تقول نكتة ذائعة إن الرجل، قد يتعرف على أربعة نساء في وقت واحد..وقد يتواصل مع ثلاثة بقوة..وقد يميل لاثنتين منهما..وفي النهاية يتزوج واحدة..إلا أنه في النهاية لا يحب إلا سيدة واحدة طوال عمره..ليست إحداهن! إنها أمه!
تلعب الأم دورا خطيرا في حياة ابنها، فهي الأنثى الأحن عليه مطلقا، وهي الوحيدة المستعدة لأن تغفر له أي شيء..فهو على نحو ما قطعة منها ومنبثق عنها.
قد لا تحب امرأة ما زوجها..لكن ابنها منه..هو ابنها هي فحسب! هكذا تعتقد.
تندهش الزوجة من خضوع غريب من الرجل تجاه أمه..خضوع ربما غير مبرر وغير مفهوم..فمهما كان الزوج قوي الشخصية ..أو متزن..أو متمرد..أو خارج عن السيطرة..فإنه دوما أمام أمه يتحول لحمل وديع..حتى فيما لا يعجبه..يكظم غيظه وينظر في الأرض ويسترضي أمه.
لا نتجاوز إن قلنا أن كل رجل بداخله امتنان طفولي صادق لأمه..امتنان للحظة عاد فيها من طفولته مغبرا متسخ الملابس وقد التقطته أمه وحممته ثم جهزت له وجبة شهية..امتنان لصبيحة يوم العيد وأمه تساعده في ارتداء ملابسه الجديدة..امتنان للحظات التوعك الصحي وسخونة الجسد التي كانت تداويها أمه وتسهر عليه فيها..
داخل كل رجل..ذكرى من مراهقته وأمه تتستر عليه في مصيبة ما فعلها..
داخل كل رجل حدس خالص ومعرفة غريزية بأن أمه هي التي ستحميه أبدا وسترعاه أبدا..
زوجته؟ قد تهجره وقد يطلقها...
أخته؟ قد يختلف معها لأي سبب..
ابنته؟ قد تحمل شعورا ما سلبيا تجاهه لسبب من الأسباب
أما أمه فهي السيدة الوحيدة التي ستغفر له نزواته التي لن تغفرها الزوجة..وستتجاوز عن تصرفاته التي قد ترفضها الأخت..وستتفهم قراراته وتسامحه على ما لم تسامحه الابنة عليه.
داخل كل رجل إكبار وتضاؤل حقيقي حيال السيدة الوحيدة التي رعته في أضعف وأرهف حالاته..حيال السيدة التي حملت له أولى بشارات البهجة في الحياة: الوجبة اللذيذة والملابس الجديدة والنومة الهانئة..
الرجل مع أمه..يمتن ويحب ويكافيء وينسكر بأثر رجعي..
الرجل مع أمه..يمارس نوعا من الوفاء نادرا ما يمارسه..
الرجل مع أمه يحس أنه إنسان، وأن الشيء الطيب بداخله مازال ينبض رغم كل تشوهات الزمن.