دبي وجهة الشركات العالمية من أمريكا وأوروبا والهند والصين


المصدر: دبي - البيان

في أحدث تقرير لها بعنوان "سوق العقارات المكتبية في دقائق" في دبي للربع الثاني من عام 2023، كشفت "سَفِلز"، الشركة المتخصصة في مجال الاستشارات العقارية، أن سوق المكاتب في الإمارة، شهد زيادةً ملحوظةً في الطلب على المساحات المكتبية العالية الجودة خلال الربع الثاني من العام الجاري. ولوحظ ارتفاع الطلب على هذه الفئة من المكاتب من قبل البنوك وشركات الخدمات المالية وقطاعات التكنولوجيا والإعلام والاتصالات. وتمكنت الإمارة أيضاً من استقطاب شركات جديدة، وتحديداً من الولايات المتحدة وأوروبا، ما يدل على تزايد الطلب على المساحات المكتبية. وعلاوة على ذلك، تُقبل شركات آسيوية، وتحديداً من الهند والصين، على تأسيس مقرات لها في دبي.
وسلَّط التقرير الضوء أيضاً على عادات العمل الجديدة التي تبلورت خلال العامين الماضيين جراء تداعيات جائحة كورونا، والتي ربما تركت تأثيراً دائماً. فعلى سبيل المثال، قال 56% من الموظفين بدوام كامل في الولايات المتحدة، أي ما يقرب من 70 مليون شخص، أنهم يستطيعون القيام بعملهم عن بُعد، في حين يعمل 51% و42% عن بعد ليوم واحد على الأقل في الأسبوع في كل من ألمانيا والمملكة المتحدة على التوالي.

الترتيب العالمي والقيم الرئيسية للمساحات المكتبية
أدت هذه الزيادة الفصلية في قيم الإيجارات بدبي إلى الارتقاء بمكانتها لتحل في المرتبة الثامنة في التسلسل الهرمي العالمي لأسواق العقارات المكتبية الرئيسية الأغلى عالمياً، وفق ما يظهره أحدث تقرير أصدرته سَفِلز عن تكاليف الإيجارات الرئيسية للمكاتب. وبعد أن سجل صافي متوسط التكلفة الفعالة 120.72 دولاراً أمريكياً للقدم المربع للمساحة المكتبية الرئيسية، تمكنت دبي من التفوق بنجاح على عدد من المدن، مثل باريس (119.85 دولار) وشنغهاي (116.63 دولار) ودلهي (112.22 دولار).
الفئة الأولى
وأوضح تقرير "سَفِلز" أن ارتفاع الطلب على المساحات المكتبية العالية الجودة في دبي، لا يتوافق الأمر ذاته مع أداء العقارات المكتبية العالمي، وفق ما أظهره "مؤشر سَفِلز للتوافر المستقبلي للمكاتب" لتحليل أسواق العقارات المكتبية من الفئة الأولى بهدف فهم تأثيرات الاتجاهات الكلية الحالية بشكل أفضل، بما في ذلك التكلفة ووفرة المكاتب من الدرجة الأولى والمشاريع المستقبلية واتجاهات العمل المختلطة (القائمة على الدوام الفعلي وعند بعد) واحتياجات المكاتب في المستقبل.
وقال سوابنيل بيلاي، المدير المساعد للأبحاث في سَفِلز الشرق الأوسط: "عندما نقارن آليات أداء العقارات المكتبية في الشرق الأوسط وفي دبي تحديداً ببقية أنحاء العالم، من الجليّ أن الوضع مختلف تماماً. وكانت دبي واحدة من المدن القليلة جداً على مستوى العالم التي استأنفت العمل كالمعتاد بعد فترة قصيرة نسبياً من عمليات الإغلاق ومنذ ذلك الحين، تواصل ازدهار وتوسع سوق العقارات المكتبية في الإمارة".
وأضاف: "هناك سمة أخرى تمتاز بها دبي عند مقارنتها بنظيراتها من مدن أمريكا الشمالية وأوروبا، وهي أن خيارات العمل من المنزل لفترات طويلة لم تكن سائدة على نطاق واسع. وركزت الشركات في المدينة بشكل أكبرعلى نماذج العمل الهجين حال رفع قيود الإغلاق".
الشركات الجديدة تثبت وجودها
أوضحت بولا والش، مديرة شؤون خدمات المعاملات في سَفِلز الشرق الأوسط: " كان هناك تدفق ملحوظ للشركات الجديدة التي أنشأت مكاتبها الإقليمية في دبي خلال الستة الأشهر الماضية، مما يؤكد بوضوح الحاجة المتزايدة إلى مساحات مكتبية داخل المدينة".
وكانت الزيادة في نشاط التأجير مدفوعة بشكل رئيسي بموجة إقبال تصدرتها شركات أمريكية وأوروبية مرموقة، ما أدى إلى ارتفاع حصة معاملات تأجير المكاتب إلى 72% في الربع الثاني 2023، مقارنةً بنسبة 55% التي سُجلت في الربع الأول من 2023. وأضافت بولا أن العديد من شركات الخدمات المالية الرائدة، مثل "أليانس بيرنشتاين" Alliance Bernstein و "غولدن تري لإدارة الأصول" GoldenTree Asset Management و "فيرتيون" Verition من الولايات المتحدة و "سانت جيمس بليس" St. James’s Place من المملكة المتحدة قامت بافتتاح مكاتب لها في دبي خلال الفترة المشمولة بالتقرير. وعلى صعيد مماثل، أسهم التدفق التدريجي للشركات الآسيوية، ولاسيما من الهند والصين، في تعزيز هذا المشهد النشط.
التحول الاستراتيجي
الشركات المستأجرة في المدينة بدورها، في طريقها إلى تبني نظرة إستراتيجية موسعة نحو احتياجاتها واستغلالها للمساحات المكتبية. إذ قامت العديد من الشركات بإعادة تقييم المساحات المثالية المناسبة لها، وهو توجه تم تبنيه بسبب ظهور نماذج العمل الهجينة في بداية العام. وبما أن بعض الشركات تتطلب الآن مساحة فعلية أقل بسبب خيارات العمل المرنة، فكر العديد من القائمين عليها بتقليل المساحة الإجمالية لمكاتبهم. ومع ذلك، ظهر اتجاه حديث، إذ يميل البعض من الشركات بالاحتفاظ بمساحاتها المكتبية الحالية أو البحث عن مساحات أصغر مقارنة بخططها الأولية. ويُعزى هذا التحول في النهج إلى عوامل مختلفة، ومنها توفير التكاليف المرتبطة بالتخلي عن مساحة إضافية، ومحدودية توافر مشاريع من الفئة الأولى، وبالتالي تقلص مستوى العرض المقبل. وعلاوة على ذلك، كان النمو الاقتصادي المتوقع والفرص السانحة في الشرق الأوسط بمثابة حوافز أخرى تدفع الشركات متعددة الجنسيات إلى تبني استراتيجيات متميزة عند التفكير باستئجار مكاتب إقليمية، وعلى نحو يغاير استراتيجيتها العالمية الأوسع.

التركيز على الأسواق الصغيرة
تركزت أنشطة التأجير على جميع مشاريع الفئة الأولى داخل المدينة، كما ازدهرت أسواق صغيرة محددة، مثل مركز دبي المالي العالمي بشكل خاص بفعل إصدار التراخيص التجارية الحصرية من قبل سُلطة المنطقة الحرة. ونتيجة لذلك، أدى ارتفاع الطلب إلى زيادة قيم الإيجارات في معظم الأسواق. وشهدت أسعار الإيجارات داخل مركز دبي المالي العالمي زيادة بنسبة 15% على أساس سنوي، في حين شهدت مناطق "وان سنترال" والخليج التجاري وأبراج بحيرات جميرا في المتوسط ارتفاعات أكبر بنسبة 27% و39% تقريباً و23% على التوالي مقارنة بالربع الثاني من العام 2022.