أم ضياء، 63 عاما، تسكن في بيت متواضع في ناحية الدغارة، (20 كم شمال الديوانية)، أصبحت ملاذا لنساء وشابات يأتين من مختلف المحافظات العراقية، لتخلصهن من آلام مستدامة في الرأس والرقبة والظهر عن طريق الحجامة.
وتشخص أم ضياء، في حديث لـ "السومرية نيوز" من خلال ممارستها لهذه "الهواية" ازدياد عدد الشابات اللواتي يصبن بداء الشقيقة خلال السنوات الأخيرة، وتقول "في السنوات الثلاث الأخيرة ازدادت نسبة الشابات اللواتي يراجعنني وهن يشكين من ألم مستدام في الرأس، بسبب الشقيقة، رغم صغر أعمارهن". وتضيف أن "أغلبهن لم يتزوجن بعد".
وترى أم ضياء أن أسباب زيادة الإصابة بالشقيقة، تعود إلى "الضغوط الاجتماعية والظروف الاقتصادية التي تمر بها الشابة في العراق".
وفي الغرفة التي تمارس فيها أم ضياء الحجامة، وهي بطول 3 أمتار وعرض نحو مترين ونصف، وعلقت على جدرانها بعض الآيات القرآنية، كان هناك عدد من النساء والشابات اللواتي حضرن لتحجم لهن أم ضياء، بينهن شابة تبلغ من العمر 20 عاما وتعاني من صداع دائم.
بدأت أم ضياء في عملية الحجامة في منطقتين من الظهر، فيما الشابة العشرينية، بدت مستسلمة جدا، لما تفعله أم ضياء في جسدها، وتقول "لا أشعر بأي ألم، وقد جربت الحجامة قبل أربعة أشهر وشعرت بارتياح كبير، لكن الألم هاجمني مجددا ما جعلني أعود إلى الحجامة"، مؤكدة أن"أم ضياء شخصت مرضي وعالجتني فيما فشل الأطباء بذلك".
وتقول أم ضياء إنها بدأت بممارسة الحجامة منذ عام 2003 كهواية، وتضيف أن"ولدي الذي كان يعيش في السعودية عاد إلى العراق في ذلك العام وكان قد تدرب على الحجامة وقام بتعليمي كل تفاصيل العملية".
وأضافت أن "الحجامة علاج ملائم لداء الشقيقة وانزلاق الفقرات والتليف وللتخلص من الدم الفاسد الموجود في الجسم ما يشعر الشخص بارتياح، فضلا عن أنها تقلل من حدوث الجلطة وانسداد الشرايين".
وتشير إلى أن "المراجعات يقمن بترك العلاج المحدد من الأطباء كشرط لإجراء الحجامة"، مؤكدة أنها تعقم الأدوات والكؤوس الزجاجية المستخدمة بمواد مطهرة ومعقمة بعد كل استخدام.
وتتحدث أم ضياء عن تعرضها لمواقف محرجة مختلفة، "كحالات الإغماء التي تتعرض لها بعض النساء نتيجة هبوط الضغط، أو إجراء الحجامة لنساء يعانين من الصرع ما يؤدي إلى انتشار الدم في مختلف أنحاء الغرفة"، لافتة إلى تمكنها "من علاج انسداد شرايين اليدين لأكثر من20 امرأة عن طريق الحجامة وتجنيبهن إجراء العمليات الجراحية".
وتقول أم ضياء، إن "النساء اللواتي يراجعنني من مختلف المحافظات العراقية كالمثنى والنجف وبابل وديالى وبغداد فضلا عن الديوانية".وتثق أم ضياء في أن شهرتها "ستصل مع الأيام إلى كل المحافظات" نتيجة نجاحها في عملها وزيادة خبرتها.
وتابعت أن "الحجامة لها طرقها وأسرارها وهي تتضمن مخاطر جمة، فلو حصل أي قطع لشريان أو وريد خلال العملية فسيؤدي إلى أضرار جسيمة ونزف قد لا يتوقف، فضلا عن أن هناك أياما معينة من الأسبوع لا نمارس فيها الحجامة لأنها منحوسة".
ورغم أنها تشير إلى أن "العديد من النساء اللواتي يراجعنني، ويفوق عددهن الثلاثين يوميا، من الطبيبات وزوجات المسؤولين، لكنني لا أفرق بين امرأة وأخرى في المعاملة لأن الجسد واحد، وكلهن بنات حواء". وتتابع أن "الأجور التي أتقاضاها رمزية، فالمهم إضفاء البسمة على وجه مريض وإنهاء معاناته".
وتعتبر الديوانية (180 كم جنوب بغداد) من المحافظات التي تنتشر فيها هذه المهن القديمة، لكن أغلب من يمارسونها رجال، وتعد أم ضياء هي المرأة الوحيدة التي دخلت هذا العالم.
رد مع اقتباس
