بعد أن غيّرت جائحة كورونا نمط حياتنا.. الأشكال المنحنية أحدث صيحات الديكور
انتقاء أريكة منحنية يهيمن أي لون حيادي عليها مع الطاولات والمقاعد منحنية أو مستقيمة الأشكال (بيكسلز)
تعود القطع المنحوتة ذات الأشكال المنحنية والأطراف البارزة، والتي شهدت ذروة الشهرة والانتشار في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، وشكلت عنصراً من عناصر الحركة الحديثة في الديكور خلال منتصف القرن الفائت.
فبعد انقطاع طويل عن الأضواء، نراها الآن تتسلل إلى عالم التصميم ببطء ولكن بثبات. فها هي هذا الموسم تفرض سيطرتها فتشكل إعادة ظهور الأشكال النحتية توازناً جميلاً بين الطاقات المختلفة الموجودة في مساحات المنزل، بحيث يمكن تنسيقها بأناقة مع الأثاث العصري لتكمل الصورة الراقية لزوايا المنزل.
حضور الأشكال المنحنية لا يقتصر على قطع المفروشات بل تدخل في تصميم الأسقف من خلال الأعمال الجبسية
الأطراف المنحنية موضة جديدة
توضح مصممة الديكور اللبنانية نور سلامة أن الأثاث وقطع الديكور ذات الأطراف المنحنية هي من الصيحات التي برزت السنوات الأخيرة، وترافقنا أيضاً وهذه الصيحة تناسب النساء اللواتي يتمتعن بستايل (أسلوب) عصري ويبحثن عن طرق لعكس هذا الأسلوب في المنزل بطريقة بسيطة ومبتكرة في الوقت عينه.
فهي تشرح بأن الخطوط المنحنية ليست حكراً على المساحات الحديثة والمعاصرة، بل تبرز في كل الطرز، حتى الكلاسيكية منها، حيث تتجلى في الأقواس وواجهات المباني الخارجية. وتلفت إلى أن "الخطوط المنحنية داخل المنزل تبدو جذابة وترحيبية، وتجعل النظر إليها يطول، بعيداً عن الضوابط والقيود، كما تلفت الانتباه إلى نقطة محورية أو ميزة معينة في الفراغ".
ومن ناحية المفروشات، هناك الأريكة منحنية الشكل "أريكة الهلال" (crescent sofa) أو "أريكة المحادثة" (conversation sofa) لأنها تعزز التواصل بين الجالسين، بالإضافة إلى الكراسي المزودة بقواعد دائرية، وتلك التي تمثل قطعًا عملية، بالمقارنة مع العادية منها، لا سيما حين يتوزع زوجان مائلان من الكراسي، في إطار الوصل بين مساحتين.
وتبين أنه يمكن، في المساحة الواحدة، دمج القطع ذات الخطوط المنحنية بالقطع مستقيمة الأشكال، بغية تحقيق التوازن البصري في المساحة. علماً بأن المنحنيات تعكس الذوق الأنثوي والنعومة، بخلاف الأشكال المستقيمة التي تفرض الجدية والصرامة والحدة. ولتحقيق التوازن في الديكور، يمكن انتقاء أريكة منحنية يهيمن أي لون حيادي عليها، مع الطاولات والمقاعد مستقيمة الأشكال.
الكراسي المزودة بقواعد دائرية تمثّل قطعًا عملية بالمقارنة مع العادية منها
قطع فنية ووظيفية
وتقول مصممة الديكور إن الغرفة الضيقة تستوعب حضور الأثاث المنحني، عند اختيار قطعه بالتناسب مع حجم المساحة، ولإظهار قطعة المفروشات منحنية الشكل من كل جوانبها، بعيداً من جعلها تتكئ إلى الجدار، بل ترتب في مكان وسط الفراغ المعماري. وتصف المفروشات ذات الأشكال المنحنية بـ "القطع الفنية والوظيفية، في آن واحد، تضيف البهجة والحيوية إلى الفراغ".
كما تؤكد أن حضور الأشكال المنحنية لا يقتصر على قطع المفروشات، بل إنها تدخل في تصميم الأسقف من خلال الأعمال الجبسية (الجصية) مع الإشارة إلى أنه في العصور القديمة كانت معظم الأشكال المعمارية عبارة عن أقواس وقبب. كما تم تصميم طاولات "الكونسول" وفق أشكال منحنية.
أضف إلى ذلك قطع السجاد المزينة برسومات وخطوط مائلة تعكس هذا الاتجاه، كما تصمم الأسرّة بصورة تبدو جوانبها مائلة، مع إبراز ذلك عن طريق البعد عن اختيار مفرش يغطي كامل حجم السرير أو وضع الأريكة على حافة السرير.
وفي الحمام، يبدو الشكل المائل عن طريق حوض الغسيل (أو حوض الاستحمام) البيضوي الناعم.
الأبيض الناصع من الألوان المفضلة على مدى فترة طويلة لما يوفره من مظهر نظيف وواضح ومعاصر
الألوان الخفية
هذه الألوان الخفيفة والخفية لا ترهق النظر بمدى سطوعها بل تريح المتلقي. ألوان محايدة ولطيفة تشبه درجات لون البشرة بما تخفيه وتحمله من تجدد وتنوع، مع اللون الوردي المستمد من لون الأرض بعد المطر والأخضر الخفيف، وهذا يعكس إحساساً بالهدوء والراحة ويظهر أهمية البساطة في جعل مساحة محببة لسكان البيت. ومع جلب ألوان الطبيعة إلى الجدران والأسقف، يتيح دخول الطاقات الإيجابية التي تحسن تفاصيل حياتنا اليومية.
وتكمل سلامة "يعتبر كل من الأبيض الناصع، ودرجات الرمادي الفولاذي، وغيرهما من الألوان المحايدة، من الألوان المفضلة على مدى فترة طويلة من الزمن، لما توفره من مظهر نظيف وواضح ومعاصر، لكن التفضيلات بدأت بالتحول باتجاه الألوان الأكثر دفئاً".
ويتوقع المتخصصون أن نشهد عودة لوحات الألوان الدافئة، والتوجه إلى ألوان الكريمات والبيج والأبيض الفاتح (نيود) إضافة للظلال الترابية الغنية لوناً، بما في ذلك الرمادي الداكن ودرجات الألوان المشتقة من لون الصدأ، مطبقة على الجدران والمفروشات وغيرها من الأثاث لتعزيز جو من الدفء والراحة والجاذبية، كما يقترح المصممون دمج درجات مختلفة من البني أو الرمادي الداكن مع درجات وردية ناعمة لتدفئة الغرفة وإضفاء أجواء سعيدة.
الخطوط المنحنية داخل المنزل تبدو جذّابة وترحيبية وتجعل النظر إليها يطول بعيداً عن الضوابط والقيود
ما هو "التصميم البيوفيلي"؟
تركز مصممة الديكور على أن التصميم "البيوفيلي" -ويعرف بالتصميم الحيوي- هو القادر على توفير حاجاتنا الفطرية للاتصال بالحياة وعملياتها الحيوية، ويعتمد على دمج الطبيعة وعناصرها في البناء الداخلي والخارجي في المناطق الحضرية، وإيجاد صلة وصل دائمة بين المشاريع المعمارية والطبيعة.
وهذه تؤدي بدورها إلى الحفاظ على الرابط الضروري بين الإنسان وبيئته الطبيعية، ونزعته الفطرية في البحث عن صلات مع الأنظمة الحية كأحد أشكال الحياة لعام 2022، مما يسهم بشكل أساسي في جلب الهواء الطلق إلى منازلنا من خلال المواد الطبيعية والألوان والنباتات.
وبحسبها، تأتي أهمية هذا الاتجاه من كونه مستوحى من الطبيعة المتجذرة في تركيبتنا البشرية الأساسية، والذي وفر الارتباط بها تاريخيا الطعام والملبس والمأوى للبشر، وصنع روابط في أدمغتنا تشعرنا بالارتياح لا شعورياً بوجود ألوان وخامات وأنماط الطبيعة، وهو الآن الإستراتيجية الأساسية لأي مصمم يسعى لجعل البشر ومحيطهم أكثر صحة وسعادة.
لقد تغير تفكيرنا كثيراً بعد انتشار الوباء بحيث بات كثير من الناس ينظرون إلى التصميم الداخلي من منظار جديد. واليوم، يركز الكثيرون على استخدام الأثاث والديكور والعناصر الأخرى المعاد استخدامها وتدويرها. وهذا الاتجاه المستدام سيستمر طالما أننا نواجه مشكلة بيئية كبيرة في العالم، كما تقول مصممة الديكور الداخلي سلامة للجزيرة نت.
المصدر : الجزيرة