لبنان ورحلة استكشاف النفط والغاز.. بداية انفراجة
وسط دوامة عبثية من الانتظار، وانشطار سياسي مقبل على الاتساع، نتيجة «الفراغ الرئاسي» المفتوح على مزيد من المجهول والغموض، برز للواجهة، مشهد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، ورئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، وهما يتفقدان «البلوك رقم 9» في المياه الإقليمية اللبنانية، حيث رست منصة الحفر والتنقيب عن النفط والغاز «ترانس أوشن» يوم 16 أغسطس الجاري، إيذاناً ببدء مرحلة الاستكشاف، قبل انطلاق مسار التنقيب في الدفعة البحرية المذكورة، المعروفة بـ«حقل قانا».
وفيما يشبه أول هبوط رسمي في المنطقة، انتقل ميقاتي وبري، برفقة وزراء ومسؤولين معنيين، إلى منصة التنقيب على الغاز «ترانس أوشن»، ومعهما وفد من شركة «توتال إينرجيز» الفرنسية، حيث تفقدا الاستعدادات اللوجستية الجارية، وصفها ميقاتي بـ«صفحة مضيئة في تاريخ لبنان»، بينما وضعها بري في إطار «البداية لإزاحة الأزمة الاقتصادية التي يعيشها لبنان وشعبه».
معطيات ومسار
غداة وصول عبارة الحفر والتنقيب، التي تبدأ رحلة الاستكشاف اليوم، أعلنت شركة «توتال إينرجيز»، المشغل للرقعة رقم 9 في المياه اللبنانية، مع حصة 35 %، إلى جانب شريكيها: «إيني» (35 %)، و«قطر للطاقة» (30 %)، انطلاق أنشطة الاستكشاف في لبنان، علماً بأن تقديرات «توتال إينرجيز» تفيد بأن الفترة المقدرة للتأكد من وجود غاز ونفط، وتقدير حجم المخزون، تمتد من شهرين ونصف الشهر إلى ثلاثة أشهر، فيما تجمع خلاصات مسح دولية للمنطقة، ودراسات الخبراء في المجال النفطي على اكتناز المنطقة لثروة ضخمة من الغاز الطبيعي، تتجاوز قيمتها 100 مليار دولار.
إلى ذلك، أشارت مصادر معنية لـ«البيان» إلى أن المنصة ستحفر في البئر الاستكشافية، لمعرفة ما إذا كان هناك غاز أم لا، في ضوء النتيجة يتبين ما هي البنى التحتية الضرورية الواجب توفيرها لاستخدام الغاز للتصدير أم للاستهلاك المحلي. ذلك أن «مرفأ بيروت» أصبح بمثابة مركز انطلاق القاعدة اللوجستية التي تحتوي على المعدات الضرورية للحفر، فيما مطار «بيروت» بات نقطة انطلاق العمال إلى موقع منصّة الحفر.
وفي الانتظار، يجدر التذكير بمسار اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، الذي كان بلغ محطته الرسمية النهائية في 27 أكتوبر 2022، بعدما رمت الولايات المتحدة بثقلها لإنجاح وساطتها، عبر كبير مستشاريها الاستراتيجيين في مجال الطاقة، عاموس هوكشتاين، وتمكنت، في لحظة تقاطع مصالح نادرة، واستثنائية، من إحداث الاختراق الكبير، في حدث شهده مقر قوات الطوارئ الدولية العاملة جنوبي لبنان «اليونيفيل».
وبهذا المسار، أنهى لبنان تفاوضاً مع إسرائيل، عبر الوساطة الأمريكية، وبرعاية أممية، بدأه منذ نحو 10 سنوات. ذلك أن المشهد في الناقورة، يومها، كان بمثابة محطة استثنائية في تاريخ لبنان، فيما «قطف» الوسيط الأمريكي ثمار وساطته بين بيروت وتل أبيب، في نجاح لأول وسيط بين العاصمتين منذ عام 1982.
يشار إلى أن اتفاقية الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل، كانت قد «أبحرت» بين خطوط الطول والعرض، إلى أن رست بنودها على اتفاق الطرفين على إنشاء خط حدودي بحري، على أن ينطلق الترسيم من الحدود البحرية الواقعة على الجانب المواجه للبر، دون المساس بوضع الحدود البرية.