ألا إنَّ قلبي اليومَ ضَمَّ له قلباوجَدَّ،
وقد كان الهوى عنده لِعْبا
وجَدَّ هَواهُ بعدما لَعِبتْ بهِ
أفانينُ قَولٍ كان صادقُها كِذْبا
وكنتُ امرءًا حُرًّا فلا يأخذُ الهوى
بِعِطْفَيْهِ أو يُمسي له شوقُهُ رَبَّا
يُصرِّفهُ تصريفَ مَن دانَ قلبُهُ
فيُورِدُهُ ضِحْكًا ويُصْدِرُهُ نَحْبا
ولكن أصونُ القلبَ أنْ تَستميلَهُ
حبائلُ لا أُلْفي لأطرافها قَضْبا
ولستُ بِوَلَّاجٍ مَوالِجَ لا أَرى
مَخارجَها، أو جَرَّ مَوْلِجُها عَتْبا
ولا راحلٍ إلا إذا ذلَّ منزلي
ولا نازلٍ إلا بِحَيثُ أرى خِصْبا
فأمّا وقد أَلْفَيْتُ للقلبِ موضعًا
يُصانُ بهِ صَوْنَ البخيلِ رأى كَسْبا
فما أنا عنهُ صارًفا وجْهَ صَبْوَتي
ولو قيل: بعد الحِلْمِ صار بها صَبَّا
لقد زادني حُبًّا لنفسيَ أنني
وجدتُّ لنفسي عندها منزلًا رَحْبا
كما زادني حُبًّا لإسمِيَ أنني
وجدتُّ له في ثَغْرها مَنطِقًا عَذْبا
وقد زادني حبًّا لها أنها عَفَتْ
جِراحي، وآوَتْني لها مُثْخنًا قَلْبا
فكانت كغيثٍ ساقَهُ اللهُ رحمةً
على مُمْحِلٍ تشكو مناهلُهُ جَدْبا
أيوب الجهني