(بنية الكون)---- سلوك عجيب وكون من نوع آخر.
مقال(1)
خلف ما نعرفه عن السلوك الذي يتصرف به الكون أمامنا وخلف مجريات الأحداث اليومية وخلف البديهيات التي نعرفها ؛؛-"يقف عالم مذهل" ، حيث معظم ما نتصوره عن الكون يصبح خاطئاً، "وكل شيء نقول عنه انه حقيقي نتفاجئ بانه مصنوع ومبني من أشياء لا يمكن أن نقول عنها أنها حقيقية".
هذا العالم الأ كثر إثارة وغرابة هو عالم الذرات وما دونها من الجسيمات الذرية، فهناك لا تنطبق قوانين الفيزياء التقليدية الكلاسيكية، ولا تتوافق البديهيات التي ندركها ونعرفها، مع هذا العالم العجيب-عالم الذرات وما دونها-، الشيء الأكثر أدهاشا والأكثر إذهالا أن هذا العالم هو البنية الأساسية لبناء الكون وكل ما حولنا في الوجود ولكن في حين تسلك الأجسام في النطاق المحسوس المدرك سلوكا مألوفا لنا ، تسلك بنيتها سلوكا غير مألوف وعجيب وفي نظام آخر ، وكأنهما حكومتين تحكمان بلد واحد وفي نفس الوقت والمكان بدون أي تعارض،،
منذ ما يقرب مئة عام قدمت الفيزياء الكلاسيكية معظم التفسيرات لسلوك الطبيعة والقوانين الفيزيائية التي تحكم العالم المدرك من الكون حولنا على الأرض؛ بل وجهوا مجساتهم لمعرفة حتى القوانين التي تحكم حركة الكواكب والنجوم . لقد أجابت الفيزياء على معظم التساؤلات ضمن المدرك من هذا الكون ، وقدمت تفسيرات في منتهى الأناقة والدقة لمعظم الظواهر الطبيعية حولنا، الحركة الجاذبية السرعة الشغل ..... الى كل ما نعرفه عن الأجسام في العالم المدرك حولنا، بل حتى حركة الكواكب والنجوم، حتى ضن بعض علماء الفيزياء منذ ما قبل مئة عام من الآن ، أن الفيزياء قد استطاعت تفسير كل الظواهر الطبيعية من حولنا ، لكن في ذلك الوقت اتجه فريق من العلماء للنظر إلى ماهو أصغر وأصغر من الكون ، وبدلاً من توجيه المجسات نحو أكبر الأجرام وأكبر المسافات في هذا الكون توجهو للبحث عن ماهو أصغر وأصغر في هذا الكون، ليس صغيرا كما نتصور بالمعنى الحسي لمشاهداتنا اليومية،، بل بالغ في الصغر، الى بنية الكون الأساسية ،، بنية المادة والطاقة ، الى عالم الذرات والجسيمات الذرية ، العالم الذي يبنى منه الكون لكن المفاجئ ان معظم ما نعرفه وما قدمته الفيزياء التقليدية الكلاسيكية لا يتوافق مع سلوك هذا العالم عالم الذرات والجسيمات الذرية، فكل ما كنا نتصوره عن الكون اصبح خاطئا ،،
بل ان كل ما قدمته الفيزياء ليس الا مجرد خدش بسيط في قشرة المعرفة عن الكون وقوانينه ،، ولا تزال كل يوم تظهر مفاجئة علمية جديدة ،، واذا بنا نقف على ثورة علمية وابتكارات لا حد لقدراتها ، ولا نعرف نهايتها ، كما اصبحنا ندرك ، اننا حتى الآن لم نقم بالاستفادة من الطبيعة حولنا بالشكل الكافي ،وانه لا يزال ينقصنا الكثير من التقنيات للاستفادة منها، ولا يزال امامنا الكثير والكثير من الامور التي لم نعرفها بعد،، او نعرفها لكننا لا نستطيع الاستفادة منها حتى الآن ولو ان العالم كل يوم يقدم ابتكارا جديدا،، الا ان العلم اصبح على يقين بأن هناك ابتكارات وابتكارات ، فوق ما نتخيله لا تزال امامنا ، لقد كانت محاولات تفسير سلوك الضوء احد الأبواب التي ادخلت الفيزياء نحو هذا العالم ، بل وانتجت وقدمت للبشر معظم التكنولوجيات الذكية، التي غيرت وجه العالم الحالي بفضل تساؤلات أولئك العلماء وجهودهم،
لقد كانت التفسيرات السائدة لفهم الضوء هي تفسيرات نيوتن بان الضوء هو جسيمات صغيرة تسمى الفوتونات ، لانها تسير في خطوط مستقيمة تنعكس عند اصطدامها في الاسطح انعكاسا مرنا ، وفق زوايا سقوطها على السطوح فترتد عن الاسطح المصقولة كالمراياء بزوايا متطابقة في الاتجاة ، ولذلك نرى صورنا على الاسطح المصقولة ، لكنا تنعكس بانعكاسات مشتته عند سقوطها على سطوح غير مصقولة بسبب انها ترتد في اتجاهات عده على حسب شكل ووضع مكان سقوط كل فوتون على تلك الأجسام،، تماما كارتداد كرات مطاطية مرنه.
لقد سيطرت فكرة نيوتن عن الضوء لفترة من الزمن ، برغم ضهور تفسيرات اخرى في نفس عصر نيوتن وهي أن الضوء ربما يكون موجات ولكن كان العالم اسحق نيوتن ذائع الصيت وطريقة طرحه للفكرة مقبول ، وبالمقابل كان طرح الفكرة من قبل الآخرين بطريقة أقل قبولا ، إلى أن أتى العالم يونج بتجربة ثورية وفريدة من نوعها رغم بساطتها،، الا أنها تعد من أشهر التجارب في تاريخ علم الفيزياء ،، وهي تجربة الشق المزدوج، تقول التجربة، ماذا لو جعلنا الضوء يمر من خلال شقين طوليين متقاربين ثم وضع سطح حائل خلف الشقين، المفترض إذا كان الضوء جسيمات ان نجد خطين مضيئين خلف الشقين ، لكن هذا لا يحدث ، بل سترى مجموعة من الخطوط المضيئة تفصلها عدد من الخطوط المظلمة، ماذا نستنتج الآن نستنتج أن الضوء هو موجات، لانه لو قمنا بنفس التجربة في حوض ماء وقمنا بقسم الحوض الى قسمين بواسطة حاجز ، ثم قمنا بعمل شقين في الحاجز، ثم قمنا باحداث موجة ماء ستتجه الموجة نحو الشقين وعند خروجها الى القسم الآخر من الحوض، تخرج موجتين واحدة من شق وأخرى من الشق الآخر ، ثم تتداخل الموجتين ، بحيث اذا تصادف قمة موجة مع قمة موجة أخرى يصنعان موجة أكبر ، وحين يتصادف قاع موجة مع قمة موجة يلغيان بعضهما وبذلك نرى في الطرف الاخر عدد من قمم الموجات التي تفصلها مساحات مستوية من السائل تماما كما حدث مع الضوء ، اذن الضوء موجات لقد تم حسم النتيجة لصالح لتفسير الموجي ، وسقطت لفترة معينة فكرة الفوتونات. في عام 1900 عندما كان العلماء يبحثون عن صيغة رياضية انطلاقا من المفاهيم التقليدية للفيزياء تعبر عن المنحنى التجريبي لطيف الجسم الأسود ، فشلوا لكن العالم ماكس بلانك اقترح فكرة ثورية ، كانت انعطافا مهما في علم الفيزياء وثورة في الافكار بحيث ارتبط بها كل تطور لاحق في الفيزياء بشكل أو بآخر ، وهو تكميم طاقة الأشعاع ،، وضهر علم جديد لم يغير فقط النظريات الفيزيائية بل وحتى غير وجه العالم وضهرت بفضله التكنولوجيا الذكية ومعظم التطورات في الاجهزة الألكترونية،
هذا العلم هو -(( ميكانيكا الكم))- الذي يشكل مع النسبية وجه ما يسمى بالفيزياء الحديثة، لن نناقش هنا ما هو أشعاع الجسم الأسود كي لا يطول المقال أكثر، لكننا سنذكر أهم ما توصل اليه العالم ماكس بلانك، وهو أن الطاقة الإشعاعية لا تنبعث بشكل متصل بل عبارة عن زخات أو كمات من الطاقة، ونجح بلانك بوضع صيغة رياضية تعبر عن طيف الجسم الأسود في حين فشل الأخرين، ثم قام عدد كبير من العلماء بالقيام بعدد كبير من التجارب نجحت فيها فكرة بلانك وصيغته الرياضية نجاحا كبيرا،،
في العام 1913 أعلن العالم نيلز بور تفسيرا لاطياف العناصر، وقدم فكرة نجحت بشكل كبير ، لقد تبنى فكرة رذرفورد عن الذرة النووية، مع فكرة بلانك لتكميم الطاقة، وقدم التفسيرات بتجارب عملية ومعادلات رياضية لتفسير الإشعاع، فكرة بور بشكل مختصر أن الإلكترونات تحيط بالنواه في مستويات طاقة ، عندما يكتسب الألكترون طاقة فانه يقفز الى مستوى طاقة أعلى ما يلبث ان يفقدها ليعود الى وضعه الأول ، ويطلق فوتون ضوئي.
لقد نجح تفسير بور الا انه كانت تنقصه بعض التعديلات، التي أضافها العالم -سيمرفيلد- وبعد تعديلات سيمرفيلد نجح النموذج نجاحا كبيرا في تفسير عدد كبير من التجارب واستفاد منه الكثير من العلماء في ما بعد في تطوير علم الفيزياء بشكل أو بآخر، فقد قدم العالم البرت اينشتاين تفسيرا للظاهرة الكهروضوئية، وحصل على جائزة نوبل بسبب هذا التفسير للظاهرة الكهروضوئية، وقدم تفسيرها بفضل فكرة بلانك الثورية لتكميم الطاقة ، وعلى نفس خطا علم --(ميكانيكا الكم)-- ،، إضافة لنموذج بور، ففي الظاهرة الكهروضوئية ، تنبعث الإلكترونات من اسطح بعض المواد عند سقوط الضوء عليها،، لكن ليس أي ضوء وإنما ضوء بترددات معينة وذو أطوال موجية معينة،، فلو اسقطنا ضوء وقمنا بعمل مرشحات ضوئية بحيث لا يسقط الا ضوء ذو تردد اقل كان يكون ضوء أحمر أو اصفر، لا تتحرك الإلكترونات ولا يسير تيار كهربائي، حتى لو قمنا بزيادة شدة الضوء ووقت استمرار سقوطه، ولكن عند سقوط الضوء بتردد أعلى يسري التيار الكهربائي فورا لحظة سقوط الضوء،، ما تفسير ذلك،، كان التفسير أن الضوء يحوي رزما او كمات صغيرة من الطاقة بشكل متقطع وليس متصلا، وعندما يصطدم الفوتون بأحد الإلكترونات فهو يعمل على تحريره وانتزاعه من الذرة، لكن ليس أي فوتون،فقط عندما تكون طاقة الفوتون مساوية للتردد الحرج والا فلن تكفي لانتزاع الإلكترونات، لنقم بتجربة بسيطة لفهم هذا ، لنحضر علب من الفاصوليا مثلا، ونضعها على طاولة،، ونقوم باحضار كرات بلاستيكيه خفيفة جدا، وبالمقابل نحضر كرات معدنية ثقيلة، فلو قمنا برمي العلب بالكرات البلاستيكية، لن تتحرك العلب من فوق الطاولة مهما رمينا عليها من كرات،، لكن عند رمي الكرات المعدنية الثقيلة سنقوم بتحريك علب الفاصوليا من مكانها، تماما كما حدث في سقوط فوتونات الضوء، فكلما كانت الفوتونات اقل طاقة وتردد لن تتحرك الإلكترونات، وعندما يكون التردد عالي استطعنا انتزاع الإلكترونات، ---مهلا --مهلا-- اليس هذا تفسير نيوتن الذي الغيناها سابقا لصالح التفسير الموجي في تجربة الشق المزدوج،، لكننا الآن نعود اليه ونقول بان الضوء جسيمات، تدعى فوتونات وانها تتصادم مع الالكترونات، اليس الضوء جسيما الآن،،، فهل الضوء جسيمات او موجة ، في الحقيقة ان المفاجئة الكبيرة هي ان الضوء جسيم وموجة ، وهنا ضهرت فكرة ازدواجية جسيم-موجة،، فالضوء يتصرف كجسيم ويتصرف كموجة ايضا،، لكن ما هي الموجة، عندما نقول موجة الماء فهي الإضطراب الذي يحصل في الماء وليس الماء نفسه، وعندما نقول موجة صوت فهي الإضطراب الذي يحصل للهواء وليس الهواء نفسه، فالهواء والماء جسيمات ،، والاضطراب هو موجة ،، لكن الضوء هو الاضطراب الذي يحصل لماذا ؟؟؟؟لا أحد يعرف حتى الآن، اضطراب وفقط..
اذن الضوء هل هو موجات او جسيمات،، هو الاثنين معا موجة وجسيم،، اليس هذا غريبا ،،، لا تستغرب هناك ماهو اكثر غرابة من هذا،،، الألكترون البروتون ما نكاد نكون على يقين أنها جسيمات لانها المكون الأساسي للاجسام،، لكن الغريب اذا قمنا بقذف الألكترونات عبر شقين خلفهما شاشة حساسة للالكترونات، فان المتوقع أن نرى بقعتين لسقوط الألكترونات على الشاشة مقابل الشقين لكن هذا لا يحدث بل نتفاجئ أن هناك مجموعة خطوط من الألكترونات على الشاشة،، حتى إن قمنا برمي الكترون الكترون واحدا بعد الآخر،،، ماذا هل الألكترون موجة أيضا،، نعم هو يتصرف كالضوء ، مرات كموجة ومرات كجسيم،، البرتونات أيضا، النيوترونات، بل كل الجسيمات الذرية،، ماذا عنا نحن، انا وانت ،، ماذا عن كل الأجسام حولنا هل هي موجة او اجسام،، في الواقع هي اجسام لكن المذهل والمثير للغرابة اننا نحن وكل الأجسام في الكون مكونين من هذا الجسيمات،، السنا مكونين من ذرات ،، ومن هذه الجسيمات الغريبة،،، الم نقل في البداية كل شيء حقيقي نتفاجئ بانه مصنوع من اشياء لا يمكن أن نقول عنها أنها حقيقية،،
كل ماذكرنا ليس شيء من عالم الغرابة في الجسيمات الذرية ،، بل هناك ماهو اشد غرابة واكثر اذهالا لكننا سنتوقف الان هنا ، وسوف نكمل في مقال آخر،،
تحياتي
بقلم /
أ/محسن عزالدين البكري