حمـــايــة الأمـــوال العــراقيــــة / القاضي كاظم عبد جاسم الزيدي
للمال العام أهمية كبيرة للدولة ومسؤولية الحفاظ عليه مسؤولية جميع أبناء المجتمع وينص الدستور العراقي الدائم لعام 2005 في المادة 27 بان
للاموال العامة حرمة وحمايتها واجب على كل مواطن وتنظم بقانون الاحكام الخاصة بحفظ أملاك الدولة وإدارتها وشروط التصرف فيها والحدود التي لايجوز فيها النزول عن شيء من هذه الأموال والمال وفقا للقانون العراقي ان كل شيء له قيمة مادية والأموال قد تكون أموالا منقولة أوغير منقولة وتملك الدولة العقارات والأموال للقيام بمهامها والقوانين العراقية النافذة تنص على حماية المال العام وقد نصت المادة 444/11 على عقوبة سرقة المال العام.واعتبرت السرقة الواقعة على المال العام ظرفا مشددا حيث إن السرقة الواقعة على مال مملوك للدولة أو احدى المؤسسات العامة أو احدى الشركات التي تساهم الدولة في مالها بنصيب معين تشدد فيه العقاب على الجاني وذلك لان هذا المال العام تعود ملكيته في الحقيقة الى الشعب وبذلك فان الجريمة تكون أكثر خطورة إن تعرضت إلى مصالح الشعب وتحدثت المادة 71 من القانون المدني العراقي عن الأموال العامة بقولها تعتبر أموالا عامة العقارات أو المنقولات التي للدولة أو للأشخاص المعنوية العامة والتي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى القانون فالمال يعتبر عاما إذا كان خاصا بالدولة أو احد أشخاص القانون العام كالمؤسسات العامة وان يكون تخصيص هذا المال للمنفعة العامة كالطرق والحدائق العامة والجسور والمحلات العامة والمستشفيات الحكومية والأنهار كما وتعتبر من الأموال العامة الأموال الحكومية العامة المنقولة كالنقود والأثاث والأموال العقارية كالمباني الحكومية المخصصة للمنفعة العامة وحرمة المال العام تأتي من كونه مخصصاً لمنفعة الشعب وان المسؤولية في الحفاظ على المال العام هي مسؤولية جميع المواطنين وقد عاقب المشرع العراقي في قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل على جرائم اختلاس المال العام والاستيلاء على المال العام والإضرار بمصلحة الدولة ان حماية الأموال العامة تتطلب العديد من الإجراءات الفعلية ومنها: أولا: تشريع قانون ينظم حماية المال العام وكيفية الحفاظ عليه وتفعيل المواد العقابية في قانون العقوبات المتعلقة بالحفاظ على المال العام وفقا للدستور العراقي حيث إن التشريعات التي تعالج حماية المال العام لازالت متشعبة في الكثير من القوانين وان الحاجة تدعو إلى إعادة النظر في تلك التشريعات بما يحقق الغرض من التشريع. ثانيا: رفع التجاوزات على المال العام ووضع آليات للحفاظ على المال العام وإلزام الوزارات والدوائر كافة بإجراء صيانة الموجودات من الأموال العامة وان لايتصرف شخص بأموال الدولة تصرفاً شخصياً كاستخدام السيارات العائدة لدوائر الدولة لنقل افراد عائلة الموظف خلافا للغرض المخصصة له وهو الاستخدام في المصلحة العامة والتأكيد على أهمية النفط باعتباره من أهم مصادر الطاقة التي يعتمد عليه الاقتصاد العراقي وتفعيل قانون مكافحة تهريب النفط ومشتقاته. ثالثا:متابعة الديون المترتبة بذمة الافراد والشركات والدول الخاصة بالدولة وتشجيع الافراد على دفعها عن طريق إلغاء الروتين وتسهيل إجراءات استيفاء الرسوم والضرائب لكونها تشكل إيرادا مهما للخزينة العامة وتفعيل قانون بيع وإيجار أموال الدولة واستحصال المبالغ من الغرامات واستثمار المال العام من العقارات والأراضي الزراعية عن طريق تفعيل قانون الاستثمار وقانون إيجار الأراضي الزراعية وإعادة النظر في القوانين النافذة التي تعالج الحماية القانونية للمال العام. رابعا: إلزام الدوائر القانونية لمتابعة القضايا القانونية المتعلقة بأموال الدولة، الأمر الذي يساعد في عدم تكبيد الدولة الخسائر نتيجة لعدم متابعتها من قبل الدوائر القانونية وإتباع طرق الطعن القانونية وضرورة إن يتم جرد الممتلكات العامة والتأكيد على الوزارات بان تكون مسؤولة عن متابعة الحقوق العائدة للدولة وتفعيل قانون التضمين لإلزام الافراد من تأدية الحقوق المالية للدولة ومنع العبث بالمال العام والتنسيق المشترك بين الوزارات لاستحصال الديون الحكومية وحقوق الدولة ومعاقبة الموظف الذي يهمل في الحفاظ على المال العام ويلحق ضررا بمصالح الجهة التي يعمل فيها وإلزامهم بأداء المبالغ للدولة. خامسا: تشكيل اللجان الخاصة بمتابعة الأموال العامة في الخارج ومتابعة حسم ملف التعويضات وغلق هذا الملف الشائك عن طريق التفاوض مع الدول ذات العلاقة ومتابعة الأرصدة العراقية في الخارج والأموال الأخرى من عقارات وأموال منقولة أخرى كالطائرات العراقية الموجودة في العديد من الدول وان تكون للوزارات ذات العلاقة مثل وزارة الخارجية والمالية والعدل والنقل وتنشيط القطاعات التي تساعد في تعزيز الأموال العامة كقطاع السياحة والآثار وان يكون لوزارة المالية دور في متابعة الأموال العامة باعتبارها الجهة ذات العلاقة في متابعة المال العام. سادسا: متابعة الأموال العامة للدوائر المنحلة من وزارات التصنيع العسكري والإعلام والجيش السابق والدوائر الأمنية الأخرى ومتابعة الأموال المسروقة من الدولة بعد عام 2003 واستعادة الأموال العامة المتجاوز عليها واتخاذ الإجراءات القانونية بحق من ينتهك المال العام. سابعا: إن يكون لوسائل الإعلام المختلفة الدور المهم والبارز في حماية المال العام وتشجيع منظمات المجتمع المدني على تشجيع المواطنين في الحفاظ على المال العام وصيانته وإشاعة ثقافة الحرص لدى المواطن بان يكون حريصا على الحفاظ على المال العام وان يمنع أي اعتداء عليه وتشجيع الجيل الجديد من الحفاظ على الأموال العامة وإدخال مفهوم المال العام والحفاظ عليه في المناهج الدراسية وإقامة المؤتمرات والندوات وورش العمل للتعريف بالمال العام وطرق الحفاظ عليه وصيانته ومنع هدر المال العام وتعزيز مفهوم قدسية المال العام. ثامنا: عدم جواز التنازل عن المال العام لأي سبب كان لان في المال العام حقاً لجميع افراد الشعب وعدم جواز التصرف بالمال العام خلافا للقانون أو هبته لأي سبب كان أو بدون بدل والتأكيد على احترام بنود الدستور في الحفاظ على المال العام.