشغور في سدتها، وبدت بمثابة ظاهرة في تزامن محطاتها، تشابكت أولويات المتابعات اللبنانية، في الساعات الأخيرة، وذلك بدءاً من زيارة كبير مستشاري الرئيس الأمريكي لشؤون أمن الطاقة آموس هوكشتاين لبيروت، مروراً بما كان عليه المشهد في نيويورك، حيث صوّت مجلس الأمن على قرار تمديد ولاية عمل القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان «يونيفيل» عاماً إضافياً، ووصولاً إلى زيارة وزير خارجية إيران حسين أمير عبداللهيان لبيروت آتياً من دمشق. أما على مسافة أيام، فسيصل الموفد الرئاسي الفرنسي، جان إيف لودريان، إلى بيروت في زيارة ذات مهمة صعبة، ومفادها خلق توافق داخلي على رئيس جديد للجمهورية، عبر حوار يطلقه في النصف الثاني من الشهر الجاري.
ومن بيروت إلى نيويورك، اختلطت بعض الاستحقاقات ببعضها الآخر، ولا سيما استحقاقَي الانتخابات الرئاسية وتمديد عمل «يونيفيل عاماً جديداً، فيما كانت لافتة إطلالة رئيس مجلس النواب نبيه برّي، بدعوته رؤساء الكتل النيابية وممثليها إلى حوار في المجلس النيابي، لمدة أقصاها 7 أيام، على أن يليه الذهاب إلى جلسات مفتوحة ومتتالية.
أما في نيويورك، فمدد مجلس الأمن ولاية «يونيفيل» لسنة جديدة، بغالبية 13 صوتاً مع امتناع روسيا والصين عن التصويت، مع ما يعنيه الأمر من كون هذا القرار دشن مرحلة جديدة من عمل القوة الدولية، إذ كرس لعديدها البالغ نحو 10 آلاف جندي حرية التنقل والعمل لتنفيذ القرار 1701. علماً أن القرار، الذي تضمن تأكيداً على عدم حاجة «يونيفيل» إلى تصريح أو إذن مسبق للقيام بمهامها، ورخّص لها العمل بشكل مستقل، لاحظ بنداً أساسياً طالب به لبنان، ويتعلق بقيام «يونيفيل» بعملها بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية.
دبلوماسية بين حدّيْن
وأتى هذا التمديد بين حدّيْن دبلوماسيين، إذ في تزامن لافت، اجتمعت واشنطن وطهران على أرض لبنان. فوسط الملفات المتشعبة، نفطياً واقتصادياً وسياسياً، وفي زمن الشغور المستمر، حل كبير مستشاري الرئيس الأمريكي آموس هوكشتاين في زيارة تنقيب سياسي وحدودي ونفطي، على بعد ساعات من وصول وزير الخارجية الإيراني إلى بيروت. الأول طبع زيارته باللقاءات السياسية والتقنية الهادفة إلى مواكبة انطلاق التنقيب عن النفط والغاز في المياه اللبنانية من جهة، ووضع الحجر الأساس لمسألة الحدود البرية مع إسرائيل من ناحية أخرى. أما أهداف لقاءات رأس الخارجية الإيرانية، فلخصتها مصادر مواكبة بأنها تصب في خانة دعم الحلول المتفق عليها للملف الرئاسي، التي تنبع من الداخل.
وفيما أطلق هوكشتاين ما يمكن تسميته بدايات الحديث عن حل لما يعرف بالنقاط البرية المتحفظ عليها بين لبنان وإسرائيل، وهي أصلاً 13، ظهرت منذ عملية ترسيم الخط الأزرق التي خاضها لبنان بعد الانسحاب الإسرائيلي في العام 2000، فإن على الجانب الآخر عن أن تخفيف التوتر على الحدود البرية اللبنانية- الإسرائيلية، بعدما انتهى التوتر البحري مع إنجاز الترسيم في 27 أكتوبر الماضي، هو ما يبحث عنه هوكشتاين والإدارة الأمريكية.
وما بين المشهدين، فإن ثمة تساؤلات تطرح، ومفادها: كيف سيتم «تسييل» هذا النشاط الدبلوماسي في الخانة اللبنانية؟ وهل تفرض هذه التطورات تسوية ما، لا تزال ملامحها غير واضحة، وتنتظر أيام الشهر الجاري وما بعد زيارة لودريان لبيروت، والمتوقعة بين 10 و12 من الجاري؟ علماً أن الأخير كان خير التناقضات اللبنانية بين أمرين: إما الانخراط في ما سماه «حوار الفرصة الأخيرة» لكسر جدار التعطيل، وإما أن يدخل لبنان مدار التخلي الدولي عنه، وتركه متخبطاً في أزمة لا نهاية لها، ومفتوحة على سيناريوهات كارثية.