حديقة الفكاهة
يتمتع ظرفاء العرب بروح المرح والفكاهة ، ويتميزون بالفطنة والنباهة ويتحايلون على همومهم بالملح والدعابة
.. وقد أجمع معظم علماء النفس على ضرورة الفكاهة والابتسام للتغلّب على المشكلات والمعاناة .
وقد تعددت كتب الفكاهة فجمعت أخبار الحمقى ، البخلاء ، جحا ، أشعب ، وظرفاء العرب .
وفى غلاف أحد الكتب يقول المؤلّف هذين البيتين :
إليك كتابا ما سمعت بمثله
ولا جمعت ما قد حواه الصحائف
فمن شاء لطفا يلق فيه لطائفا
ومن يبتغى ظرفا ففيه الظرائف
ومن هذه الحديقة أقطف لكم فى كل مرّة زهرة
أحمد رامي هو بين هؤلاء الشعراء الظرفاء
وقد كان يوماً في لبنان فدعاه الشاعر أمين نخلة يوماً إلى الغداء قائلاً: إنه أعد له طعاماً ممتعاً، ولم يكن هذا سوى طبق ضفادع، لا يحب رامي مذاقها،
ويشاركه في النفور منها أهلنا في مصر
فلم يقرب رامي الطعام وقال:
دعاني إلى «أكلة» ممتعة *** وقال: سيطعمني ضفدعةْ
وكيف تكون الضفادع قوتاً *** ومرقدها الليل في منقعةْ
تبيت مع الطين مطمورة *** وتأكل أوضاره طيّعةْ
أبو نوّاس
دخل أحدهم على أبى نوّاس فوجد أمامه كومة من الأوراق فيها أشعار .. بعضها فى رثاء ( أم جعفر ) وبعضها فى رثاء ( جارية أبى زيد ) .. وبعضها فى رثاء رجال آخرين ونساء لا يعرفهم ، الا أنه يعرف أنهم لم يموتوا بعد ، فأصابته دهشة ، فقال له :
ويحك يا أبا نوّاس .. ما هذا ؟ ! انهم لم يموتوا بعد !
فقال له : يا أخى .. تحدث الحوادث ، وينفذ قضاء الله ، ويموت الناس فجأة ، ويطالبوننا بأن نقول شيئا فى رثائهم ويستعجلوننا ، ولا يجدر بنا أن نقول غير الجيّد من الكلام
فلذلك نحن نستعد من الآن ، ونعد لهم الأشعار ، حتّى اذا ما حدث الحادث ، ومات الميّت أظهرنا ما قلناه فيه قديما فيبدو كأنه قيل حديثا !
الشاعر المصري الإمام العبد، اشتهر بسرعة خاطره ولباقة نكاته.
وكان له صديق يدّعى الشعر اسمه محمود يمازحه أحيانا ويبالغ في المزاح حتى حدود الوقاحة أحيانا.
في إحدى السهرات العائلية قال هذا للشاعر الإمام العبد:
كلما رأيتك تذكرت قصيدة المتنبي والبيت الرائع فيها:
لا تشتر العبد إلا والعصا معه *** إن العبيد لأنجاس مناكيد
أجاب الشاعر, لكن هذا البيت في القصيدة عينها أشد روعة وهو:
ما كنت أحسبني أحيا إلى زمن *** يسيئني فيه كلب وهو محمود