_كــتــب أحدهم مـقالـة بعنوان "مشكلتنا سرير بروكرست " جــاء فيها :-
( كـان "بروكرست " في الميثولوجيا اليونانيه ، حدادا وقاطع طريق يعيش في مدينة تسمى " أتيكا " ، و كانت له طريقه خاصه جداً في التعامل مع ضحاياه!! .
فقد كان يستدرج ضحيته و يُضيّفه و يُكرِمه على اتم صورة ، و بعد العشاء يدعوه الى قضاء الليل على سريره الحديدي الشخصي !! ، إنه سريرٌ لا مثيل له بين الأَسِرَّة إذ كان يتميز بميزةٍ عجيبه .. هيَ ان طوله يلائم دائماً مقاسَ النائم أيّاً كان ، غير ان "بروكرست" لم يكن يتطوع بتفسير كيف يتأتَّى لسريره ان يكون على مقاس الجميع على اختلاف اطوالهم ، حتى اذا ما اضطجع الضحيةُ على السرير بدأ " بروكرست" عمله ، فجعلَ يربطه بإحكامٍ و يشدُّ رجليه ان كان قصيراً ليمطهما الى الحافة !! ، او يبترهما بَتراً ان كان طويلا ليَفصِل منها ماتجاوز المضجع ، حتى ينطبق تماماً مع طول السرير !!
و ظل هذا دأبه الى ان لَقيَ جزاءه العَدل حسب ما تذكر الميثولوجيا اليونانية على يد البطل الإغريقي "ثيسيوس " الذي اخضعه لنفس المَثُلة ، فأضجعه على السرير ذاته و قطع رقبته لينسجم مع طول سريره !! .
وبذلك تشير مغالطة ( سرير بروكرُست ) الى ايّة نزعة الى ( فرض القوالب ) على الاشياء او الاشخاص او النصوص او لَيّ الحقائق و تشويه المعطيات و تلفيق البيانات لكي تنسجم قسرا مع مخطط ذهني مسبق . انه القولبة الجبرية و التطابق المُعتَسف و الانسجام المُبيَّت الذي لايمرر الاعلى الجهلة والمغفلين وما اكثرهم !! .
ويبدو أن في عقلية الكثيرين اليوم يوجد (“بروكرست” وسريره) ، حيث أنهم لا يتقبلون سوى من يتوافق وأهوائهم بالضبط ، وينبذون ويقمعون كل من يختلف معهم بالرأي . ففي ثقافتهم فقط يتحول اختلاف الرأي الى عراك كلامي مشحون بالانفعال الذي يقود إلى التعصب و التشنّج عن طريق النقد اللاذع أو التهجم على صاحب الرأي والحط من وجهة نظره وتسفيه أقواله والإساءة إليه ، إذ يعتقدون أنهم يجب أن يسحقوا جميع من يخالفهم الرأي حتى لا يبقى غير صوتهم الوحيد !!
فنحن حين نقتنع بأننا لسنا محور الكون وبأن هناك أناس ربما يختلفون معنا فكرياً لكن ما نراه اليوم صواباً ربما نغير قناعتنا به مستقبلاً ، وبأن رأينا صواب يحتمل الخطأ ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب ، حينها نكون قد وضعنا أقدامنا على بداية الطريق الصحيح ، ولا يمكن لأمة أن تتطور وتتقدم بعقول متزمتة تسلطية أحادية القطب والاتجاه ).
والامثله كثيرة اليوم في واقعنا منها ……!!!!
.